أنت طالق.. نسبة الطلاق بالسودان «30%» «57» ألف حالة طلاق خلال عام واحد

أرقام الطلاق بالسودان آخذة في التزايد بوتيرة سريعة اقل ما توصف بها انها «خطيرة» وحسب آخر الدراسات ان نسبة الطلاق في السودان «30%» فاعلانات الطلاق عبر صفحات الصحف اليومية تثبت ذلك والتي تطالب من خلالها الزوجات عبر المحاكم الشرعية بالطلاق اما بسبب الغياب او «الاعسار» او لاسباب اخرى غريبة.. وحسب سجلات المحاكم الشرعية فان معظم حالات الطلاق لخريجات الجامعات ومن اغرب انواع الطلاق تلك التي تتعلق بالرجل الستيني الذي يتزوج بفتاة عمرها ثمانية عشر عاماً.ما هي الاسباب والدوافع التي ساعدت على انتشار حالات الطلاق وكيف نقلل منها للمحافظة على كيان الاسرة من التشرد والضياع؟
…..
إنت طالق
الطلاق هو انماء للعلاقة الزوجية بسبب من الاسباب واباحه الشرع عندما تصبح الحياة بين الزوجية مستحيلة، وتتباين اسباب الطلاق بتباين المجتمعات وتطورها واختلاف قيمها فمنها المنطقي الذي قننه الشرع بضوابط معروفة ومنها الذي يندرج تحت عناوين اخرى والشاهد الآن الكم الهائل من اعلانات المحاكم المنشورة في الصحف اليومية والتي تعلن الزوج لحضور جلسات تنظر في طلبات طلاق لاسباب مختلفة منها غياب الزوج وحالات الاعسار والهروب من مواجهة الواقع بمسؤولياته المشعبة فعبارة «انت طالق» تفتك بالمجتمع فتنطق احياناً في حالة من حالات الغضب او اليأس او الاحباط دون ادراك ضررها على الآخرين لا سيما الاسرة، وهذه الحالات الانفعالية اسهمت في ارتفاع معدلات حالات الطلاق في كثير من البلدان من بينها السودان وحسب آخر احصائية للسلطة القضائية في السودان والتي توضح قضايا الاحوال الشخصية للعام 2008م فعدد حالات الطلاق بلغت حوالى «57.870» حالة طلاق وحسب الخبراء المختصين فهي في تزايد مخيف كذلك هنالك دراسة اعدت اخيراً تقول ان نسبة الطلاق في السودان «30%» من العدد الكلي للزيجات المسجلة يعني ان بين كل «3» زيجات تحدث حالة طلاق واحدة وحسب الاستاذ يوسف بابكر عماري الخبير التربوي ان الاختيار الصحيح من اهم اسباب استمرار الحياة الزوجية ويقول من الافضل ان يأتي الحب بين الزوجين بعد الزواج لان بعض الازواج يستخدمون اسلوب الكذب والخداع وكلام الشعر المعسول قبل الزواج وبمجرد استلامهم قسيمة الزواج تبدأ الخلافات ويظهر كل منهما على حقيقته.
ويضيف ان من اهم الاسباب التي تؤدي الى الطلاق في الآونة الاخيرة الاسباب المادية لذا يجب ان يتم الزواج عبر مؤسسية وقناعة تامة من جانب الطرفين.
