خليك صاحي

[ALIGN=CENTER]خليك صاحي [/ALIGN] تختلف ردود أفعال الناس عند مواجهة الخطر .. مثلا إذا كنت تسير في الطريق وانت مستغرق غاية الاستغراق في عد غنم ابليس، وفجأة هجم عليك كلب من النوع المستذئب (الطلع جديد) أو النوع القديم العادي .. إذا حدث معك هذا الحادث المؤسف فإنك حتما ولابد ستتصرف باحدى الطريقتين، أما أن تطلق ساقيك للريح وقد تطلق معها حنجرتك بالصراخ كعامل محفّز للجكّة، أو أن تتجمد في مكانك من الخلعة، فبالرغم من أنك في الحالتين أنت ضايع ، ولكن طريقة تعاملك مع الحادثة أو (السكّة) تبين مقدار استجابتك الغريزية للتعامل مع الحوادث الفجائية ..
التخشب (التجمد كقطعة خشب) والعجز عن التصرف في مواجهة الحوادث الغير سعيدة، يمكن أن يشمل خلعة الامهات عندما يسقط أحد الاطفال أو يتعرض للأذى، كحال قريبتي التي تتصلب في ذهول إذا ما سقط أحد ابنائها على الارض، وتكتفي بالقول في استسلام: (سجم أمو خلاس مات .. ما حي) دون أن تتقدم لترفعه عن الأرض أو تحاول أن تسعفه ..
التيقظ والتصرف بالطريقة الصحيحة عند مواجهة المخاطر، ترتبط بسرعة البديهة والفطنة وهي هبة من الخالق سبحانه وتعالى، ولكن في الامكان زيادتها وتطويرها بواسطة التدريب، مثل أن نتخيل ونتوقع مواقف معينة ونحاول تنظيم خطواتنا لمواجهتها بصورة سريعة، وهكذا نتعلم سرعة السيطرة وحسن التعامل مع المواقف الصعبة ..
في تجربتي الأولي مع الأمومة عانيت ما عانيت من البرلمة وعدم معرفة كيفية التصرف الصحيح في المواقف الحرجة، ومن ذلك ما حدث عندما أدخلت ابنتي البكر للروضة فقد عادت يوما بـ (طباشيرة) وجلست تلعب بها .. لم انتبه لها عندما رقدت على ظهرها وهي تواصل اللعب، وفجأة سقطت قطعة الطباشير داخل انفها وانحشرت فيه .. بدأت الصغيرة في الصراخ فانهارت اعصابي .. حاولت التقاطها بالملقاط أو سحبها للخارج ففشلت وانزلقت القطعة للداخل أكثر .. قفزت برعب والتقطت عبائتي و(قلبتها فيني) لاسرع بالصغيرة للمستشفى، وهنا تدخلت مدبرة المنزل وحملت الصغيرة ثم اغلقت احدى فتحتي انفها وطلبت منها النفخ بقوة حتى سقطت قطعة الطباشير !!
بهذه البساطة حلت المعضلة مدبرتي التي تصغرني بالعديد من السنوات، يومها قررت أن لا اسمح مرة أخرى للارتباك أو الخوف من أن يحجب عقلي من التصرف الصحيح عند تعرض احد صغاري للخطر.
مواجهة المواقف الخطرة ايضا تحتاج لـ (التمرين) مثلا تخيل أن يندفع أمامك طفل ويسقط فجأة تحت عجلات سيارتك، أو كيف تتصرف أن تعرض أحد اقربائك لصعقة ماس كهربائي أو ابتلع ابنك لقمة كبيرة فاعترضت حلقه و(خنقتو) ..
ومع تنامي المخاطر التي يتعرض لها الاطفال خارج المنزل من خطف واعتداءات، يجب أن نهتم بتوعية صغارنا لكيفية التصرف عند تعرضهم لواحدة من تلك المخاطر، وان لا يستسلموا في مسكنة النعاج لذئاب الطرقات ..
ذات مساء كان (عاصم) عائدا للبيت مع اطفاله من زيارة جدتهم .. جلست ابنتيه الاكبر مع اخيهم الصغير في المقعد الخلفي للسيارة، بينما جلس ابنه ذو الخمس سنوات بجواره في المقعد الامامي .. توقف (عاصم) على جانب الطريق ونزل ليشتري شيئا من البقالة، فانشغل الصغار بالونسة والجوطة وفجأة .. انفتح باب السائق وركب السيارة رجل ضخم الجثة يرتدي جلابية ويحمل في يده مجموعة من الاوراق ألقى بها فوق الطبلون ثم ادخل مفتاحه في السوتش وبدأ في المعافرة لتدوير السيارة !
طوال تلك الحركات كان الصغار يجلسون في سكون، وينظرون للرجل بذهول دون أن (ترمش) لهم عين مجرد رمشة بسبب الخلعة .. عاندت السيارة ورفضت الدوران فاخرج الرجل المفتاح ونظر له في حيرة ثم التفت ناحية اليمين لابن (عاصم) والذي كان يجلس هو أيضا بنفس الخلعة يراقب الرجل في اندهاش ..
نظر الرجل للصغير في حيرة ثم انتبه أن في السيارة مجموعة أرواح أخرى فالتفت للخلف يحملق فيهم واحدا واحدا، فبادلوه الحملقات في براءة وفجأة خبط الرجل على جبينه في حرج بالغ وقال:
يا جماعة أنا اسف اظن ركبتا لي عربية بالغلط
ثم حمل أوراقه في سرعة ولهوجة ونزل من السيارة .. واصل في الاعتذار لـ (عاصم) الذي عاد مسرعلا عندما انتبه للموقف، واشار له ناحية سيارة كانت تقف خلف سيارتهم تماما:
معليش عربيتكم بنشبة عربيتي الخالق الناطق !!
ركب (عاصم) سيارته والتفت لابنائه صائحا من شدة القلق:
اتبكمتوا؟ واحد فيكم يصرخ مافي .. يعني بالطريقة دي ممكن يخطفوكم زي السلام عليكم !

طائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version