السوفيتي القديم بقيادة ستالين كان متحالفاً مع الدول الغربية المتحدة لإسقاط دولة المحور النازي، علماً أن الحرب وضعت أوزارها في 8 مايو 1945م، أي لم يمض عامان على نهاية الحرب حتى انطلقت الحرب الباردة ولم تنتهي عمليا إلا عام 1991م.
عام 1946م اجتمع اليهودي الأمريكي الليتواني هاري ديكستر وايت، أول رئيس لصندوق النقد الدولي، بالسفير السوفيتي في واشنطن بشكل سري وطلب منه أن يبلغ ستالين أن يدخل الاتحاد السوفيتي عضواً في صندوق النقد الدولي. بعد فترة أتى رد ستالين بالرفض. ماذا كانت ردة فعل واشنطن لهذا الرفض؟ أطلقت واشنطن الحرب الباردة عام 1947م التي لا تعني سوى محاصرة المعسكر الاشتراكي لخوفها أن يطلق ستالين عملة دولية منافسة للدولار. وهكذا أصبحت في العالم بنيتين اقتصاديتين: إحداهما مفتوحة، تدور حول الدولار وصندوق النقد الدولي طبقاً لمعاهدة بريتون وودز، والثانية بنية اقتصادية شبه مغلقة تدور حول نفسها في دائرة تسمى المعسكر الاشتراكي يتعامل أعضاؤها بعملاتهم الوطنية مع بعضهم البعض في التجارة البينية بعد تحديد سعر صرف عملاتهم بأنفسهم.
باسترجاع التاريخ، إذن الحرب الباردة لا تعني شيئاً سوى محاصرة نشوء عملة دولية محتملة.
ولكن كيف دخل في روع بقية شعوب دول العالم المتفرجة حينذاك أن الحرب الباردة مسألة عسكرية وليست قضية تتعلق بالعملة الدولية؟ هذه ترجع لفن الخداع الذي مارسته الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بريطانيا ويهودهم عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. محاصرة خطر احتمال نشوء عملة دولية منافسة للدولار من قبل ستالين تطلب صنع تكتيك ذكي، أفردت في صالحه الأدبيات السياسية في تمجيد الآيديولوجية الرأسمالية والعالم الحر واقتصاد السوق، بينما تم تسفيه كل ما هو اشتراكي أو شيوعي. الاشتراكية أو الشيوعية أو كلاهما أصبحا الخطر الأحمر! ولمكافحة الخطر الأحمر نصبت الأسلحة الذرية ووضعت سياسات ملء الفراغ، وحافة الهاوية، وقانون مورنو.. الخ لمحاصرة ليس فقط الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي بل أيضاً محاصرة أية دولة تقترب مجرد الاقتراب من الدول الاشتراكية حتى لا يتقوى محور الاشتراكيين! تحت ستار هذا الغبار السياسي الأدبي والتهديد بقرقعة السلاح العسكري، والنووي بضرب اليابان، لم يفهم خراف العالم النائمة أن القضية كلها تتعلق بالعملة الدولية..!
ولنسترجع القليل من التاريخ! على الصحفيين السودانيين أن يسألوا السفير الألماني في الخرطوم لماذا فتح أدولف هتلر فجأة في 23 أبريل 1941م ثلاثة محاور عسكرية على الجبهة الشرقية ودفع فيها خمسة وخمسين فرقة عسكرية كاملة من أصل مجموع أثنين وسبعين فرقة يمتلكها لسحق الاتحاد السوفيتي السابق، بينما كل المعطيات الظاهرية تقول أن الخطر الحقيقي على الدولة النازية الجديدة من المفترض أن يأتي من الجبهة الغربية وليس الشرقية! أليس هذا بتناقض مفضوح؟ أليس غريباً أن يترك أدولف هتلر على الجبهة الغربية سبعة عشر فرقة من جنوده فقط! ما هو الدافع يا ترى؟
السر يكمن في العام 1934م! ففي هذا العام نظف جوزيف ستالين الحزب الشيوعي السوفيتي من الرفاق اليهود تماماً، قطع دابرهم عن بكرة أبيهم. بل صفاهم جميعهم جسدياً! هذا العام 1934م في الأدب الاشتراكي الأممي يسمى بعام النظافة purgating year وهو هولوكوست صمت عليه اليهود تكتيكياً. على سبيل المثال لا الحصر، طارد جوزيف ستالين تروتسكي الذي ظل هارباً من دولة لأخرى حتى وصل إليه عملاء المخابرات الستالينية السوفييتية في مخبئه في المكسيك وتم قتله ببلطة! القضية ليست شخصية كما يتصور الرفاق السودانيين! فجوزيف ستالين يعلم قبل غيره أن رفاقه البولشفيك خطفوا روسيا بدعم من وول سترييت وليس بفضل عبقرية لينين! وكما وضع يهود نيويورك، الحركة الصهيونية الثورية هكذا أسمها الحقيقي، الولايات المتحدة الأمريكية في جيبهم، حاول الرفاق اليهود البولشفيك الدوليون أيضاً السيطرة على روسيا! ولكن لسوء حظ الأخيرين أبادهم ستالين إبادة تامة مثل الذباب وطهر الحزب الشيوعي السوفيتي من قبضتهم ليس على مستوى المكتب السياسي فحسب، بل أيضاً على كل مستويات الحزب الدنيا. هكذا فقد اليهود روسيا!
