الطيران المدني …المعادلة المطلوبة -2

[ALIGN=CENTER]الطيران المدني …المعادلة المطلوبة ..(2)[/ALIGN] ** قلت فيما قلت البارحة ، إن قانون الطيران المدني ينص على فصل الجسم الرقابي عن الجسم التشغيلي ، وأن المنظمة الدولية للطيران المدني – الإيكاو – توصي بذلك ، بحيث تتفرغ السلطة الرقابية لمهامها التنظيمية دون أن تشغل ذاتها بالأدوار الخدمية التي يجب أن يؤديها القطاع الخاص عبر شركاته.. وعلى هذا الوضع ستتم عملية إعادة هيكلة الهيئة العامة للطيران المدني ، دون إلغاء الوظائف ، كما قالت إدارة الهيئة في لقائها الأخير بالإعلام يوم السبت الفائت ..أكرر ، للتوثيق : نفت إدارة الهيئة تهمة إلغاء الوظائف ، وهي التهمة التي ترفعها نقابة العاملين في وجه الإدارة منذ نصف عام تقريبا ، حيث قالت عن تلك التهمة بالنص : ( هذا غير صحيح ) ..!!
** ثم أضافت الإدارة بأن هناك لجنة وزارية تضم وزراء ( العدل ، الدفاع ، العمل ، الصناعة ، المالية و الإستثمار) ، مكلفة بمهمة توفيق أوضاع العاملين وفقا للقرار الصادر من رئاسة الجمهورية ..ويجب أن نقف عند ( توفيق أوضاع العاملين ) ، ونسأل بكل توجس : كيف سيتم هذا التوفيق ..؟..فالسؤال مهم ، ولا يقل أهمية عن تطوير الهيئة بتطبيق توصيات المنظمات الدولية ومنها : ضرورة فصل السلطة الرقابية عن السلطات الخدمية والتشغيلية ..مع التأكيد على أهمية المواكبة والتحديث ، سألت مدير عام الطيران المدني – المهندس محمد عبد العزيز – عن مصير العامل الذي قد يتأثر بهذه العملية ، فأجاب بأن الهيئة لن تستغنى عنهم جميعا ، وكذلك ثمة خطة لمعالجة أوضاعهم بحيث لايكون هناك ضررا ولاضرار في حال بقاء العامل أو مغادرته ، وأن سيادته يحسب نفسه عاملا بالهيئة ، ولايعقل أن أظلم أو أضر قطاعا أنتمي إليه ..هكذا أجاب ..!!
** وعليه ، كما قلت سابقا ، يجب التوفيق بين تطوير الهيئة وفق قانونها الجديد الذي يتوافق مع المعايير الدولية والأخذ في الإعتبار عدم إعادة تجارب المؤسسات التي تمت خصخصتها دون وضع خطة درء لآثارها على العاملين .. تلك هي المعادلة التي يجب أن تشغل بال تلك اللجنة الوزارية ، خاصة أن عدد العاملين بهذه الهيئة مهول ( خمسة الف وثمانمائة عامل ، ( 95 % منهم يعملون في الإدارات التشغيلية ) .. والحقيقة المؤسفة والتي لامفر من ذكرها هي أن هيئة الطيران – كما السواد الأعظم من مرافق الدولة – مصابة بداء الترهل .. وقد لايصدق القارئ إذا قلت بأن هيئة الطيران بها أكثر من ( 450 موظف ) في الإدارة المالية فقط لاغير .. تخيل .. ثم تخيل أن بها أكثر من ( عشرين ترزي ) ..أنا ماعارف ديل بيخيطو شنو ..لكن المهم ، هكذا الوضع ..ترهل ، مرده أن التوظيف في السودان كان ولايزال : إما تكافلي أو محسوبية أوسياسي ، وأحيانا – أي نادرا – ما يتم التوظيف بالكفاءة وحاجة الوظيفة إليها ..ولهذا يصبح الحصاد ، كما في هذا النموذج .. ( ترهلا مهولا ) ..!!
** مع التأمين على توفيق وضع الهيئة – بحيث توظيف العامل المناسب في الوظيفة المناسبة – يجب ألا يتم تشريد العاملين ( بجرة قلم ) و خلاص ..لا ، فالمجتمع السوداني – وليس العامل وأسرته فقط – هو الذي دفع ثمن الصالح العام وإلغاء الوظائف سابقا ، وغير مستعد لدفع المزيد من الثمن حاليا ..هذا ما يجب أن تعلمه الإدارة وتلك اللجنة الوزارية ، ثم النقابة أيضا..نعم ، نقابة العاملين يجب أن تلعب دورا إيجابيا بمد لغة الحوار المسؤول مع الإدارة واللجنة .. فليكن الحوار مسؤولا ومباشرا – وليس عبر حرب بيانات – بتقديم الأفكار والآراء والحلول التي تصلح لمعالجة آثار إعادة الهيكلة .. إذا نجحت النقابة في إقناع الإدارة وتلك اللجنة ثم الرأى العام بمثل هذا النوع من الحوار ، تكون قد خدمت العاملين وأبعدت عنهم الآثار السالبة .. والزمن يكفي لبدء حوار إيجابي بين الأطراف الثلاثة – الإدارة ، النقابة ، اللجنة – يؤدي إلى نتائج إيجابية ، فاستثمروا هذا الزمن .. ما لم يكن نهجكم – كما نهج ولاة أمر مصارف المدائن وشوارعها في الخريف – يهوى المفاجآت والتواكل وليس … ( التوكل ) ..!!

اليكم ..الصحافة-العدد 5940
tahersati@hotmail.com

Exit mobile version