ها هي اللحظة التاريخية قد حانت بإنطلاق ساعة البدء في التوجه نحو صناديق الاقتراع التي تحمل بداخلها مصير أكبر قطر افريقي.. فمنذ الساعات الأولى ليوم أمس الأحد الذي طال إنتظاره للبعض ساد الهدوء شوارع العاصمة الخرطوم.. فحركة السير كانت أكثر سلاسة بالرغم من أنه يعد بداية اسبوع فكانت تغلب عليه صفة الازدحام إلا أنه وكغير العادة خلت الشوارع من ذلك المشهد وكأن لم يكن هنالك حدث تاريخي تدخله البلاد.. الطلاب توجهوا الى مدارسهم والعاملون الى قطاعات عملهم والهدوء «سيد الموقف».
خائفون من المصير
رغم أن الشارع السوداني في الخرطوم لم يعبر عن رأيه حول تقرير المصير القادم بالهتافات والمسيرات إلا أن ثمة آراء حبيسة خرجت من صدورهم لحظة سؤالنا عن ما إذا كانت النتيجة لصالح الخيارين «الوحدة أو الإنفصال».. محمد جمعة شاب في مقتبل عمره يقضي سحابة يومه يقلب في القنوات الفضائية حيث قضية الساعة «تقرير مصير الجنوب» في كل القنوات.. فشعر بشيء من الحزن وهو يتابع التقارير المصورة للوجوه الأبنوسية وهي تهتف «باي باي خرطوم».. و«طلاق بالتلاتة» وغيرها من الهتافات التي تعزز وجهة نظر إنفصالية.
تمزيق الوطن
لم يكن محمد وحده الذي كان يتابع مجريات الأحداث في وطنه عبر شاشات التلفزة فقد كان عبدالنبي جادين هو الآخر يتابع حيث قال إن عينيه دمعت عندما رأى خريطة السودان باعتبار ما سيكون وقالها في نفسه أنظروا نحن نتمزق والله أعلم بما تخفيه الأقدار لهذه الأرض.
في وادٍ آخر
بينما انشغل البعض بتداعيات المرحلة فإن هنالك آخرين يحلقون في وادٍ آخر.. وهو حديثهم عن ضرورة العطلة تحسباً لأية تفلتات قد تحدث رغم الهدوء.. وقال أحدهم وهو يبدو وكأنه غير مهتم بما يحدث معللاً ذلك بأنه يعيش في بلد المفاجآت وقال بما أن كل المؤشرات تتجه ناحية الإنفصال فقد نفاجأ بترجيح كفة الوحدة في الزمن بدل الضائع ويكون هدفاً ذهبياً.
أين يذهب هؤلاء؟
«استيفن أكول» ذلك الصبي الذي اعتاد الجلوس أمام محلات العطور بالسوق العربي لم يغب عن عمله كبقية زملائه الذين توقعوا الشغب فمنحوا أنفسهم «عطلة».. في حين ان استيفن عبر عن رأيه بأن تقرير المصير لا يعنيه رغم إنتماءه لجنوب السودان لأنه لا يعلم شيء عن أسرته هو وكثيرين من أمثاله فأين يذهبون؟
الخرطوم تطوي الصفحة ا لأولى لأول أيام الاستفتاء وشوارعها شهدت هدوءاً تاماً أو شبه عطلة لخوف البعض بسبب الشائعات التي سبقت يوم أمس.
الراي العام