أحتاج اليهود لحرب عالمية ثانية ليكملوا أهدافهم ومن ضمنها استرجاع روسيا لقبضتهم. صبيهم أدولف هتلر أشعلها لهم في سبتمبر 1939م. وما مر تسع عشرة شهراً أي في يوم 23 من أبريل 1941م حتى غزا أدولف هتلر الاتحاد السوفيتي فجأة رغم معاهدة برست لإعادته للقبضة اليهودية الصهيونية مرة أخرى! وعندما فشل هتلر في مهمته، لم يجد اليهود مناصاً من إطلاق شرارة الحرب الباردة عام 1947م ومطاردة أية دولة تتعامل مع المنظومة الاشتراكية تحت عنوان الخطر الأحمر لحماية دولارهم لأنه ماذا لو أطلق ستالين عملة دولية منافسة للدولار؟ عموماً، نجح اليهود في تسميم ستالين عام 1953م – هذه هي قصة الحرب الباردة.
تذكر! ففي الحرب العالمية الأولى أسس اليهود جهاز الاحتياطي الفيدرالي 1913م ويمتلكون أصوله، فكان أول ما عمله هذا البنك هو إقراض بريطانيا وحلفائها قرضاً حربياً مقداره 25 بليون دولار قبل الحرب العالمية الأولى بقليل، وأثناء الحرب خطفوا روسيا وأسسوا الاتحاد السوفيتي 1917م، وبعد الحرب تحصلوا على وعد فلسطين حيث وضعت فلسطين محمية بريطانية في معاهدة فرسايل 1919م، ولكنهم فشلوا في تأسيس عصبة الأمم لذا احتاجوا لحرب عالمية ثانية. السؤال الكبير: هل كان جوزيف ستالين يستحق هذه الغزوة النازية الفجائية في أبريل 1941م بعد توقيع معاهدة برست في أغسطس 1939م التي تنص بعدم الاعتداء المتبادل؟ وماذا فعل ستالين لهتلر حتى يغزوه؟؟ ستكتشف أن القضية تتعلق بمذبحة 1934م واسترجاع موسكو.
بعد سقوط النظام الشيوعي السوفيتي في 1991م وإنتهاء الحرب الباردة تخيل سكان العالم أنهم سينعمون بالسلام! لكن ذلك وهم من الأوهام. الأوروبيون المسيحيون بيتوا النية منذ سنوات طويلة لرسم وحدتهم ولإصدار عملتهم الخاصة! وهما سلاحان فتاكان يبطلان سحر اليهود. الوحدة حتى لا يلعب بهم اليهود ضد بعضهم البعض- والعملة عنوان السيادة! وكذلك عزم الأوروبيون على حل حلف الناتو وبناء ترسانتهم العسكرية لكي تصبح أوروبية خالصة.. ولكن الولايات المتحدة لم تدعهم فعل ذلك..! تحركت الولايات المتحدة وبريطانيا في اتجاهين: الاتجاه الأول: خلق بؤر عسكرية ساخنة في العالم، بما فيه صنع الإرهاب كذريعة مصطنعة، تطلب بالمجموع ليس فقط تقوية حلف الناتو، بل توسيعه وفشل مشروع استقلال الأوروبيين العسكري! أما الاتجاه الثاني: هو القفز على آبار البترول، وتهديد الدول المنتجة للبترول لكي لا تتحول إلى اليورو في بيع زيتها حتى يبقى الطلب على الدولار مستمراً وهذا ما فعله بوش الأب بدءاً من توريط صدام حسين بدخول الكويت بقية قصة العراق معروفة لديكم.
