معركة فتاة الانترنت .. مشكلات أهم

في خضم الاحداث المتلاحقة والتحديات الخطيرة التي تواجهها البلاد انشغلت اقلام عديدة بواقعة فتاة الانترنت وملابسات شريط الفيديو الذي بثه موقع اليوتيوب وتناقلته المواقع الاخرى وبعض القنوات الفضائية. من بين هذه القضايا شبح الانفصال وتمزيق السودان الى دويلات والتدخل الاجنبي بعد ان اعلنتها الحركة الشعبية صراحة على لسان قياداتها داخل السودان وخارجه بانها تدعو اهل الجنوب للتصويت لخيار الانفصال ويعتبرونه الافضل لسكان الجنوب. ويرون ان الانفصال يجلب السلام بينما الوحدة تشعل الحرب والاقتتال بين الجنوب والشمال. واتبعت قولها فعلاً حينما ألغت قيام الدورة المدرسية بالجنوب وبددت آمال السودانيين في الوئام ولم يقف الامر على ذلك بل تعرض عدد من الطلاب وهم في طريق عودتهم لاصابات بالغة أثر حادث حركة اليم فتكسرت عظامهم «الغضة» بعد أن تجرعوا كؤوس خيبة الامل وتبدلت ابتسامات الفرح الى حزن وانكسار فضلاً عن الاموال الهائلة التي صرفت لاجل اقامة الدورة المدرسية بالجنوب دفعا للخطوات المتسارعة التي تقوم بها الحكومة لوحدة السودان ولكن الحركة الشعبية قطعت الطريق امام اية خطوة نحو الوحدة.. بل أن خطواتها تسارعت نحو الانفصال واعدت عدتها وكان آخر خطواتها بان رممت القصر الرئاسي بالجنوب واعدته جيداً استعداداً لاستقبال رئىس دولة الجنوب بعد التاسع من يوليو.
والبلاد ايضاً تواجه تفلتات حركات دارفور المسلحة وتمرد قوات مناوي الذي احتمى بالحركة الشعبية في الجنوب وبدأ في نقل قواته الى الجنوب قبل ان تشتبك بالقوات المسلحة في طريقها للجنوب.. وتفتت الحركات المسلحة الاخرى ورفضت الانضمام لركب السلام. والسودان يواجه ايضاً مخططاً تقوده جهات «معروفة» ليتزامن تنفيذه مع ميقات التصويت بهدف احداث الفتنة بين الشمال والجنوب. فالمعلومات الموثوقة تؤكد مخططات تلك «الجهات» لجعل اتفاقية نيفاشا اداة لاشعال الحرب وتمزيق السودان. في ظل هذه الاجواء والبلاد تقبل على استفتاء يُطعن في مشروعيته ومفوضيته قد يجر السودان الى هاوية الضياع.. تنشغل اقلام وكتابات صحافية بشريط فيديو بث بموقع يوتيوب يصور مشهد عقوبة قضائية نفذت بحق احدى الفتيات المدانة بموجب المادتين (154 – 155) من القانون الجنائي 1991م.. والفتاة التي تباكى على (جلدها) عصبة من الكتاب و(عشاق) التصفح على الانترنت لم تكن عقوبتها هذه هي الاولى بل سبق ان عوقبت اكثر من ثلاث مرات في قضايا اخلاقية فالجلد هي العقوبة التي تستحقها هذه الفتاة وقد نفذت الحكم شرطة المحاكم وليست شرطة النظام العام «المفترى عليها» والتي انبرت اقلام عديدة في انتقادها وتحميلها مسئولية «تعذيب» الفتاة بحسب تعبيرهم وادعائهم فالقضية ليست في كيفية الجلد فهذه مسألة يمكن ان تحسمها الجهات المختصة ولكن القضية الاهم التي اغفلتها تلك الاقلام لماذا تم بث الشريط في هذا الوقت بالذات بينما العقوبة نفذت منذ فترة طويلة ومن الذي صور الشريط حتى وجد طريقه لموقع الانترنت ومن ثم تم تداوله عبر المواقع الاخرى والصحف، التي شككت في انسانية الشرطة السودانية وضعف قدرات السلطات القضائية واتهمت شرطة النظام العام بانفاذ احكام مهينة للمرأة السودانية.. بينما ذات الشرطة طالبتها احدى المحكوم عليها بقانون النظام العام عندما ضبطتها بملابس فاضحة في مكان مشبوه طالبت الشرطة بتنفيذ عقوبة الجلد ورفضت دفع الغرامة حينما خيرتها المحكمة بين الجلد ودفع الغرامة.
هذه التناقضات التي تزعمها جهات ذات اجندة مكشوفة تريد جر البلاد الى مزايدات سياسية هي في غنى عنها وقد بث الشريط بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الانسان.. للتدليل على ان المرأة بالسودان تنتزع حقوقها وتهان كرامتها ودليل ذلك المسيرة التي نظمتها مجموعة من النساء تسمى نفسها «لا لقهر النساء» طالبت وزير العدل بالغاء قانون النظام العام واعتبرته انتهاكاً للدستور.
هؤلاء النسوة اللاتي تقدمن بطلباتهن هذه لا يدرين وقد يدرين ولكن يتجاهلن ذلك ان عقوبة جلد تلك الفتاة لم تنفذها شرطة النظام العام ما يعني ان قانون النظام الذي يطالبن بالغائه لا علاقة له بالعقوبة لان الفتاة عوقبت وفقاً لنص المادتين (154 -155) من القانون الجنائي ومعروف الجرم الذي بموجبها يدان المتهم!!
فالعقوبة في الاصل حماية للمجتمع وليست ضرباً من الارهاب وانتهاك حقوق الانسان كما يزعم اصحاب الاجندة الخاصة والعلمانيون!
كما ان المرأة السودانية معروفة من بين نساء كل العالم بالاحترام والتقدير الذي يكنه لها المجتمع السوداني.. ومن قبل فان الدين الاسلامي كرمها ووضعها في مكانة عالية فهي لا تحتاج الى اتفاقيات عالمية او قوانين دولية تحميها ولكن ان اخطأت فانها تجد العقوبة مثلها مثل الرجل كما اقر بذلك الشرع والدين الاسلامي.
ولكن ذلك لا يعفي الجهات المعنية ان تكشف عن الذي صور الشريط وبثه ونشره وأسهم في تداوله على اوسع نطاق وكاد ان يحدث فتنة بين ابناء السودان وتوقع عليه اقصى عقوبة فتلك الاقلام الصحفية التي انشغلت بالموضوع وقتاً من الزمن كان الافضل ان تتضامن من خلال حملات اعلامية مكثفة تساند وحدة السودان وتوحد الجبهة الداخلية ضد من يريدون تمزيق البلاد.

تقرير: سامية علي
الراي العام

Exit mobile version