رحلة ألم ، مهداة لل …« طوارئ »

[ALIGN=CENTER]رحلة ألم ، مهداة لل …« طوارئ » ..!![/ALIGN] ** الأخ : الطاهر .. سلام من الله عليك .. دعنى اصطحبك معى فى رحلة مسائية . ومعذرة اذا سرح بك الخيال وتوقعتها رحلة نيلية يدندن فيها فنان طروب .. للاسف هى ليست كذلك ولكنها رحلة معاناة وألم عشتها امسية الجمعة ..
** بدأت الرحلة حينما لبيت نداء استغاثة من جارة تمت الى بصلة القرابة تجاورنى السكن فى الثورة الحارة 18 بالوادي .. والاستغاثة كانت تحمل بين طياتها ان ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات قد لدغته عقرب .. ولان لى تجربة مع العقارب وآلام لدغتها وخطورتها .. هرولت اليها مسرعا بسيارتى وكانت محطة الاثيرية الاولى مستشفى النو والتى وصلناها بعد جهد لزحمة الطريق المعتادة .. لم نجن من توقفنا بها سوى ان اعطى الصبى وسط صراخه حقنة مهدئة على ان نمضى الى صيدلية واحدة معروفة هى التى يتوفر فيها مصل العقرب…!!
** ومن ثم وجهتنا الطبيبة المناوبة بالتوجه الى مستشفى البلك لعمل اجراءات سلامة القلب والمضاعفات التى يمكن ان تنتج من السم.. لم نجد المصل بالصيدلية المذكورة، وكانت ذات الطبيبة قد اخبرتنا انه فى حالة عدم وجوده بالصيدلية علينا التوجه فورا الى الامدادت الطبية بالسجانة حتى لا نتعب انفسنا ونضيع زمننا ،ولكنى وللاسف لم اصغ لها بالا واتجهنا الى مستشفى البلك تحدونا امال عراض فى انهاء أزمتنا …!!
** ولكن كان الحال ياهو نفس الحال الذى ردد فى جواى صدى الألم والمعاناة.. وهناك لم نعثر على شئ وطالبنا بعض اطباء الامتياز بالتوجه الى مستشفى امدرمان .. وطمأنت والدة الطفل بان امدرمان بمستشفاها العريق لا يمكن ان تتناسى ان يكون هذا المصل على رفوف صيدلية حوادثها .. وان امدرمان التى تستعد غدا لافتتاح عدد من المنشآت الطبية لا يمكن ان تفتقر لابسط مقومات الحياة وانقاذها .. !!
** ولكن يبدو ان امدرمان بمستشفاها خيبت ظنى وهناك كانت المأساة الحقيقية، فالصبى باتت تظهر عليه علامات الخطر رغم جلده وصبره، وداخل حوادث مستشفى امدرمان طالبونا بالبحث فى الصيدليات وتحيرت انا كثيرا كيف يمكن لهذا المصل الاسعافى ان يتوفر فى الصيدليات، بل وطالبتنا الممرضة ان عثرنا عليه فياريت تجودوا علينا بقارورة اخرى مع الاصرار على ان نكمل ليلتنا بالمستشفى الذى يتأهب لاستقبال السيد الرئيس، وكأنهم يودون ان يعكسوا مدى اهتمامهم بالمرضى والا كيف تفسر اصرار مستشفى بالبقاء فيها دون وجود مصل ..!!
** وخرجنا نبحث فى صيدليات شارع الدكاترة لم نجد المصل وهذا لم يحيرنى ولكن ما حيرنى اكثر ان كثيرا من الصيادلة لم يعرفوا ماذا يفعل هذا الدواء المكتوب، فتبرعنا فى مرات كثيرة بان نزيد من حصيلة معلوماتهم انه مصل لسم العقرب ، خرجنا من شارع الكادترة حيث المئة صيدلية ونحمد ربنا على اننا اضفنا لهم معلومة قيمة .. اخذنا الصبى ومضينا تنهب بنا السيارة شوارع امدرمان فى طريقنا الى مدينة بحرى وتمنيناها ان تكون اكثر رحمة من العاصمة الوطنية ..!!
** وكانت البداية بحوادث أحمد قاسم وتكرر الحديث بذات الرتابة التى تقصم ظهر البعير « شوفوا الصيدليات هذا المصل غير موجود عندنا » ولاننى لم اكن استطيع ان اقنع والدة الصبى بان من الاستحالة ان يوجد هذا الدواء فى الصيدلية ظللنا نبحث دون جدوى…!!
** بالله عليك يا الطاهر لا تعطنى احساس الانسان اللاهث والذى تعب من مواصلة الرحلة، نعم اعلم ان الطريق متشابه ربوة ومنحنى ولكن القادم امر وليس احلى ..!!
** مضينا الى مستشفى بحرى التعليمى وفى قسم الحوادث لم يكن حظنا احسن من سابقه .. واصرار يفقع مرارة الواحد من قبل الاطباء..« فتشوا فى الصيدلية البرة ولازم الود ده يبيت هنا عشان ما تحصل ليهو مضاعفات .. طيب لو حصل ليهو مضاعفات وده اكيد فى ظل عدم اخذ المصل طيب حتعمل ليهو شنو..؟» … ويرتد الى صدى السؤال .. واخرج وانا ملدوغا من الغيظ .. وعبر كبرى المك نمر غادرنا بحرى الى الخرطوم .. لانو هناك الطيارة بتقوم .. وجدنا اخيرا المصل ونجا الصبى من موت محقق ، واطال المولى عز وجل عمره وكتب له عمرا جديدا ..!!
** هكذا كانت رحلة آلمنا .. تحكى احساس انسان عاش من الألم اكثر مما عاشه الصبى الملدوغ ..رحلة بدأت عند السابعة تماما وامتدت حتى الحادية عشرة .. !!
لك ودى وتقديري
اخوك
كمال سويكت
اعلامى

اليكم ..الصحافة-العدد 5948
tahersati@hotmail.com

Exit mobile version