عمل يهود بريطانيا والولايات المتحدة ما في وسعهم لإفشال أو فرملة المسيرة الاستقلالية للاتحاد الأوروبي.. إلى حد صنع العديد من أشباه فؤاد السنيورة في الدول الشرقية السابقة، بل حتى في ألمانيا نجح اليهود في التخلص من جيرهارد شرودر..! وفي فترة حكومة كلينتون سعى الأمريكيون إلى وضع قدم في كل دول الاتحاد السوفيتي القديم المسلمة الغنية بالنفط! واندفعوا جميعاً لضم أكبر عدد من الدول الشرقية لحلف الناتو.. حتى وصلوا الحدود الروسية! ولكن بشكل موازي أخذت موسكو في ترتيب بيتها مع كثير من الصبر والحكمة خاصة الصبر مع حلفائها السابقين، ولكنها أيضاً أخذت في تقوية اقتصادها وضرب الفاسدين خاصة قطع الأصابع اليهودية الروسية. بينما الصين الحصان الجامح، اندفعت اقتصادياً بمعدلات رهيبة!
ما أن وصلنا أعتاب عام 2005م حتى وضحت الرؤية موسكو وبكين تحاربان الولايات المتحدة وحلفائها بالسلاح الإمبريالي نفسه – الدولار! بكين استخدمت سلاح إنتاج السلع الاستهلاكية بمعدلات خرافية للحصول على الدولار بينما موسكو بسلاح إنتاج النفط والغاز..! ونجحت موسكو في إنشاء اتحادات كونفيدرالية بشكل غير إكراهي، وفي تأسيس منظومة دول شنغهاي..! ونجحت بكين وموسكو معاً في إرساء سلسلة من التحالفات الاستراتيجية الاقتصادية بشكل غير مكتوب ونقصد بهم فنزويلا، الأرجنتين، البرازيل، الهند، إيران..الخ، وجميعهم استحقوا من موسكو الحصول على أسلحة تكتيكية واستراتيجية في غاية القوة، حيدت الترسانة العسكرية الغربية!
أرتفع الاحتياطي الصيني الدولاري وحده إلى 1.2 تريليون دولار هذا غير استثماراتها المباشرة في العالم التي تعد بعدة عشرات تريليونات أخرى! أخذت الصين تلعب بهذا الاحتياطي الضخم دور “البنك الدولي”..بل تفوقت عليه في الإقراض بفوائد وشروط ميسرة وعادلة! وهنا تململت واشنطن وبرلين وباريس ولندن أخذوا يفهمون الصين أن قانون اللعبة الدولية ألا تكون سخية اليد مع الفقراء! الصين عاملة طرشة! وفي تقديري، أهم من الاستثمارات الصينية المباشرة في دول أفريقيا وآسيا وأمريكيا اللاتينية الفقيرة هو كسبها لصداقة هذه الدول واحترامها ستفهم ذلك لاحقاً! فبينما الصين تزرع العالم بالصداقة والمحبة والتنمية وخطف قلوب وعقول الفقراء، تظل الحكومات الأوروبية النرجسية غارقة في غرورها بلعبة الثمانية العظام.. والتدخل في شؤون الدول ماذا تفعل وماذا لا تفعل.. ومثاله السودان! ولكن الأسوأ تورطهم مع الولايات المتحدة في مستنقع العراق وأفغانستان..! ففي العراق لعب حلف الناتو لعبة مزدوجة، اسقط نظام صدام حسين برفع شعار ظاهري إرساء نظام ديمقراطي ولكن الأصل المبطن في الخطة هو التمهيد لضرب حزب الله وسوريا وإيران وربما تقسيم المنطقة من جديد إلى ما يسمى الشرق الأوسط الكبير بقيادة إسرائيلية للسيطرة على نفط الخليج للأبد! فشل كل شئ، هزمت إسرائيل في جنوب لبنان، وتورطت قوات الناتو وحلفائه في وحل ضربات المقاومة العراقية الشريفة! اليوم تعلن واشنطن أن إيران تدرب العراقيين على استعمال مدفع الهاون! أليست نكتة! وكأن العراقيين الذين حاربوا إيران ثماني سنوات، وقارب عدد جيشهم الخمسة ملايين في نظام صدام البائد كأنهم لم يتدربوا على السلاح! وفي أفغانستان، نفس الطالبان التي صنعوها في الأعوام 1979-1989م بتأسيس 1000 مدرسة قرآنية في الباكستان لكي تخرج المقاتلين السلفيين لطرد السوفييت من كابول، اليوم الطالبان تذيقهم شر ما صنعت أيديهم.. أفغانستان صارت حفرة ثانية!
