السودان.. خطط التمدد الأمريكي الإسرائيلي

[ALIGN=JUSTIFY]المياه، النفط، اليورانيوم، الغذاء..

كل عنصر من هذه العناصر الأربعة كفيل بأن يسيل له لعاب أمريكا وإسرائيل وكفيل أن يدفع بهما لخلق التوتر في السودان وتصعيده وتحويله إلى مظلة لتمر من تحتها الأطماع الأمريكية الإسرائيلية.

اتهام الرئيس السوداني بجرائم القتل والإبادة وإن كان يشغل الدوائر السياسية ويحظى باهتمام الإعلام الدولي والأوساط السياسية العربية التي تمرست على عقلانية الصمت، مهما كان الحديث كبيرا وحادا، ويلامس مصير الأمة ومصالحها إلا أن وراء الأكمة كما يقال ما وراءها.

ما يجري اليوم في السودان يتجاوز بأبعاده وتداعياته محاكمة الرئيس البشير ويتجاوز قرار المدعي العام للمحكمة الدولية ويتخطى ذلك إلى ما هو أكثر خطرا ليس على السودان وحسب وإنما على الأمة العربية في إطار الأطماع والأهداف الأمريكية الإسرائيلية.

ما يجري بشأن السودان يذكر بالمقدمات التي سبقت الحرب على العراق، فالذرائع نفسها النظام وسياساته، حقوق الإنسان، الديمقراطية، توزيع الثروات، الإرهاب، حقوق الأقليات فهل نحن مقبلون على حرب أمريكية على السودان وأين دور إسرائيل في كل ما يجري على الساحة السودانية وعلى الساحة الأفريقية عامة.

يوم قصفت الإدارة الأمريكية مصنع الأدوية في الخرطوم تحت ذريعة ضرب مراكز الإرهاب كانت هذه الإدارة تخطط لاحتلال السودان، فالسودان يمتلك الماء والنفط والقدرة على إنتاج الغذاء واليورانيوم كما تقول التقارير الأمريكية ويتوسط القارة الأفريقية ويشكل نافذة مهمة للعرب في أفريقيا، ويشكل عمقا مهماً للأمة العربية في صراعها مع إسرائيل التي اتجهت بعد حرب 1973 إلى ممارسة ما يسمى بسياسية التخوم -أي- تطويق السودان من كل الجهات من خلال تواجد إسرائيلي عسكري وأمني وسياسي في باب المندب وفي دول أفريقية تحيط بالسودان، وقد عملت مع أمريكا على تحريك التوتر وتصعيده في المنطقة الشرقية، وفي الجنوب، ودارفور الغنية باليورانيوم، والجميع يعلم ماذا يعني أن يمتلك العرب مصادر اليورانيوم لكل من إسرئيل وأمريكا والغرب، ولهذا اتجهت سياسات إسرئيل وأمريكا إلى توتير الأجواء في السودان بخلق صراعات عرقية وطائفية ومذهبية بين أبناء السودان لتقطيع هذا البلد الواسع الغني بالنفط والثروات المعدنية والمياه والمساحات الزراعية الواسعة المؤهلة لأن تكون خزان العرب جميعا بالإنتاج الزراعي الذي سيسهم في قوة القرار السياسي العربي واستقلاله.

بروز العراق كقوة خلال الحرب على إيران غير في الأولويات إذ تحول اهتمام اللوبي الصهيوني وإسرئيل إلى العراق، فقام هذا اللوبي من خلال اختراقه لدوائر القرار الأمريكي بتوجيه اهتمام الإدارة الأمريكية من السودان إلى العراق الأكثر قربا من الناحية الجغرافية إلى الكيان الصهيوني والأشد خطراً بوضعه الراهن، فالعراق قوة اقتصادية وسياسية وبشرية وعلمية ونفطية، ولأن النفط وإسرائيل يشكلان محور السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط كانت الحرب على العراق وكانت تلك المحاولات لتقطيع العراق وإعادته في الزمن إلى الوراء ليصبح العراق خارج عملية الصراع العربي الإسرئيلي، إلى جانب جبهات عربية أخرى أخرجت من هذا الصراع بموجب اتفاقيات أو ضغوط متعددة الأشكال.

السودان اليوم مرشح لأن يكون ساحة الحرب الجديدة للأسباب التي ذكرناها حول العراق، مع الإشارة إلى مسألة مهمة جدا في إدارة الصراع وتأزيمه أمريكيا. فالنفط السوداني بمجمله تقريبا تستثمره شركات صينية وقد نجحت الصين في أن تنجز في «18» شهراً خط أنابيب بطول «1500» كيلو متر من الحقول إلى ميناء بشاير بجوار بورتسودان، كما أنشأت مصفاتين للنفط ونقلت «1000» عامل صيني إلى السودان يعملون ما بين «13» إلى «14» ساعة في اليوم بأجور زهيدة كل ذلك تم عبر قرار استراتيجي بالتعاون مع السودان من أجل أن يكون شريكا في هذه الحقول التي هي خارج سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية. والسودان رابع أكبر مصدر للنفط بالنسبة للصين وقد مورست ضغوط على الخرطوم لإبعاد الصين عن النفط السوداني إلا أنها لم تنجح، وما زالت هذه الضغوط مستمرة، وقد نجح السودان بإقامة سد مائي كبير على النيل سيكون له تأثيراته على النهوض بالزراعة في السودان وكل ذلك يغضب أمريكا وإسرئيل ويدفع بهما إلى خلق ذرائع لخلق ضغوط على النظام السوداني. مصالح إسرائيل تقطيع السودان وهذا هدف قديم جاء في وثيقة كيفونيم العام 1982 لضابط إسرائيلي تضمنت الأهداف الإسرائيلية في السودان التي تتضمن الرغبة في الاستيلاء على منابع النيل لتحقيق أمرين: الأول: الضغط الدائم والمستمر على مصر التي هي هبة النيل من خلق المياه.

والثاني: إجبار مصر على القبول بجر مياه النيل إلى الكيان الصهيوني.

والجميع يعرف ماذا يعني موضوع المياه للدولة الصهيونية إضافة إلى أهداف أخرى من أهمها تقطيع دول المنطقة إلى كيانات طائفية وعرقية، والسودان بمكوناته الديموغرافية يندرج في سياق الأهداف التي تعمل إسرائيل وأمريكا على تحقيقها في الشرق الأوسط.

إن موضوع إتهام الرئيس البشير بخلفياته وأبعاده محاولة لإجبار الحكومة السودانية على تمرير الأهداف الغربية والإسرائيلية فهل يغضب العرب لما يجري، أم أن الخرطوم ستكون المحطة الإسرائيلية الأمريكية بعد بغداد. وهكذا بين الحين والحين يتكرر السؤال من جديد مَن العاصمة العربية المرشحة لحرب أمريكية إسرائيلية جديدة؟

? نقلاً عن جريدة الثورة العراقية[/ALIGN]

Exit mobile version