الوحوش والسقوط

[ALIGN=CENTER]الوحوش والسقوط!! [/ALIGN] * سعيا وراء الكسب المادي الرخيص، روجت صحف الخرطوم الصفراء (كعادتها) لما أسمته (غزو الوحوش الضارية وهجومها على الناس والحيوانات)، وكأن مواطني البلد جهلة وليس فيهم علماء ومتخصصون يمكن الرجوع اليهم لتوضيح ظاهرة وجود بعض الكلاب الضالة فى عدد من أحياء العاصمة، التى لا تعدو أن تكون سوى (كلاب ضالة) ليس إلا، وإن اختلف شكلها بعض الشئ عن الكلاب المحلية ويعود ذلك الى تزاوج بعض السلالات الأجنبية التى يحضرها البعض من الخارج بالسلالات المحلية فنتجت سلالات غير مألوفة الشكل للمواطن السوداني، أسمتها قوات الشرطة بـ (الكلاب الهجين) وهى تسمية صحيحة وان كان يجب على الشرطة استخدام عبارة أكثر سهولة وفهما للمواطن البسيط بدلا عن كلمة (الهجين) التى أثارت المزيد من البلبلة وسط الناس البسطاء، واعتقد بعضهم أن (الهجين) هو نوع من الحيوانات المتوحشة!!
* بعض الصحف روجت الى وجود ذئاب ضارية بالخرطوم مع أن السودان بأكمله لا وجود فيه لأى نوع من الذئاب، وبعضها روج أنها ضباع، وهى توجد على مسافات بعيدة جدا من الخرطوم ولا يمكنها ان تصل الى الخرطوم بمثل هذه السهولة.. إلخ، والبعض قال إنها وحوش ضارية لم يرها ويعهدها الناس من قبل.. إلخ ثم إختلق الجميع الروايات والأكاذيب لترويج وبيع جهلهم وصحفهم الغثة كما فعلوا من قبل مرات عديدة مثل موضوع الرجال الذين يستلبون (الذكورة) لو تذكرون، وتطويع الجن، وأشياء من هذا الجهل الفاضح والسقوط الأخلاقى المريع، وليس هذا غريبا فى بلد استنسر فيه البغاث وتطاول الحفاة العراة فى البنيان!!
* وقد بدا جليا سعادة البعض بانتشار هذه الغثاثات حتى ينجرف المجتمع الى موضوعات انصرافية ويفقد التركيز ويغرق فى الضلالة والجهل فينصرف الناس عنهم وعن أخطائهم وخطاياهم ويتحقق لهم ما يريدون ــ وهو نفس الهدف الذى سعوا إليه بالمساعدة فى إصدار واستمرار العديد من الصحف الغثة والصفراء وان تلونت بغير ذلك ــ حتى يشتتوا ذهن القارئ ويصرفوه عن القراءة الرشيدة التى يعتبرونها نوعا من المعارضة والخيانة والعمالة ولا يسمحون لها بالوجود والنمو والتطور إلا فى حدود ضيقة جداً، خوفا على أنفسهم وسلطتهم وعبثهم بمقدرات وثروات البلاد!!
* البلد عامرة وذاخرة بعلمائها فى هذا المجال مثل البروفيسور إبراهيم محمد هاشم الأستاذ بجامعة الخرطوم، والدكتور معتصم بشير نمر نائب رئيس الجمعية السودانية لحماية البيئة والمتخصص فى مجال الحياة البرية ودكتور محمد عبدالله الريح أستاذ علم الحيوان والكاتب المعروف اللصيق بالصحف والصحفيين وغيرهم، وكان يمكن لأى صحيفة أن تلجأ اليهم أو الى غيرهم لمعرفة الحقيقة وتقديم المعلومات الصحيحة للمواطنين، ولكن لأنها صحف جاهلة وتسعى هى ومن يقف وراءها للإثارة والمكسب الرخيص وتخدير المواطنين البسطاء لمزيد من التمكين واستنزاف مقدرات الوطن والناس، كان لا بد أن تسلك مثل هذا السلوك المزرى وتسقط فى ما هى ساقطة فيه من أوحال، ولكن الى متى؟!

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com

11يناير 2010

Exit mobile version