خمسون قرشا فقط

[ALIGN=CENTER]خمسون قرشا فقط!! [/ALIGN] *عندما فكر السادة ناشرو الصحف قبل حوالى عام في رفع سعر الصحيفة إلى جنيه تبنينا في صحيفة (السودانى) خطا معارضا للفكرة حتى ان احد هؤلاء الناشرين قال لى متهكما: (ألا ترتاحون إلا إذا عارضتم؟!)، فقلت له: (اننا ضد كل ما يضر بنشر المعرفة وحجبها عن الجماهير، فهى الاداة الأولى والاساسية للتطور، فاذا كانت رهينة بالمال لما تقدم الانسان خطوة واحدة الى الأمام وظل يرسف فى قيود الجهل والتخلف والعبودية وهو ما سعى اليه كل الذين كانوا ضد تطور ورقي الانسانية بأجناسهم ومعتقداتهم المختلفة منذ فجر الانسانية الى يومنا هذا، وعندما افتتح الله سبحانه وتعالى رسالته الخاتمة للبشر أجمعين بكلمة “إقرأ” فلم يكن ذلك ناجما من فراغ أو اختيار عشوائي ولكن لأن القراءة تعني المعرفة والعلم والايمان والحرية والتطور، فكيف نضع امامها العراقيل برفع سعر الصحيفة ونحن نعلم ان معظم قرائنا الاعزاء من الطبقة الكادحة التى تكابد من اجل العيش بكرامة والسعي الجاد للحصول على المعرفة وأحد أهم وسائلها هي الصحيفة؟!).
* أفحمته إجابتى فسكت، وكان قرارنا في الصحيفة إبقاء السعر على ما هو عليه، حتى جاء وقت طرح فيه الموضوع مرة أخرى وتغلبت الكثرة على الشجاعة – كما يقولون – وارتفع سعر الصحيفة مع بعض الصحف الأخرى الى جنيه، واذكر جيدا انني قلت للاستاذ محجوب عروة وآخرين إن عاقبة هذا القرار ستكون وخيمة على الصحف وأصحابها، وحدث ما توقعته فقد هبط توزيع كل الصحف بلا استثناء وانصرف القراء عنها، وما زاد الطين بلة سوء مستواها والانشطارات الصحفية الكثيرة التى شجعها ومولها البعض بغرض تدجين وإضعاف الصحافة وتأثيرها على الرأي العام.
* لم يرضنا بالطبع كصحفيين وكتاب هذا الأمر فأجمعنا على مخاطبة مجلس الادارة ومناشدته بالرجوع عن القرار لمصلحة القارئ والمواطن والوطن أولا ولمصلحة الصحيفة ثانيا، وقد كلفني الزملاء الاعزاء كوني عضو مجلس الادارة ومستشار التحرير برفع الالتماس للمجلس وقد حدث، وكانت الاستجابة بأسرع مما تصورت برغم تحفظات البعض مثل الأخ أسامة عروة لأسباب موضوعية يلم بها أكثر من بقية اعضاء المجلس بحكم تخصصه وخبرته في المسائل المالية، ولكن كان الرأي الغالب هو خفض سعر الصحيفة مع ما في ذلك من مخاطر مالية كبيرة، كما تحاورنا حول إشراك بقية السادة الناشرين وكان الرأي هو الانفراد بالقرار لما فيه من أخطار لا نريد لغيرنا أن يتعرض لها إن حدثت لا قدر الله، وألزمنا الأستاذ عروة الذى كان مع إخطار ناشري الصحف الأخرى بالالتزام بسرية القرار!!
* اعتبارا من يوم الجمعة القادم الذى يصادف ذكرى استقلالنا المجيد وتيمنا بهذه المناسبة الطيبة فلقد قررنا بإجماع مجلس ادارة وصحفيى صحيفة (السوداني) خفض سعر النسخة إلى (50) قرشا فقط كخطوة أولى تتبعها خطوات أخرى إن شاء الله من أجل التصحيح والتطوير والله الموفق وهو المستعان!!

صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
29 ديسمبر ،2009