** حسنا ..قبل أن نضع دائرتنا حول الإجابة الصحيحة ، يجب أن نضع دائرة الإمتياز حول الفكرة .. أي فكرة أن يكون في البلد مركز إعلامي يستفتي أهل البلد في أمور دنياهم وحياتهم العامة ، فكرة تستحق الإشادة والتشجيع ..في الغرب الذي يلعنه العالم الثالث سرا وجهرا ، آراء الناس هي التي تصنع القرار وترسم مسارات حياتهم بكل سلاسة وصلابة ، ومراكز إعلامية ودراسية وإحصائية هي التي تجمع تلك الآراء ثم تحزمها بالتحليل العميق والفحص الجيد ، لتستفيد منها الأنظمة الحاكمة ومؤسساتها في صناعة القرار..هكذا تتجلى أهمية إستفتاءات آراء الشعوب هناك ، أما هنا في عالمنا الثالث – والأخير – فإن الغاز المسيل للدموع وهراوات شرطة مكافحة الشغب وسجونها لاتزال هي الآليات الإستراتيجية لمقياس الرأى المثالي ..والحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه ..!!
** المهم ، نرجع لسؤال كومون ونجيب ..والإجابة ليست مختصرة في نعم أو لا أو لا أدري ، علما بأن كل ما سبق يصلح جوابا ، ولكن دواعي التحليل تقتضي بعض الحديث المر ..والحديث المر ليس عن القوى المعارضة فقط ، بل عن القوى الحاكمة أيضا ..للأسف ، كل تلك القوى تفتقر إلى الديمقراطية التي هي تتشدق بها ليلا ونهارا ، وفاقد الشئ لايعطيه يا كومون ..ومن الخطل أن تذهب بنا عقولنا إلى مظان المثالية في الإنتخابات القادمة لنترقب عملا مثاليا من تلك القوى .. كل قوانا السياسية ، من أقصى اليمين لما بعد اليسار ، المعارضة والحاكمة ، حسب نتائج مؤتمراتها الأخيرة ، ما هي إلا بمؤسسات عسكرية في ثياب الواعظين بالديمقراطية ..يجمعهم الزعيم عند كل مؤتمر ليعلن عن نفسه رئيسا على المسمى بحزبهم أو مرشحا إنابة عن المسمى بحزبهم ، وماهو بحزب ولايحزنون ، وما على الجمع الكريم – عند الأمر – إلا السمع والطاعة ثم التصفيق أوالتهليل ..هكذا حال الديمقراطية فى كل القوى ، حاكمة كانت أومحكومة.. والأدلة تتماوج أمامك ..!!
** ثم التحالف لخوض الإنتخابات في البلاد التي أحزابها تؤمن بالديمقراطية وتمارسها في أجهزتها التنظيمية ، يكون تحالفا حول البرامج الأساسية والرؤى الإستراتيجية ، فبالله عليكم ماهي تلك البرامج والرؤى التي تحالف حولها الشعبي والشيوعي ، على سبيل المثال ، بمؤتمر جوبا ..؟..وماهى البرامج والرؤى التي تحالف فيها دعاة السودان الجديد ومتاحف السودان القديم ..؟..لن تجد إجابة عميقة ومقنعة تبرهن لك نضج قوانا السياسية ، لن تجدها ، ولكن حتما ستجد إجابة سطحية ناتجة عن قصر نظر مخيف ، فحواها : البرامج الأساسية لأحزابنا والرؤى الإستراتيجية لخارطة طريقنا هي إسقاط المؤتمر الوطني و( خلاص ) .. أها ، وبعدين ..؟..أي ثم ماذا بعد إسقاط المؤتمر يا قصير النظر ..؟.. الصمت والهمهمة أو إجابة متواكلة من شاكلة ( الله في ) .. بالمناسبة : إتحاد طلاب جامعة الخرطوم الذي كان بيد التحالف بالأمس ، بيد من اليوم ، ولماذا ..؟.. لأن هذا الشبل المتحالف بالجامعة من ذاك الأسد المتحالف بجوبا ..وهكذا طرائق تفكيرهم منذ ميلاد قواهم السياسية وحتى فجر اليوم ، لم تعلمهم التجارب المريرة درسا به يعيدوا النظر في طرائق تفكيرهم ، ولن تعلمهم ..ولهذا لن نغادر محطة ( اللت والعجن ) ..وما الإنتخابات المرتقبة إلا نموذج من نماذج ( اللت والعجن ) ، ولاتختلف كثيرا عن ( الفانوس حرق القطية ) ..ولو كانت هذه الإنتخابات إمرأة لإنتحرت قبل الإستقلال حتى لاتنسب للتنظيمات العسكرية والمسماة بـ ( الأحزاب السودانية ) ..!!
إليكم – الصحافة الاحد 06/12/2009 العدد 5909
tahersati@hotmail.com