لا يلفت نظر الانسان سوى الشيء الغريب الذي يخالف العادة، ولذا فعندما نتاول اليوم موضوعنا بالعنوان اعلاه فقد لاحظت شيئاً غير عادي تعجبت له بداية هذا الاسبوع وتساءلت هل كان مقصوداً أم جاء كعرض طارئ لم يكن بد منه أو جاء صدفة… المهم ما لاحظته لم يكن من عادة التلفزيون القومي رغم أنه يفترض ان تكون من عادته حسب دستور جمهورية السودان الانتقالي لعام 2005 م.
في يوم الاحد 10 يناير 2010 م وفي الحصاد الاخباري للنشرة الرئيسية للساعة العاشرة مساء شاهدت ما يستحق الاعجاب في التلفزيون لأنه نادر ما يحدث مثل ذلك، سواء أكان ما حدث مقصودا ام غير مقصود فهو يستحق التوثيق حسب رأيي. فالتقرير الذي تناول احصائيات القتلى بسبب الاحتراب والاقتتال القبلي بجنوب السودان كان مليئاً بالأرقام مما يدل على دقة معده، وهذه الأرقام سادتي ليست عن تنمية حدثت في الجنوب انما توضح القتلى والضحايا. ولنذهب اكثر في ما نال اعجابي هو ان التلفزيون لم يتوقف هنا كعادته التي اعرفه عليه لكنه عرض تقريراً من اكوبو بصوت الزميل لام كوي لام وفي ذلك التقرير تحدث تلفونياً السيد قير شوانق وزير داخلية حكومة الجنوب من جوبا، وتم عرض تصريحات لكل من السيد فيليب طون ليك وزير النقل والمواصلات والطرق والجسور الاتحادي، والسيد اتيم قرنق نائب رئيس المجلس الوطني، والسيد رياك قاي كوك مستشار رئيس الجمهورية وثلاثتهم كان يتحدث من داخل اكوبو. وفي داخل الاستوديو بالتلفزيون كان السيد داك دوب بيشوب والي ولاية اعالي النيل سابقاً جالساً ويجيب على الاسئلة التي تقدم بها المحاور.
على كل حال ليس المطلوب من التلفزيون اقناع المشاهدين بصحة ما يعرض لكن ابراز وجهات النظر بطريقة عملية كما فعل في ذاك اليوم بجعل المشاهد يجد نفسه قد اكتسب الاحترام من قبل هذا الجهاز لأنه له الخيار في تحليل ما شاهده وسمعه وليس عليه فقط التسليم برأي واحد من زاوية واحدة. ففي ذلك اليوم لم تكن وجهة النظر واحدة.
اهم النقاط التي لخصتها من حديث السيد داك دوب بيشوب والي ولاية اعالي النيل السابق التي يقول بأنها سبب في الاقتتال بالجنوب هي اولاً غياب ثقافة السلام ثم الاختلاف على المراعي وثالثاً غياب الوعي السياسي بالجنوب وسيادة ثقافة القبيلة التي تحتل المركز الأول ورابعاً غياب تنمية الطرق بالجنوب. وقد شبه داك دوب بيشوب الوضع في الجنوب بما يحدث في الصومال.
على كل حال لا اعرف هل كان طاقم اخبار ذلك اليوم في كامل وعيه أم ان هناك فراغا حدث فتم ملؤه أم صدفة أن يعرض هذا العدد الكبير من ابناء الجنوب في قضية تعتبر مهمة لهم وخاصة إذا علمنا بأن كل المذكورين عدا قير شوانق من اقليم اعالي النيل الكبرى وهم اصحاب الوجعة الحقيقية بما فيه مراسل التلفزيون زميلنا لام (جون) كوي؟؟؟!.
لويل كودو – السوداني -13 يناير 2010م