سبحان الله .. هى العبارة التى جرت على لسان كل من استمع إلى حكاية المواطن محمد حسن إبراهيم (46) عاماً الذي يعمل سائق (تاكسي) في الخرطوم. وتبدأ تفاصيل الحكاية بعد زواجه من «سعاد محمد حسن» وقلقه على تأخر الإنجاب الذي لم ينجح الأطباء في تبديده على مدى (17) عاماً. وذات صباح وبينما هو يستفتح رزق اليوم بمشوار جديد ركب معه شيخ تبدو عليه سمات الورع استمع لحكايته وقال له سيرزقك الله بطفل. تجاهل محمد الأمر ليفاجأ بعد (4) أشهر، وبعد (17) عاماً من الانتظار، بأن زوجته «حامل».
يقول محمد لـ(الأهرام اليوم): لم أصدق الأمر حتى أكد لي الأطباء صحة الخبر، ويضيف «أنا على باب الله وكنت أعمل بمجهود خرافي لأوفر ثمن الفواكه والزبيب لزوجتي حتى أصبح دمها (97%)»، وفي الشهر التاسع وبمستشفى أمبدة أنجبت له ثلاثة أبناء. توقف محمد عن الحكي بعد أن خنقته العبرة، وتابع: «كانت المفاجأة أن الصغار بصحة جيدة». ولكنه اصطدم بعقبة أخرى وهي رسوم المستشفى التي بلغت (1400) جنيه وكادت المستشفى أن تحجز الزوجة مما اضطره إلى بيع «التلفاز والمسجل والموبايل» ليوفر المبلغ الذي طُلب منه حتى ينقل أسرته الجديدة للمنزل. شعوره طاغٍ بالسعادة تملكه وتسبب له في صدمة أفاق منها بعد ذلك. (3) أطفال مرة، هكذا كان يردد محمد ولكن المفاجأة الحزينة حدثت عندما ذهب يسترجع مبلغ مائة جنيه (للسماية) استدانها منه قبل شهور زميله الذي يقود (تاكسي) آخر وتفاجأ بأن زميله توفي في اليوم ذاته ليعود بخفي حُنين. وتكتمل الفرحة التي تيسرت لها كل الأسباب فأطلق على صغاره الثلاثة بنتين وولد (إبراهيم ومنى ومزدلفة)، ويتابع: «والدتهم لم تكن تدر اللبن ولذلك كنت اشتري لهم كل ثلاثة أيام (علبة) لبن بدرة بـ(25) جنيهاً أحصل عليها أحياناً وأحياناً أخرى لا أستطيع. يوم الخميس الماضي توفت والدة الأطفال «سعاد» بعد أن أصيبت بصداع تسبب في إغلاق الشرايين ماتت مخلفة وراها ثلاثة أطفال يكابدون جراح اليُتم ولا يعلمون بأي ثمن خرجوا إلى هذه الدنيا، سيما وأن والدهم قرر أن يسافر بهم إلى ولاية النيل الأبيض، موطنه الأصلي، ليعيشوا بالقرب من (خالاتهم) ليمثلن لهم حضناً دافئاً بينما والدهم البسيط يغالب مكابدة النزيف وتحاصره الفجيعة والحيرة بوفاة زوجته المخلصة التى قاسمته الفرحة والانتظار ولكنها فرحة لم تكتمل للأسف الشديد.
الأهرام اليوم