ما يزعج الإستراتيجيون الأمريكيون والأوروبيون هو ليس فقط هزيمتهم العسكرية في العراق وأفغانستان وجنوب لبنان، بل أيضاً انفلات عامل الزمن من أيديهم، وانعدام التنوع في المهام الدولية! فبينما هم مسمرون مثل القط توم الذي التصقت أقدامه بفضل مادة الغراء التي رشها له الفار جيري في العراق وأفغانستان، تكسب بكين وموسكو كل يوم نقطة بل العالم أجمع يجمع النقاط لصالحه خذ دارفور، أو الاتحاد الأفريقي، أو هوجو شافيز وشركاه..الخ ينتقلون من نجاح إلى آخر! وبعقلية التاجر البليد أكتشف بوش وشركاه الأوروبيين أنهم وضعوا ببلادة كل بيضهم في سلة واحدة! اليوم أنظر كيف الشركات الألمانية تهرول خلسة وبكسوف نحو السودان وبصمت تشحذ الاستثمار استثمار لله! اليوم وزير الخارجية الفرنسي يهرول لبغداد بعد أن لون وجهه بأصباغ جديدة.. وفرنسا اليوم ليست فرنسا التي أعطت التدخل الأمريكي في العراق غطاءاً دولياً شرعياً، وفرنسا اليوم ليست هي فرنسا في بدء حرب يوليو 2006م اللبنانية عندما كانت تصر على عدم وقف فوري لإطلاق النار وكانت تصر على وضع لبنان بالكامل تحت الفصل السابع! من كل النفاق الأوروبي البغيض يظل النفاق الفرنسي من أبغضهم! لقد زرت فرنسا العام الماضي لأول مرة ولا أدرى كيف هرش الكتاب المصريون عقولنا بأن باريس عاصمة النور سامحهم الله! الفرنسيون بدائيون في كل شيء حتى لغتهم تكثر فيها المقاطع الآحادية monosyllables وهي سمات البدائية ولا أدرى كيف يوصفونها بأنها لغة راقية؟ الفرنسيون مغرورون، وعنصريون، ومخادعون من الطراز الأول وهم أفضل من يجيد التمثيل والمناورة ووضع الأصباغ حتى بريطانيا لا تستطيع مجاراتهم!
بعد هذه السياحة البانورامية لندخل على الموضوع الرئيسي. ماذا لو قررت بكين وموسكو إصدار عملة دولية ثالثة بشروط حقيقية كأن تكون هذه العملة الدولية مستقلة عن أية دولة! منظمة دول شنغهاي العسكرية في الطريق، وروسيا والصين كسبتا تعاطفاً دولياً لا يستهان به، الأمم المتحدة ومؤسساتها تعرت تماماً، منظمة التجارة العالمية تتعثر، دول الاتحاد الأفريقي في حالة تربص، ومنظمة دول عدم الانحياز في حالة تحفز، النمور الآسيوية سترحب، وهوجو شافيز وشركاه يلوحون بأبغض الحلال، ورئيس الإكوادور يقسم أنه سيقطع يده ولا يجدد فترة القواعد الأمريكية في بلاده بنهاية هذا العام، حتى بوليفيا أتضح أن رئيسها الجديد ود بلد اشتراكي يبغض الصلاة نحو قبلة البيت الأبيض، وفي نيكاراجوا عاد أرتيجو نورويجا رئيساً لبلاده رغم أنف الأب بوش وابنه الصغير..الخ المسرح الدولي ناضج! لو قامت عملة دولية ثالثة جديدة، ماذا يمكنك أن تتخيل أن يحدث أيها القارئ الكريم؟ ستتمحور معظم دول العالم المحبطة حول العملة الجديدة وستلفظ عملتي اليورو والدولار وسينهار النظام الرأسمالي بأكمله. هذا هو أسوأ السيناريوهات التي تخيف الغربيين. لأنه لو تحولت دول العالم للعملة الثالثة الجديدة ستضطر دول الغرب أن تصدر قدرا كبيرا من ثروتها القومية الحقيقية كما تفعل الدول النامية وليس الاكتفاء بطبع عملات ورقية مثلا لو رغبت كمثال حقيقي الحصول على مادة البترول.
