منة شلبي: أنا بنت يوسف شاهين

آخر حبات العنقود في موسوعة نساء يوسف شاهين السينمائية التي استهلت صفحاتها مع سيدة الشاشة العربية “فاتن حمامة” في أول أفلامه “بابا أمين” قبل أكثر من نصف قرن انتهاءً بـ”هي فوضى”.. منة قررت أن تتحدث عن المخرج العالمي يوسف شاهين فناناً وإنساناً في الوقت الذي لم يعد المخرج العبقري موجودا بيننا.

وتبادرنا منة شلبي باعتراف صريح بأن “هي فوضى” لم يكن مجرد فيلم في سجلاتها السينمائية بل كان بمثابة حدوتة عشق فريدة من أجل إبداع فني بأرقى المستويات ودرس خصوصي في مدرسة يوسف شاهين التي تعتبر ذائعة الصيت في اكتشاف المواهب الفنية.

ولا تنسى الفنانة منة شلبي ذاك اليوم الذي استدعاها يوسف شاهين للحضور إلى مكتبه في الصباح الباكر بينما اعتادت ألا تستيقظ قبل العصر مما جعل الموقف برمته لا يخلو من الطرافة قائلة: ذات يوم تلقيت اتصالاً من المنتج “جابي خوري” يطلب مني الحضور إلى مكتب شركة أفلام مصر العالمية في تمام الساعة الحادية عشر، وعندما أخبرته أن هذا أمراً متعذراً كوني لا أستيقظ قبل الساعة الرابعة عصراً ففوجئت به يقول لي أن الأستاذ هو من يطلب مقابلتي. لحظتها لم أتمالك نفسي من فرط المفاجأة و كدت أطير من الفرحة ووجدتني أبادره مؤكدة: على فكرة أنا “بايته” تحت المكتب.

تقرير عن المخرج المصري يوسف شاهين (الجزيرة)..شاهد

وعن كواليس اللقاء الأول الذي جمع بين منة شلبي ويوسف شاهين فترويها بحماسة قائلة: لم تكن المرة الأولى التي أتقابل فيها مع يوسف شاهين وجهاً لوجه فقد تقابلنا عقب العرض الخاص لفيلم “الحياة منتهى اللذة”، لكنني أعترف أن تلك المرة لم تكن مثل سابقتها فقد انتابتني مشاعر وأحاسيس متناقضة بين قلق وفرحة، رعب وسعادة، وعلى عكس كل ما كان يشاع من أنه عصبي وديكتاتور في تعاملاته فقد اكتشف يومها شخصية مغايرة تماماً إنسان سلس جداً في غاية البساطة والتواضع يترك لك العنان كي تتحدث كيفما تشاء لكن مشكلتي كانت في أن الكلمات هربت من على لساني ولم أعرف ما أقوله في ذاك اليوم سوى توقيع عقد الفيلم دون أي مناقشة في أية تفاصيل.

وتضيف: أما أكثر ما أدهشني في شخصية يوسف شاهين عندما اكتشفت في أول مقابلة معه أنه كان متابعاً جيداً لأدواري على شاشة السينما لاسيما في أفلام تلميذه المخرج خالد يوسف سواء “أنت عمري” أو “ويجا” وكذلك فيلم “الحياة .. منتهى اللذة” الذي أخرجته تلميذته منال الصيفي، وأدركت أنه يمتلك عين حساسة جداً ورؤية فذة لأداء أي فنان يظهر على الشاشة سواء كان دوراً صغيراً حتى أدوار البطولة لهذا لم يكن مستغرباً أن يعطي كلاً حقه ويشرف بنفسه على كل صغيرة وكبيرة لكل الأدوار الموجودة في الفيلم بلا استثناء، فالأدوار جميعاً متساوية من حيث الأهمية ولها نفس القدر من الاهتمام لديه”..

وتتابع منة: لقد كان يوسف شاهين مصدر افتخار لنا جميعاً نحن طاقم الفيلم أثناء تواجدنا في مهرجان “فينسيا” السينمائي الدولي العام الماضي، فلم نكن وجوهاً معروفة بالنسبة للمتواجدين هناك بينما الجميع بلا استثناء يعرف يوسف شاهين ويبادرون إلى مصافحته. يومها اكتشفت أن هذا الرجل ليس مجرد مخرج سينمائي عالمي فحسب بل هو تاريخ طويل من العمل والإجادة والاجتهاد حتى وصل عن جدارة واستحقاق إلى هذه المكانة الفنية الرفيعة.

منة التي مازالت تحصد حتى اليوم أصداء وردود الأفعال حول دورها في فيلم “هي فوضى” آخر أفلام يوسف شاهين لم يكن غريبا أن تصنفه كأهم أفلامها على الإطلاق منذ بداياتها الفنية قائلة: بكل تأكيد فيلم “هي فوضى” هو الفيلم الأكثر الأهمية في مشواري الفني القصير حتى الآن أو إن شئت الدقة هو دور عمري، وأعتبر أن مجرد ترشيح يوسف شاهين لي بمثابة قفزة فنية كبيرة في مشواري وهو ما جعلني ملتزمة جداً بالتعليمات والتوجيهات وأنفذها بالحرف الواحد لأنني كنت واثقة أنني سوف أجد نفسي على الشاشة بشكل مختلف، وكأي فنان عمل مع كاميرا يوسف شاهين استطاع هذا المخرج العبقري أن يخرج مني طاقات لم يكتشفها فيّ مخرج آخر من قبل، وكنت أرى نفسي كل يوم بشكل جديد، ومختلف تماماً معه، ومن ثم فأنا أدين له بالفضل.

مصراوي

Exit mobile version