«سوق النسوان» بأم درمان .. حضور دام لأكثر من مائة عام

العديد من الحبوبات تضيئ خدودهن الحنينة شلوخٌ ترمز للأصالة والنقاء، تجمّعن داخل (سوق النسوان) بأم درمان، المكان الذي خصصه لهن الخواجة (برمبل) عند افتتاح السوق عام 1907م.. إذ جلست على (بنابرهن) الحالية حبوباتهن ثم أمهاتهن، والآن جاء دورهن لدفع المسيرة التي حافظن فيها خلال مائة عام، يبعن ذات السلع السودانية التي تخص المرأة دون زيادة أو نقصان.
«الأهرام اليوم» التقت الحاجة «نفيسة القمري»، من مواطني أم درمان، فقالت إنها دخلت السوق منذ عشر سنوات، غير أن أمها ظلت فيه لأربعين عاماً حتى رحيلها، وجدَّتها كانت من أوائل النساء اللائي أسَّسن سوق النسوان بأم درمان عام 1907م مع قيام (الزنك). وعن نشاطها أبانت أنها تبيع كل ما يتعلق باحتياجات المرأة السودانية العامة والخاصة مثل «الدايوك»، حطب البخور، حطب الدخان، عبايات الدخان، الودك، الجردقة، المحريب، زجاج الأرياح، علب المربة الفارغة وأدوات الجرتق.
وعن إقبال الجمهور أوضحت أنه أفضل من السابق، خاصة وأن والي الخرطوم الدكتور عبدالرحمن الخضر وجّه بعدم تحصيل رسوم العتب والنفايات والرخصة وكافة الضرائب وغيرها، من جميع الحبوبات العاملات بسوق النسوان. وأعلنت باسم جميع الحبوبات أنهن مبسوطات من المحلية وتجار السوق وعماله.
أمًّا الحاجة «قسيمة خالد القمري»، فقد قالت إنها مواطنة أمدرمانيَّة وحضرت أواخر أيام الاستعمار، وأنها كانت صبيَّة (حليوة) وشاهدت فرسان السودان يُخرِجون المستعمر والفنانة عائشة الفلاتيّة تغني للجيش وهي وصويحباتها يرددن: (يا غريب يلاَّ لي بلدك)، وبعد ذلك عاصرت كل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم السودان.
وعن ما تعرضه للبيع من بضاعة للجمهور، قالت إنها تبيع المنتجات المحلية للنساء مثل المِرس، الكول، الويكاب، المحريب، الشرموط، وفي رمضان تبيع الآبري الأحمر والأبيض والرُّقاق. وأردفت أنها وُلدت بحي السوق بأم درمان جوار فندق عازة ومازالت تقطن هناك، وأضافت أن قبيلتها بكاملها في هذا الحي الذي شهد مولد أمها أيضاً، وأبانت أن عوائل الأسر الكبيرة ما زالت تتردد عليهن في سوق النسوان مثل آل أبو العلا، الميرغنية، آل المهدي، وآل البرير خاصة الدكتور عبدالملك البرير الذي وصفته الحاجة بـ (ولدنا وساكن معانا وبحمي حمانا). وعن الاستفتاء طالبت بأن يتم (الصُّلح) لتصبح البلد واحدة وهي لا تؤيد الفكرة من أساسها.
الحاجة مدينة حمد قالت إنها قَدِمت من رفاعة قبل (25) عاماً وأبانت أن أهلها برفاعة كانوا أول من افتتح مدرسة لتعليم أبناء الجنوبيين القراءة والكتابة، وهي مع وحدة السودان، وتبيع ذات السلع التي تعرضها زميلاتها بجانب أشغال السعف.
الحاجة «عزيزة عبدالرحمن قادر»، من العباسية تقلي، قالت إنها مع الوحدة ومبسوطة في السوق الذي دخلته قبل (15) عاماً ولا تعاني من أي مشاكل.
وختمت «الأهرام اليوم» الجولة بإفادات الحاجة «فاطمة نور الدائم» من أم درمان التي طلبت من كل (المتعلمين) في البلد أن يسعوا لرفعتها وأنشدت:
بوصيكم علي السيف السنين أسعوهْ
بوصيكم علي ضيف الهجوع عَشّوهْ
بوصيكم على الفايت الحدود واسُوهْ

الأهرام اليوم

Exit mobile version