لهذا السبب لا غيره.. يتحرش بوش الصغير لتحريك أطراف الحرب الباردة مجدداً! وما هي حجة البليد بوش؟ وضع صواريخه في بولندة والتشيك بحجة الخوف من الصواريخ الإيرانية. الأصل المبطن من هذا التحرش الأمريكي بموسكو هو في واقع الأمر الاستعداد لتحريك الحرب الباردة إلى ذروتها إذا تأكدت واشنطن أن هنالك عملة دولية ثالثة في الطريق.
الحرب الباردة الدولية لا تعني سوى المحاصرة والاحتواء لإفشال مشروع عملة دولية محتملة، ولا يتم توجيه الحرب الباردة نحو الدولة المراد معاقبتها فقط، بل توجه أيضاً نحو كل الدول الأخرى التي قد تتحالف مع الدولة المحورية التي تستحق العقاب وفي هذه الحالة هي الصين أو موسكو. معاقبة الصين أو موسكو أو كلاهما وحده ليس له معنى، لأن الخوف كل الخوف الغربي هو أن تقاطع 150 دولة (العدد الكلي 192) الدولار أو اليورو أو كلاهما..! إذن من المنطقي أن تكون طبيعة الحرب الباردة عقاب جماعي.
في العام 1947م تحجج اليهود الدوليون الرأسماليون بالخطر الأحمر من أجل إطلاق شرارة الحرب الباردة القديمة لكي ينهبوا مقدرات شعوب العالم بورقة الدولار المجانية رغم أنهم هم في الحقيقة من صنع الخطر الأحمر. بم عساهم اليوم يتحججون؟ لا شك سيتحججون بالخطر الإيراني والخطر الشيعي. وهذه هي الصرعة الأمريكية الصهيونية الجديدة.
عندما تسمع تصريحات بعض قيادات قوات الناتو يسمونها قوات التحالف للتعميه – في ميدان القتال تحذر العراقيين في بلادهم من الشر الإيراني تلاحظ على وجوه وملامح هؤلاء القادة ومن طريقة الإلقاء أنهم أنفسهم لا يصدقون ما يقولون، يكررون ما تلقنه لهم واشنطن من أكاذيب، ولا تتمالك نفسك من الضحك على سطحية بوش الذي أستسلم تماماً للمخططين اليهود في إدارته. هؤلاء اليهود الخزريون لا يفكرون في شيء آخر سوى إنقاذ ماكينة طباعة الدولار من التوقف عن الدوران داخل أروقة جهاز الاحتياطي الفيدرالي.
ولكن بالطبع ترك الأمريكيون القدر الأكبر للسعودية ولدول الخليج ولإعلامهم المطبوع والمرئي لتسويق حملة الترويج ودق الطبول المحذرة من الخطر الشيعي والإيراني. ولقد مهد ملك الأردن لهذه الحملة المسمومة بالتحذير من خطر الهلال الشيعي وزامله فيها الرئيس المصري قبل أن تتضح لكليهما الصورة الكلية لمسرح العمليات التي انتهت بهزيمة مدوية للكيان الصهيوني في جنوب لبنان وانفضاح المستور. لقد انكشفت عورة حكام مثلث الشر العربي، ووضحت تفاصيل انغماسهم في التآمر على المقاومة الإسلامية اللبنانية، والتآمر على شعوب العالم الفقيرة عندما يعملون لصالح الدولار، ولكن ما زالت الصورة غائبة عن الجماهير العربية المخدوعة ولسان حال بوش.. الدولار، الدولار، الدولار.. يا سارية الجبل الدولار.
