الأسلحة الخفيفة في أيدي المواطنين .. مكامن الخطر القادم

لا تكاد تخلو مناسبة فرح اجتماعية من استخدام السلاح الناري ،مما اصبح يهدد الامن الاجتماعي بصورة كبيرة وباعتبار ان ذلك صار جزء من ثقافة مجتمع يثير الى افراطه باطلاق الاعيرة النارية . وبعيدا عن السلاح الناري نجد احاديث تدور هنا وهناك عن انتشار عصابات النيقرز التي تخصصت في حمل الاسلحة البيضاء من سواطير وسكاكين ومطاوي ولمقابلة الطلب انتشر بيعها في اسواق امدرمان وفي طرقات السوق العربي بالخرطوم، بينما يظل سوق ليبيا امدرمان هو سيد الاسواق في مبيعات الاسلحة والذخائر وبأنواعها المختلفة وبطرق عشوائية لا تمت للقانون بصلة وحول مخاطر السلاح اقامت منظمة مأمن بالتعاون مع اللجنة العليا لمشروع الخرطوم خالية من السلاح والعنف ورشة عمل خاصة امس الاول، بعنوان منع انتشار الاسلحة الصغيرة والخفيفة لدى المدنيين بقاعة اتحاد المصارف والتي قدم فيها مدير الاعلام والعلاقات العامة لشرطة ولاية ا لخرطوم العميد شرطة هاشم علي عبدالرحيم ورقة عن خطة شرطة الولاية لجمع السلاح غير المشروع وسط المدنيين، تحدث فيها عن محورين احدهما عدم استخدام السلاح والثاني الآلية التي من خلالها تسلم الاسلحة من المواطن وتحدث عن اساليب الشرطة للمرحلة القادمة في عملية جمع السلاح مع ضرورة ان يكون المسلحة الحكومية و 2% للشرطة و 5.2% للمتمردين وفي احصائية أكثر الدول تصديرا للاسلحة جاءت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في رأس القائمة بينما جاءت قارة افريقيا الاولى في اكثر القارات استيرادا للاسلحة ،وتحدث عربي عن الشركات التي تعمل في المخدرات والمتورطة في انواع التهريب وغسيل الاموال هي المستفيدة من عمليات بيع الاسلحة والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد البترول كتجارة عالمية وان كان يتم التعامل معها كتجارة مشبوهة.. وعلى مستوى الدول قال ينبغي ان تضع الحكومات قوانين وتدابير جديدة للحد من الظاهرة بمساعدة المجتمعات والسلطات المحلية حتى تستطيع جمع الاسلحة الفائضة وغير القانونية وان تديرها وتوفر مصادر بديلة لكسب الرزق لأولئك الذين يعتمدون على العنف لكسب قوتهم . واستعرضت الورقة بعض الجهود العالمية لمكافحة الاسلحة والمبادرات الاقليمية كإعلان باماكو واعلان الجامعة العربية واعلان نيروبي وكان السودان قد شارك من خلال منظمة مأمن في هذه المبادرات العالمية والاقليمية وان كان السودان لم يصل فيه انتشار السلاح حتى الآن الى حد الظاهرة وان مستوى التأثير لا زال ضعيفا للغاية ويمكن ان تتم معالجة ذلك من خلال مناهج تربوية وتعريف المجتمع بخطورة السلاح، واشار الى التشريعات الوطنية لسنة 1934م، وقانون 1936م، وقانون 1991م، المشتمل على تعديلات خاصة بالاسلحة والذخائر، وعن اهمية منظمات المجتمع المدني قال ستكون الحكومة واهمة اذ ما اعتقدت انها قادرة على محاربة قضية السلاح بعيدا عن منظمات المجتمع المدني لأن الحل ليس كله بيدها بل عليها وضع خطط وطنية وبناء قدرات المجتمع فهناك تجارب لجمع السلاح بالمقابل المادي او بالمقابل المعنوي وكان والي الخرطوم قد اعلن عن جمع السلاح مقابل العفو بدون اي مساءلة قانونية..الحصول على رخصة لاستخدام السلاح وان عمليات جمع السلاح ستتم وفق خطط احترازية مرحلية واستراتيجية مستدامة ومتجددة تتخذ نهجا لتصحيح المسار وان الشرطة لن تقف على جمع السلاح فقط بل ستكون هناك تدابير في المرحلة القادمة لعدم امتلاك المواطن واحتياجه للسلاح من جديد. وتحدث عن تدابير اتخذتها الجهات الامنية في طريقها لاختفاء مظاهر (الحراس) .. وعن الطرق التي ستتبعها الشرطة لجمع السلاح يقول عبدالرحيم ان ذلك سيتم بواسطة فرق البحث الميدانية والكلاب الشرطية المتخصصة في رائحة الاسلحة ورائحة جسم الانسان المخلوطة برائحة السلاح في خطوة لتجفيف عام للعاصمة من السلاح..!
