* فى الوقت الذى تهدر فيه ملايين الدولارات من مال الشعب بكل سفه وعبث على ما يسمى بـ(المحترفين) فى كرة القدم التى لم نتذوق منها سوى الهزائم والفضائح، وتكتظ الشوارع بالعربات الحكومية الفارهة التى تزيد قيمة الواحدة منها عن مائة مليون جنيه (بالقديم)، وتدفع الحكومة الفواتير الباهظة للثرثرة فى الموبايلات، ويسكن المسؤولون في أرقى المنازل الفخمة التي لا يعرف أحد مصدر المال الذى شيدت به، فإن أصحاب الحاجات الخاصة لا يجدون من يوفر لهم قدما صناعية أو كرسياً متحركاً أو سماعة أذن لا تزيد تكلفتها عن بضعة جنيهات يجب أن يهدر من يحتاج إليها كرامته ويريق ماء وجهه ليحصل عليها وفى معظم الأحيان لا يجد شيئاً !!
* في العالم المحترم يجد أصحاب الحاجات الخاصة ما يحتاجون إليه من رعاية خاصة أو معدات تساعدهم على الحياة بكل سهولة ويسر وبدون مقابل، بل تسرع أكثر من جهة حكومية أو منظمة مدعومة من الحكومة أو مؤسسة خيرية خاصة بتقديم كافة وسائل الرعاية والعون والدعم، لانها تعتبر ما تفعله واجباً اخلاقياً وانسانياً وقانونياً يجب أن تقوم به وليس مكرمة أو منحة أو هبة أو منة أو صدقة، فلا يحتاج صاحب الحاجة إلى إهدار كرامته أو إراقة ماء وجهه ليعيش كأي انسان آخر فى المجتمع، أما هنا في الدولة الحضارية صاحبة المشروع الحضاري التي ترفع الشعارات الدينية وتطارد الفتيات فى الشوارع لتطهير المجتمع كما تزعم، يتحتم على صاحب الحاجة الخاصة أن يزحف على رجليه ويمد يده ليحصل على ما يقيم به أوده دعك من الحصول على ساق صناعية او كرسي متحرك أو عكازة تعينه على الحياة مثل كل الناس .. آه من ظلم هذا البلد ومن قسوته على أبنائه .. آه.. آه.. آه.. آه.. آه ومليون آه، ولكن بماذا يفيد التأوه والبكاء وذرف الدموع!!
* أليس محزناً ومؤلماً ومثيراً للإحباط أن مربياً فاضلاً لا يجد بعد إثنين وأربعين عاماً قضاها بين بقاع السودان المختلفة في مهنة التعليم بالمدارس الثانوية، من يقدم له ساقين صناعيتين أو كرسياً متحركاً يساعده على العيش مثل بقية الناس بعد أن تسبب داء السكرى فى بتر قدميه؟!
* يا رب ..لا املك سوى (قلمي) لخدمة عبادك، فأين أذهب من عقابك يوم يقوم الناس للقائك يا أرحم الراحمين ؟!
مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
3 يناير 2010