بعد أن قطع الرئيس السوداني عمر البشير بأن انفصال الجنوب عن الشمال أصبح أمراً واقعاً وأن الجنوبيين صوتوا في الاستفتاء بنسبة 99% لصالح الانفصال بدأت الأمور في شمال السودان تتجه نحو ترتيبات وصفها كثير من المراقبين بالمعقدة لأن بتر ثلث مساحة السودان تعني فقدان الشمال لأهم مورد تعتمد عليه في تسيير كافة مناحي الحياة وهو البترول هذا إضافة إلى فقدان آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية وثروة حيوانية ضخمة توجد بجنوب السودان زد على ذلك التأثيرات الثقافية والاجتماعية التي نشأت بين الجنوب والشمال عبر آلاف السنين .ويتزامن ذلك مع حراك سياسي وتصاعد المخاشنات بين الحزب الحاكم والمؤتمر الوطني وأحزاب المعارضة التي ترى ضرورة إشراكها في الحكم عبر حكومة قومية عقب انفصال الجنوب.
ولعل هذه التأثيرات ربما تستدعي عملاً مضنياً وترتيبات عاجلة ومراجعة حقيقية للأوضاع السياسية والاقتصادية في شمال السودان.
وإن تباينت آراء المحللين والمختصين حول إمكانية شمال السودان من تجاوز هذه الأزمة إلا أنهم اتفقوا أن دولة الشمال ستعاني على الأقل خلال السنين الأولى من عملية الانفصال.
وكان السودان قد نال استقلاله من الاستعمار البريطاني في العام 1956م ومنذ ذلك الوقت تعاقبت عليه عدة حكومات أبرزها حكومة إسماعيل الأزهري 1956-1958، وتعتبر فترة حكم المشير جعفر نميري 1969-1985 من أهم الفترات التي مرت بها السودان، ثم جاءت حكومات الأحزاب إلى أن جاءت حكومة الإنقاذ بزعامة الرئيس البشير في العام 1989م وحتى الآن.
ويوجد بالسودان الآن أكثر من عشرين حزبا سياسيا خاضوا الانتخابات الأخيرة لكن أبرز هذه الأحزاب وأعرقها حزب الأمة، الحزب الاتحادي الديمقراطي، الحزب الشيوعي السوداني، والجبهة الإسلامية القومية والتي انشقت مؤخرا الى حزبي المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) والمؤتمر الشعبي.
وبإلقاء نظرة على مقومات وإمكانات دولة الشمال نجد أن مساحتها ستتقلص الى حوالي 750 ألف ميل مربع بعد أن كانت مليون ميل مربع في وجود الجنوب، كما سيقل عدد سكان الشمال من 39.154 مليون نسمة إلى حوالي 30 مليون نسمة حسب آخر إحصاء سكاني رسمي أجري بالبلاد عام 2009م. حيث يدين سكان الشمال بالدين الإسلامي دون منازع.
أما بالنسبة للّغلة فستحافظ دولة الشمال على اللغة العربية كلغة رسمية بجانب عدد من اللهجات المحلية التي تتعدد بحسب أصول وانتماءات كل ولاية من ولايات الشمال الخمسة عشرة ولاية أهمها ولاية الخرطوم، الشمالية، الجزيرة، البحر الأحمر، نهر النيل وولايات دارفور الثلاث.
وتعتبر العاصمة الخرطوم وسط السودان أهم المدن والتي تضم العاصمة الوطنية أم درمان، تليها بورتسودان، مدني، كسلا، الأبيض، القضارف، كوستي، دنقلا، عطبرة، الفاشر ونيالا.
بينما أبرز قبائل الشمال هم الجعليين، الدناقلة، الشوايقة، المحس، الحلفاويين، الرباطاب، البشاريين، الهدندوة، البني عامر، الرفاعيين، التعايشة، الفور، الزغاوة، والمسيرية.
أما بالنسبة لموارد الشمال فنجد أن السودان موحدا كان يعتمد في موارده المالية على تصدير النفط حيث شكل 92 في المئة من إجمالي عائد الصادرات، وبعد الانفصال سيفقد الشمال أكثر من 90% من هذه الإيرادات باعتبار أن النفط ينتج بالولايات الجنوبية.
وفي حال فصل الجنوب عن شماله يصبح شمال السودان يجاور ست دول بدلا من تسعة وهي مصر، تشاد، ليبيا، إفريقيا الوسطى، إثيوبيا وأريتريا.
يذكر أن التركيبة القبلية والإثنية المعقدة بالسودان أدت لعدة حروب أهلية أبرزها حرب الجنوب التي استمرت لأكثر من ربع قرن وانتهت بتوقيع اتفاقية سلام نيفاشا في العام 2005م والتي كان الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب أهم بنودها. كما وقعت الحكومة اتفاق سلام مع متمردي دارفور في أبوجا في العام 2006م وفي أواخر العام نفسه وقعت الحكومة اتفاقية سلام أخرى مع جبهة شرق السودان.
العربية نت