على رأس كل دقيقة يتأثر عشرة اشخاص عالميا من الاستخدام غير المشروع للاسلحة اما بجريمة مباشرة او بالتهديد.. بهذا الحديث ابتدر المدير التنفيذي لمنظمة مأمن عثمان حسن عربي ورقته عن خطر الاستخدام والانجاز غير المشروع للاسلحة الصغيرة والخفيفة على الامن الانساني، متحدثنا عن ان انتشار السلاح في المنطقة يعيقها من النمو والتقدم خاصة وان السلاح يعد من السلع السرية ولكن الاشارات الصادرة من الاسلحة والجرائم ومحاضر الشرطة من الممكن ان تدل على وجود سلاح في منطقة ما وقد تكون المعلومات غير صحيحة، فتعد معالجة قضية الاسلحة ضمن اطار الامن الانساني لأنها تسبب العجز وفقدان وسيلة العيش ويهدد تراكم الاسلحة الصغيرة المفرط والتجارة غير المشروعة سلام وامن الدول ويحطم آمال التنمية الاجتماعية ويهدد مستقبل الديمقراطية وحقوق الانسان. وبحلول عام 2020م، سيتجاوز عدد القتلى والجرحى الذين يسقطون في الحروب واعمال العنف عدد الوفيات الناجمة من امراض الملاريا والحصبة اذ اظهرت الاحصائيات العالمية ان اكثر من 59%، من الاسلحة الخفيفة ملكية خاصة في ايدي المدنيين مقابل 37% للقوات وحتى ينشر المواطن الامن ولا يحتاج للسلاح على الاجهزة الامنية بسط الامن والوعي الجماهيري الكبير حتى يكون المجتمع هو الرافض لحمل السلاح….!
وعن الاعلام ودور اجهزته في توعية ا لجماهير قدمت مديرة البرامج والتدريب بالمنظمة سهير مهدي ورقة حول الرسائل الاعلامية للتوعية الجماهيرية بمخاطر الانتشار غير المشروع للاسلحة الصغيرة والخفيفة والتي ذكرت فيها بأن المجتمع السوداني وعلى الرغم من التغيير الثقافي والاجتماعي الذي شمله الا ان امتلاك السلاح لم يتجاوز لديه المكانة الاجتماعية والضرورة وبما ان السلاح لا يحمل الا في حالات الحرب والنزاعات وعند فقدان الامن والحماية ولاظهار القوة وعند الانتماء للمجموعات ولكسب العيش نجد ان مزايا الاسلحة الصغيرة والخفيفة لوفرتها وتطورها وبساطة استخدامها وسهولة حملها كان سببا وراء انتشارها واستخدامها بواسطة الجيش والشرطة والمدنيين..
وإن كان هذا الانتشار له تأثير على مستوى الاسرة وبالمجتمع مرتبط بتنامي ظاهرة النزوح واللجوء وتدني الخدمات الصحية والتعليمية بالاضافة الى العطالة ومستوى المعيشة هذا مع تغيير التركيبة الديمقراطية للسكان مما يؤثر بصورة مباشرة على الاطفال الذين فقدوا متطلباتهم واحتياجاتهم الحياتية مما يجبرهم لحمل السلاح وبروز ظاهرة الاطفال المجندين، وتحدثت الورقة على ان هنالك مدخلين للتعاطي مع مشكلة انتشار الاسلحة غير المشروعة وذلك عبر السياسات التي توضح التشريعات التي تقلل من عرض السلاح ودراسة جانب الطلب على الاسلحة ولكن عن التوعية بمخاطر انتشار الاسلحة الصغيرة والخفيفة يجب التركيز على الجانب الانساني والتنموي وتنوير الذاكرة المجتمعية حول الآثار السالبة للأسلحة وبناء مفاهيم جديدة تشجع عدم حيازة واستخدام السلاح في الانشطة الحياتية وبناء ثقافة نبذ العنف وتعظيم دور منظمات المجتمع المدني هذا مع دور الاعلام الريادي في التوعية بمخاطر الاسلحة وحث المواطن على الانصياع للقانون واحترام دور المؤسسات الشرطية والامنية ومحاربة انتشار وحيازة السلاح غير المشرع واشاعة ثقافة السلام وقبول الآخر والعمل من خلال الاجهزة الاعلامية لذلك هذا مع استخدام الموروث المحلي والاستفادة من الشعر والدراما والملصقات والصحف ومن البرامج ذات المشاهدة العالية وتغيير المفاهيم السالبة السائدة عن السلاح.
وختمت الورقة بالقول بأنه وعلى الرغم من ان اقتناء السلاح يعطي الاحساس بالامان الا ان النتيجة دائما تأتي سلبا على الدولة والمجتمع والافراد، ولو كان الامن الشخصي يعتمد على امتلاك السلاح كما يوفر للشخص ما يكفيه من الاحساس بالأمن.

الصحافة

Exit mobile version