أغلقت مساء اليوم الثلاثاء صناديق الاقتراع في مراكز التصويت بكافة أنحاء السودان في اليوم الثالث من استفتاء تقرير مصير الجنوب، وبينما كان الإقبال كثيفا في اليومين الأولين في الجنوب، فإنه ظل ضعيفا في الشمال، وخاصة في العاصمة الخرطوم، ويؤكد جنوبيون -التقتهم الجزيرة نت بعد الإدلاء بأصواتهم- أن هذا التصويت هو الوداع الأخير للشمال.
ويقول الجنوبي وليام جاك بعد إدلائه بصوته إن عملية التصويت كانت سهلة وخالية من المشاكل، وأكد أنه لم يتعرض لأي ضغط يدفعه لتحديد قراره في هذا الاستفتاء، مضيفا -في حديث للجزيرة نت- أنه لا يريد الوحدة وقد اختار الانفصال، فهو يعيش في الخرطوم منذ عشرين عاما، ولا يجد سوى العمل باليومية التي بالكاد تكفيه، موضحا أنه أرسل أسرته إلى الجنوب وسيلحق بها بعد الاستفتاء.
كما يؤكد الجنوبي أموس وجيه سهولة عملية الاقتراع وخلوها من المشاكل، وأن خيار التصويت في الاستفتاء تم بقراره وحده دون أي ضغوط، موضحا أنه عاطل عن العمل منذ سنتين، ويسكن منزلا متواضعا مع عشرة من الأبناء رحل ثلاثة منهم مسبقا إلى الجنوب، وسيتبعهم هو مع البقية بعد الاستفتاء إلى جوبا (عاصمة الجنوب) فهو ليس لديه ما يخسره في الخرطوم، على حد تعبيره.
أما الجنوبية ماريغريد واني، فتشير أيضا إلى سهولة ويسر عملية الاقتراع وخلوها من الشوائب، موضحة أنها تسكن في حي البركة بمنزل من أربع غرف ضمن أسرة من سبعة أشخاص، وسترحل إلى الجنوب مع الراحلين بعد الاستفتاء، رغم تأكيدها أنهم لم يتلقوا أي وعود من حكومة الجنوب بتأمين العمل أو السكن لهم حال رحيلهم.
الجنوبية ماريغريد واني تدلي بصوتها في صندوق الاقتراع (الجزيرة نت)
إقبال ضعيف
وشهد اقتراع يوم الثلاثاء إقبالا ضعيفا من الجنوبيين، حيث لم يتجاوز أكبر عدد من المقترعين من بين ثلاثة مراكز زارتها الجزيرة نت في منطقة بحري وشرق النيل 45 مقترعا، ولم تتجاوز نسبة المشاركة في أفضل هذه المراكز 48% من إجمالي المسجلين.
وأكد رؤساء تلك المراكز الثلاثة للجزيرة نت أن عملية التصويت تسير بسهولة ودون مشاكل كاليومين السابقين، وقد بين رئيس مركز “بركة جنوب مربع 4” مختار عبد الخالق أن كل مركز من مراكز الشمال يكون بحراسة ستة عساكر وضابطين على مدى 24 ساعة طوال أيام التصويت، كما أن كل مركز يضم في عضوية لجنة الاستفتاء ثلاثة جنوبيين وشمالييْن أحدهما رئيس المركز.
وفي هذا الصدد قالت المراقبة المحلية المبعوثة من حكومة جنوب السودان رجينا شادر أوكي للجزيرة نت إن عملية التصويت تسير بشكل طبيعي ولم يحصل أن اشتكى أي جنوبي، مشيرة إلى حالة فردية وحيدة أحضر فيها جنوبي بطاقتيْ تسجيل لم يعرف كيف أتى بهما، لكن سمح له الإدلاء بصوته مرة واحدة.
وبشكل عام يوضح رئيس لجنة الاستفتاء بالخرطوم بحري وشرق النيل عبد الله محمد أحمد للجزيرة نت أن نسبة الإقبال على التصويت في منطقته التي تضم 19 مركزا بلغت مع نهاية هذا اليوم 36% من إجمالي عدد المسجلين في تلك المراكز والبالغ عددهم 10428.
وعزا رئيس اللجنة ضعف الإقبال إلى الرحيل الطوعي لعدد كبير من الجنوبيين إلى الجنوب، لكنه اعتبر أن نسبة الإقبال جيدة مقارنة بالأيام الأولى للتصويت، منوها بأن هذا اليوم مر “بهدوء وطمأنينة وانسيابية عادية جدا” كاليومين اللذين سبقاه، حيث لم تصل أي شكاوى أو اعتراضات على عملية التصويت.
عضو وفد البرلمان الأوروبي جون أتارد مونتالتو (الجزيرة نت)
وفد أوروبي
من ناحية أخرى زار وفد من البرلمان الأوروبي عددا من المراكز في العاصمة الخرطوم واطلع على سير عملية التصويت.
وأوضح عضو البرلمان الأوروبي المالطي جون أتارد مونتالتو للجزيرة نت أن الاتحاد الأوروبي لديه وفدان في السودان أحدهما يمثل الاتحاد والثاني من البرلمان الأوروبي يضم خمسة أو ستة أعضاء من البرلمان، وهو تمثيل رمزي لا يكفي لمراقبة الاستفتاء في مراكز الاقتراع بعددها الكبير.
ويضيف أن زيارة وفد البرلمان الأوروبي تمت بدعوة من الحكومة السودانية، وتأتي إدراكا من البرلمان لأهمية هذا الاستفتاء، موضحا أن الوفد قسم نفسه إلى قسمين لتغطية أكبر عدد من مراكز الاقتراع في الخرطوم وأم درمان وبحري.
وتوقع مونتالتو أن تكون نسبة الإقبال على التصويت في مراكز الشمال ضعيفة، مشيرا إلى أنها حتى لو كانت مرتفعة فهي لن تعكس حقيقة رغبة الجنوبيين في الشمال، نظرا لأن منهم من رحل إلى الجنوب.
وأضاف أن غالبيتهم لم تسجل للتصويت في الاستفتاء، معبرا عن اعتقاده أن ذلك يعود إلى أن أمثال هؤلاء الجنوبيين قد اندمجوا في الشمال، وربما لديهم وظائف وعائلات ومتزوجون من شماليات، مما يجعل الراغبين منهم في البقاء مترددين بشأن التصويت.
الجزيرة نت