فاطمة بت عبد القا..

[ALIGN=CENTER]فاطمة بت عبد القا..[/ALIGN] تواصل وسائل الاعلام الامريكية عامة، وصحافتها الصفراء خاصة، نهش لحم أخيهم الميت (تايغر وود) وهو حي، لاعب الغولف الثري والشهير .. وعلى طريقة التور إن وقع كترت سكاكينو فقد تكاثرت سكاكين الروايات وحكايات ألف ليلة وليلة التي تحكى عنه، وما ذاك إلا بعد تسرب خبر تعرضه وسيارته للاعتداء بالضرب بمضرب الغولف من زوجته الشابة الغيورة، على اثر سماعها لـ (شمار) تعدي احدى الشقراوات على حماها واقامة علاقة مع زوجها النجم المحبوب .. ما ان انتشرت هذه المعلومة حتى بدأت بعدها مباشرة حملة اعلامية مسعورة لمتابعة الحادثة، ولعل بريق القضية اجتذب كم من الباحثات عن الشهرة فصار كل يوم جديد يحمل للشاشات شقراء جديدة تدعي على الملأ وبلا (خجلة) أنها كانت على علاقة بالنجم (أبو عين زايغة) .. ورغم أن هذا السعار ادى لتدهور العلاقة بين النجم وزوجته حتى غادرت بيت الزوجية تحت سمع وبصر الكاميرات، ودخل الرجل في حالة انطواء وعزلة قد تؤدي لجيب سيرة البحر، إلا أن ذلك الوضع الماساوي لم يزد وسائل الاعلام إلا سعارا وصار التباري والمراهنة على احتمالية لجوءه للانتحار، وعن الحصة التي ستؤول من امواله لزوجته إذا رفعت عليه قضية طلاق، حيث قدر المقدرون أن الزوجة الجريحة ستخرج بـ (خمسمائة مليون دولار) بالميت !! وهي نصف ثروة الرجل الالعبان !
سقت ذلك المثال الغريب عن ثقافتنا وعاداتنا الاسلامية السمحة، لأنه أول ما خطر على ذهني وأنا أقرأ التحقيقات والتقارير التي سارعت بنشرها وسائل الاعلام السودانية عن حادثة تعرض (طفلة) طالبة مدرسة للاعتداء بواسطة استاذها في المدرسة .. رغم فظاعة الحادثة ودلالاتها ومأساوية تبعاتها، ولكن ما استوقفني وجعلني أحس بوجعة وانكسار القلب هو صورة الطفلة وهي تجلس بجوار والدتها على سرير بسيط تنبئ حواشيه وفرشته عن بؤس حال اصحابه، فكل ما فعلته وسائل الاعلام لحفظ خصوصية الطفلة هو وضع ذلك الشريط الاسود على عينيها وعيني والدتها ..
على طريقة احد شباب الجيل الجميل عندما سأل عن اسم محبوبته فرفض حرصا على سمعتها، ثم بعد ملاوأة وتحفظ أخبرهم بأنه سيفصح عن حرف اسمها الأول وهو (فاطمة بت عبد القا..) !!
وسائل الاعلام التي أخبرت عن اسم الولاية، والمحافظة، والقرية التي حدثت فيها الفاجعة، بل واسم المدرسة والاستاذ المجرم ومدير المدرسة الضحية الثاني للحادثة .. بل ونشرت الاسماء الكاملة لشهود الحادثة نفر .. نفر، الذين تبرعوا برواياتهم ببساطة أهل الريف، اجتهدت بعد ذلك في الحفاظ على سرية شخصية الطفلة الضحية بوضع الشريط الاسود المعلوم على عينيها ..
فكرت في مستقبل هذه البنية وما ستؤول إليه الامور في مسيرة حياتها القادمة .. هل ستعود لتتلقى دروسها في نفس المدرسة ؟ وتدخل لتصحيح كراساتها في نفس المكتب الذي شهد مأساتها الفظيعة ؟ كيف ستعاملها رفيقاتها وصاحباتها واترابها من صغار الحيّ ونحن أدرى بقسوة صراحة الصغار؟ وفي المستقبل البعيد وسعيد من سـ (يدق سدرو) ويضحي بتغطية قدحها ؟
أسرة الطفلة التي عاشت المأساة مرتين مرة عندما أوتيت صغيرتهم من مأمنها، ومرة عندما قرر أحد افرادها أن يسيّر القانون بـ (ضراعه) عندما عاندت عجلاته الدوران.. هل سترمي هذه الاسرة الاحزان وراء ظهرها فتغير محل اقامتها، لتستقر في مدينة جديدة لم يسمع سكّانها عن القصة الحزينة ؟ وقبل كل هذا هناك سؤال مهم جدا، وهو الاستفسار عن حالة هذه الطفلة النفسية، ففي بلاد أخرى غير بلادنا حين يتعرض طفل لصدمة نفسية قاسية، يلزم القانون الجهات المسؤلة بعلاجه من الاثار النفسية السالبة الناجمة من الصدمة، خاصة إذا كان الضحية طالب مدرسة، ففي هذه الحالة لا يسمح له بالعودة لمقاعد الدراسة مالم يشهد اطبائه النفسيين بتعافيه التام من آثار الصدمة ..
لك الله يا البنيّة المسكينة فليل آلامك الطويل ما زال طفلا يحبو

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version