لم يكن يدور بخُلدها أن الأمر سيودي بها إلى هذا الحد وينتهي بها إلى نهاية مؤلمة كهذه. فقد كان الأمر مجرد عبث بسيط بعيد عن أعين الأهل، وكانت مطمئنة تماما ًإلى أن أمرها لا يعلم به أحد! ولن يعلم به أحد.. حتى حانت ساعة الصفر ووقعت الكارثة!. زهرة صغيرة ساذجة يبتسم المستقبل أمامها، وهي تقطع الطريق جيئةً وذهاباً من وإلى المدرسة. كانت تترك لحاجبها العنان يذهب مع الهواء كيفما اتفق، فيتطاير شعرها مع الهواء بلونه الأسود جالباً الفتنة للمحرومين والمهووسين بالفتيات.
بالطبع لم تكن في منأى عن أعين الذئاب البشرية التي تجوب الشوارع لاصطياد الظباء الساذجة الشاردة. لم يطُل الوقت حتى سقط رقم هاتف أحدهم أمامها، فلم تتردد أبدا ً في التقاطه ومن ثمّ التعرُّف عليه، فإذا هو شاب أعزب قد نأت به الديار بعيداً عن أهله، وسكن وحده في الحي. رمى حول صيده الثمين شباكه، وأخذ يغريها بالكلام المعسول، وبدأت العلاقة الآثمة تنمو وتكبر بينهما، ولِمَ لا والفتاة لا رقيب عليها ولا حسيب.. فهي من أسرة قد شتّت الطلاق شملها، وهدم أركانها الخلاف الدائم بين الأب والأم، فأصبح البيت بلا عمود يحمله.
ألحّ عليها الشاب الأعزب أن يراها، وبعد طول تردُّد وافقت المسكينة. وليتها لم توافق، فقد سقطت فريسة سهلة في المصيدة بعد أن استدرجها الذئب إلى منزله ولم يتوان لحظة واحدة في ذبح عفتها بسكين الغدر وافتراسها. ومضت الأيام وهي حُبلى بثمرة المعصية، تنتظر ساعة المخاض لتلد جنيناً مشوّهاً ملوّثاً بدم العار، لا حياة فيه ولا روح، وتكتشف الأم فتصرخ من هول المفاجأة والفاجعة، فكيف لابنتها العذراء ذات الأربعة عشر ربيعاً أن تحمل وتلد؟. أسرعت إلى الأب لتخبره وليتداركا الأمر ولكن هيهات، فالحمامة قد ذُبحت ودمها قد سال، والنتيجة إيداع الذئب السجن، والفتاة إحدى دور الرعاية الاجتماعية.
صحيفة الأهرام اليوم