طلب المعارضة
الطلاق ظاهرة غريبة على المجتمع السوداني بهذه العبارات بدأت الاستاذة فاطمة ابوالقاسم المحامي امام محاكم الاحوال الشخصية حديثها وتقول: اذا نظرنا الى سجلات المحاكم فهنالك فرق بين الاحصائية الآن وفي الماضي فحالات الطلاق انتشرت بصورة مخيفة ومعظم الحالات لخريجات الجامعات والاسر العريقة ولبنات «جميلات» فالطلاق يهدد كيان الاسرة ويشرد الاطفال وربما يعرضهم للضياع ومن انواعه طلاق الغياب فمعظم حالاته يتم نشرها عبر الصحف اليومية ومن اسبابه الاغتراب فهنالك حالات غريبة في المحاكم كالزوج الذي عقد على طالبة وقبل الدخول بها سلمها وثيقة الطلاق فالطلاق للغياب طلاق بائن ويتم عبر سلسلة من الاجراءات والمعاناة من جانب المرأة وفي بعض الاحيان بعد ان يتم طلاقها حسب المادة «44» من القانون الجنائي وتتزوج برجل آخر وفي شهر العسل يظهر الزوج الاول ويقدم طلب معارضة للمحكمة بالزيجة ويأمر القاضي بالتفريق بينها وبين الزوج الجديد وتقول فاطمة على المشرع الا يعطي الزوج الغائب اي فرصة لطلب المعارضة بعد ان تم اعلان بالطرق البديلة للاعلان حسب المادة «44» لانه في مثل هذه الحالة تصبح المرأة بين زوجين ومن المستحيل زوجان لامرأة واحدة لذا اناشد جهات الاختصاص لعدم السماح لاي رجل تطلقت منه امرأة بسبب الغياب بتقديم طلب معارضة مرة اخرى لأن المرأة التزمت بالاجراءات كذلك من انواع الطلاق الطلاق للضرر بدعاوي السب والضرب واستعمال الالفاظ البذيئة ففي هذه الحالة تطلب المحكمة من المرأة احضار شاهدين ونادراً ما تكسب المرأة هذه القضية وبعد «90» يوماً ترفع دعوى طلاق للشقاق ويطلب منها القاضي حكمين واحد من اهلها والآخر من اهله ويمنحان فرصة للتشاور حول الطلاق واذا اختلفا تعين المحكمة حكماً ثالثاً من قبل المحكمة وبعد ذلك تصدر المحكمة قرارها بالطلاق البائن «ثلاثة» لا رجعة وهنالك نوع من الطلاق لعدم الانفاق ومن المستحيل ان تكسبه المرأة لانه عند حضور الزوج تمنحه المحكمة مدة شهرين للانفاق عليها ولكن هناك من يتحايل على هذا الموقف فبعد مرور المدة المقررة يحضر للمحكمة وبصحبته شاهدين لصالحه وعندها ترفض لرفع دعواها هذا النوع طلاق رجعي «غير بائن» بالاضافة الى طلاق العنة «العجز الجنسي».
أسباب الطلاق
لماذا انتشر الطلاق بهذه الصورة الغريبة في الآونة الاخيرة؟!
– تقول الاستاذة فاطمة ابوالقاسم الاسباب كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية ووفقا لسجلات المحاكم وحتى العام 1988م جاءت لمحكمة الاحوال الشخصية بامدرمان حوالى «888» امرأة فقط يطلبن الطلاق وفي العام 1989م ارتفع عدد الحالات الى «1107» حالات مما يعني ان عدد الحالات في تزايد مستمر وعزت ذلك الى ان معظم الزيجات تتم في الخفاء وقالت هنالك عمارات موجودة في العاصمة يتزوج فيها الرجال في الخفاء وهم الاثرياء الذين يتزوجون للمتعة فقط يستمتع بالجديدة في الايام الاوائل تلاعباً بماله وبعد ذلك يطلقها ايضاً من الاسباب الدافع الاقتصادي وظهور الزواج العرفي وتعدد الزوجات ومن موجبات تقليل حالات الطلاق تجب ازالة الضغوط الاقتصادية وتحسين الاوضاع المعيشية وتنظيم تعدد الزوجات وذلك بموجب تعديل قانون الاحوال الشخصية فيما يتعلق بالزواج وتحفظت الاستاذة فاطمة على الزواج الجماعي وقالت انه يقوم على أسس قانونية وشرعية وواقعية لكن هناك شباباً يقترنون بفتيات في الزواج الجماعي وبعد شهر العسل يهربون ومعهم الوثيقة ونصحت الفتيات التأكد من مقدرج الزوج وذلك عبر التحري الدقيق عن سلوكه واخلاقه وعمله وقالت هنالك فتاة عمرها «18» عاماً تزوجها رجل عمره «60» عاماً هذا التباين الكبير تسبب في طلاقها وامرأة اخرى وجدت ان زوجها له علاقة مع امرأة اخرى عبر النت فطلبت الطلاق لذا يجب على الازواج ان يلتزموا ويتحملوا المسؤولية.
