** عندما استنكر البروف مصطفى ادريس ، مدير جامعة الخرطوم ، استغلال بعض الجهات مزايا الدبابين في القبول بالجامعات وذلك بالحاقهم بعض الطلاب غير المستوفين لشروط القبول بجامعة الخرطوم وغيرها ، أو هكذا استنكر البروف ، فقلت : هذا الاستغلال خطيئة كبرى وجريمة نكراء في حق التعليم العالي وكذلك انتهاك صريح لحقوق الطلاب الآخرين الذين لايحملون صفة : الدباب ..ثم قلت فيما قلت معقبا : على البروف مصطفى ان يتبع حديثه بالعمل ، اذ الاستنكار وحده لا يكفي ، ويجب تطبيق لوائح الالتحاق بحذافيرها ، بما فيها استيفاء الطالب كل شروط القبول العام ، هذا أو يتقدم باستقالته في حال عجزه عن تنفيذ تلك اللوائح ..هكذا قالت تلك الزاوية ..!!
** رد الفعل الأول كان ايجابيا ، حيث اتصل الأخ الدكتور الرشيد حسن ، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم ، والأخ الأستاذ حسن محمد صالح ، مدير الاعلام والعلاقات العامة بالجامعة ..لهما الشكر مقدما ..كلاهما أكد بأن البروف لم يتحدث فقط ، ولكنه اتبع حديثه بالعمل ، وانه منذ توليه أمر الجامعة شرع في تصويب المسار لأشياء كثيرة ، منها استغلال مزايا الدبابين من قبل بعض الجهات دون علم الجهات العليا ..هكذا تحدثا ثم ذكرا نماذج من الاستغلال اتخذ البروف حيالها موقفا ايجابيا وحاسما .. وعليه ، ان كان الأمر كذلك ، حسب شهادتهما ، فليس لنا إلا أن نبارك وندعم هذا الموقف الايجابي الحاسم ، بل نطالب به موقفا عاما في كل جامعات بلادي ..!!
** ثم رد فعل آخر ، لم يكن ايجابيا ، بل كان تماديا في الخطأ ونوعا من لي عنق الحقيقة .. حيث اجتهد في نفي وجود استغلال لتلك المزايا قائلا : بأن الدبابين هم في الأصل طلاب مستوفون لشروط القبول العام ، ولكن الدولة تتكفل برسومهم الدراسية وهذا فعل مشروع ، أو هكذا كتب صديقي الأستاذ عبد الماجد عبد الحميد – بالانتباهة – مدافعا عن تلك المزايا ومبررا لاستمراريتها .. للأسف حديث الأخ عبد الماجد به تعميم غير صحيح ، قد يكون صحيحا في حال بعضهم ، نعم ربما يكون البعض مستوفيا لشروط الالتحاق ، فلن نظلم هذا البعض المستحق ..ولكن الدفاع عن تلك المزايا وتبرير استمراريتها في الواقع العام وبشكل عام غير صحيح وغير منطقي ، بحيث بؤس الواقع تعكسه الوثيقة التالية ، فلنقرأها سوياً ..!!
** « السيد : مدير الادارة العامة للقبول .. السلام عليكم ورحمة الله .. الموضوع : اجراءات قبول الطلاب الدبابين .. بالاشارة للموضوع أعلاه ، نفيدكم بأن نمرة « ..» ، مجند « ع ، م » ، ضمن دبابي عزة السودان « ..» ، عمل بمناطق العمليات ، بمنطقة « ..» ، وهو من الذين يشملهم القرار الرئاسي الخاص بمنحهم 7% زيادة على نسبة نجاحهم ومنافستهم فرص القبول للجامعات واعفائهم من جميع الرسوم الدراسية ..عليه نرجو التكرم بالتوجيه اللازم .. وجزاكم الله خيرا .. منسقية الاجراءات والمعاملات ، الخدمة الوطنية » ..هذه احدى وثائق هذا العام ، وتكشف بوضوح لا لبس فيه استغلال قرار رئاسي صادر عام 1998 ، وكان خاصا ببعض طلاب ذاك العام فقط ، أكرر كان قرارا خاصا فقط ببعض طلاب العام 1998.. ولكن الجهات التي ذكرها البروف مصطفى – ومنها الجهة المشار اليها في هذا الخطاب – ظلت تستغفل الجميع وتستغل ذاك القرار حتى عامنا هذا ، رغم أنف سلام الجنوب ..والمؤسف ان الخطاب يخلو من أهم المعلومات التي تؤكد صحة صفة حاملها ، بلا نمرة وبلا رقم عزة السودان ، وكذلك بلا ذكر لاسم منطقة العمليات التي جاهد فيها الطالب هذا العام .. في حرب بالسر والناس ماعارفة ولا شنو ..؟.. المهم ، كلها : فراغ في فراغ .. هذا نموذج استغلال قبيح وانتهاك فظيع ياعزيزي عبد الماجد ، فماذا أنت قائل ..؟؟
** على كل حال ، فلتكن الغاية إصلاح ما يمكن إصلاحه بهذا النوع من الحوار ، والتمادي في الخطأ لايؤدي الي الغايات المنشودة .. ولذلك : وزارة التعليم العالي مطالبة بمراجعة آداء الادارة العامة للقبول ، وكذلك هذه الادارة مطالبة بالالتزام بلوائح القبول وتنفيذها ، بدون خيار وفقوس ، وكذلك دون أن تخشى فى تطبيق اللوائح لومة لائم ، وعليها أن تعلم بأن القرار الرئاسي الصادر عام 1998 كان قرارا استثنائيا في ظرف استثنائي وخاصا بطلاب ذاك العام فقط ، وليس كل الأعوام بما فيها أعوام مابعد السلام كما الحال اليوم ..وادارات الجامعات أيضا مطالبة بأن تتحلى بالأمانة والنزاهة ، وذلك بمنح فرص القبول لمن استوفى الشرط الأكاديمي .. ثم على الجهات التي تستغل ذاك القرار وتستغفل الدولة والمجتمع ، عليها أن تتقي الله في آخرين يفقدون فرص القبول بسبب هذه الممارسات غير الكريمة..والزاوية كلها ما هي إلا رسالة لمجلس الوزراء وولاة أمر التعليم العالي ..!!
الصحافة-الاحد – 3/1/2010 العدد 5936
tahersati@hotmail.com