وعندما يتابع المرء قناة الجزيرة كيف تغطي الصحوة الروسية العسكرية شبه مولولة.. يتملكك العجب! يخيل للمستمع كما لو أن دولة قطر دولة عظمى وهي المهددة من قبل روسيا! بل ضبطت قناة الجزيرة تشن حملة تشويهية ضد معدلات النمو الصيني باعتباره استغلال لثروات الأفارقة! هل تصدق؟ وإذا كنت من مواليد 1990م ستعتقد بلا جدال أن روسيا الاتحادية دولة آسيوية من الدرجة الثالثة ترغب في اللامعقول والممنوع. المذيعات يضعن الأسئلة للضيوف بأسلوب استنكاري وكأن روسيا هي التي ترغب في إثارة الحرب الباردة، وكأن روسيا ليست دولة عظمى فتتساءل المذيعة بخبث وبغباء مصطنع إذا ما كانت روسيا ترغب في لعب دور الدولة العظمى وكأن روسيا دولة أفريقية. وقد تعجب هل للمذيعات حقاً هذا الذكاء الكافي لكي يطرحن مثل هذه الأسئلة الإيحائية والتشكيكية؟ لا تستبعد أن يكون هنالك محرر سلفي دولاري ملتح من بقية المجاهد خطاب الشيشاني يكتب لهن الأسئلة وتجرى على شاشة أمام أعينهن. أما لماذا قناة الجزيرة ضد روسيا الاتحادية؟ ولماذا كانت تدعم خطاب وشركاه إعلامياً ومعنويا؟ الأمر واضح.. دولة قطر تربط عملتها بالدولار.. وخلف مبنى قناة الجزيرة يقبع 15% من قيادة العمليات المركزية الأمريكية. إذن أحمى دماغك عزيزي القارئ من قناة الجزيرة ومن محللي قناة الجزيرة خاصة المصري عمرو الحمزاوي ولقبه كبير المحللين بالمؤسسة الأمريكية اليهودية التي تدعى مؤسسة كارينجي للسلام. المصري عمرو الحمزاوي ضيف ثابت في برنامج ما وراء الخبر، ويحلل لضحاياه المشاهدين بدوافع ومنطلقات السياسات الأمريكية الدولية ليس بسبب الرغبة الأمريكية في إنقاذ الدولار التعيس ومحاصرة عملة دولية جديدة محتملة، بل بالاقتباس من أدبيات التحليل النفسي لريا وسكينة. بالطبع بوش يتقمص ريا وديك تشيني يتقمص سكينة! لماذا سفك بوش وتشيني دماء العراقيين إذن؟ يخبرنا عمرو الحمزاوي: مصلو بوش ما حصلشي على حنان كتيير من باباه وهو صغير… يبأأ على كده لازم بوتين يحسب.. وإلا روح الانتقام.. آه علشان ما حدش يزعل…وتبأأ إيران ذنبها على جنبها..هي عمالة تشيع الهلال… طيب مصلو الخوف إزاي تنقذ أمريكا المريخ من النفوذ الإيراني.. وموش ممكن بوش يوافق يترك المريخ لقمة لإيران لانو بوش زمكلاوي.. وثلاثة كتيير أوي على مصر.. على كده حينتقم من أهل دارفور… وربما يقذف منزل صلاح إدريس بصواريخ هوك لأن فريقه أسمه الهلال… مصلو أبل كده ضربو مصنعو بأمر من باباه..
ليترصد جميع السودانيين الشهور المقبلة بأعين مفتوحة فقد تتحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة.. هكذا بشرنا الرئيس القوي بشار الأسد أسد سوريا والعرب، ولعل الأمريكيون والبريطانيون ومعهم الأحزاب من عرب قريش يذوقون قليلاً من بأس آل البيت في الخليج الفارسي.. أي هنالك بدر كبرى قادمة! سيتبختر أحفاد الإمام علي في ساحة الوغى وجبريل يحلق فوق رؤوسهم سنسمع بالمزيد من المعجزات الإلهية أكثر مما عرفنا في جنوب لبنان. أما جل بأس آل البيت عليهم السلام فهو مدخر بلا شك لليهود الخزريين عندما يحين وعد الآخرة.. إن شاء الله. حفظكم الله من كل شر، وحتى مقالة أخرى.
شوقي إبراهيم عثمان/كاتب ومحلل سياسي. :الاحداث [/ALIGN]