المعايير الشرعية
الزواج رباط مقدس يقول «الاستاذ امير مكاوي» الامين العام لمنظمة احصان للحد من ظاهرة الطلاق هنالك ثلاثة محاور الاول الوقائي ويتمثل في الاختيار وفق المعايير الشرعية «تنكح المرأة لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» ومن جاءكم من ترضون دينه خلقه فزوجوه والمحور الثاني التثقيفي والخاص بتفاصيل الحياة الزوجية والاخير العلاجي «خدمة الوفاق بعد الطلاق» واصلاح ذات البين اي المعالجة المبكرة من الطلقة الاولى.
ويرى د. اسامة الجيلي استاذ علم النفس بجامعة النيلين ان تزايد حالات الطلاق في المجتمع مؤشر خطير ويعتبر من اول الاسباب عدم القدرة على التمييز بين الزواج كقيمة دينية والزواج كعادة اجتماعية فالذي ينظر الى الزواج كقيمة دينية يكون متجذراً في دواخله مدى اهمية هذه القيمة وهي اكمال نصف الدين وبالتالي يعرف الحياة الزوجية ويحافظ عليها ويحسن الاختيار ويراعي الأسس والقواعد في هذا الاختيار فاذا كان الرجل يراعي ذات الدين والمرأة تراعي ذات الاخلاق والدين بالتالي سنضمن ان زينة الحياة تسير بصورة هادئة، وبالمقابل الذي تنتفي في دواخله هذه القيمة لا يضع الأسس في الاختيار وينظر الى الزواج كأنه سلعة يمكن ان تباع وتشترى ولها مدة صلاحية، هذه النظرة يكتنفها كثير من المشاكل والعقبات وتفتقد الارضية السوية للتفاهم وتؤدي الى الطلاق لذا للحد من حالات الطلاق يجب الالتزام بالقيم الدينية وان يحسن الاختيار لانه المشاكل توجد في اي منزل والمشاكل يجب ان لا تتخطى جدران غرفة النوم وان يكون الشخص متماسكاً ولديه قدرة ودافع وان لا يختار من صغار السن.
تعديل السلوك
ويوصي استشاريو الطب النفسي بضرورة التدريب على لغة التفاهم والحوار والاشارات الصحيحة والسليمة والتي تزيد الثقة والطمأنينة بين الزوجين وتخفف من اشتعال الغيرة والشك مثل النشاطات المشتركة والجلسات الترفيهية والحوارات الصريحة اضافة الى الابتعاد عن مواطن الشبهات قولاً وعملاً ويؤكدون على ان الانسان يتغير وان ملامح شخصيته وبعض صفاته يمكن ان تتعدل اذا وجدت الظروف الملائمة واذا اعطيت الوقت اللازم والتوجيه المفيد يمكن للانسان ان يتعلم كيف ينصت للطرف الآخر وان يتفاعل معه ويتجاوب بطريقة ايجابية ومريحة وهكذا فانه يمكن قبل التفكير بالطلاق والانفصال ان يحاول كل من الزوجين تفهم الطرف الآخر وحاجاته واساليبه وان يسعى الى مساعدته على التغيير فالواقعية تتطلب نضجاً وصبراً واخذاً وعطاء واملاً كذلك يمكن للكلمة الطيبة ان تكون دواء فعالاً يراجع الانسان من خلالها نفسه ويعيد النظر في اساليبه.
المحررة
لا يمكننا ان نتوقع انتهاء الطلاق فهو ضرورة في بعض الاحيان وله مبررات عديدة في احيان كثيرة وهو ليس مرضاً وراثياً ولكن الجروح والمعاناة الناتجة عنه اضافة لبعض الصفات المكتسبة واتجاهات الشخصية المتعددة الاسباب كل ذلك يلعب دوراً في تكرار المأساة ثانية وثالثة لذا لابد من التنبه لهذه العملية التكرارية وتفهمها ومحاولة العلاج وتعديل السلوك.

الراي العام
تحقيق: منال حسين

Exit mobile version