** تلك الفئة ليست مهمة ، فالمهم أن أقلام الوعي بدأت تظهر منذ السبت الفائت في صحف الدول التي تشاجرت حتى سالت على جوانب شجارها الشتائم والإهانات وحرق الأعلام ، وكل هذا من أجل الكرامة أوكما يخدعون أنفسهم وأوطانهم وشعوبهم..تأمل صديقي القارئ ، كرامة الأوطان والشعوب تقزمت في مخيلتهم بحيث صارت بحجم ووزن ( كرة قدم ) ..فأبشري بطول إحتلال يا إسرائيل ، إن كان هذا بعضا من الوعي العربي ..وليت ( الصحف العربية ) بجانب شتمائمها المتبادلة ، تفسح مساحة لما تكتبه ( الصحف العبرية ) في هذا الحدث .. إنها تسخر ، لا من الدولتين فحسب ، بل من كل الدول العربية ، ولم تتردد في وصف الأزمة ب ( أزمة الحمقى ) ..!!
** وبالمناسبة ..أي للتوثيق ولكي لاننسى .. كان ولايزال وسيظل الأستاذ مصطفى بكري – عضو مجلس الشعب ورئيس تحرير صحيفة الأسبوع وأحد دعاة الوحدة العربية – كبير الساقطين في امتحان تلك المباراة وأحداثها ، بحيث جرفه الغثاء الإعلامي ورماه في قاع البؤس مع البؤساء ..ولاتزال صحيفته تخدع نفسها بمظان أنها تخدع الشعب المصري ، وتضحك على ذاتها بمظان أنها تضحك على الرأى العام العربي ، وتزعم بأن السودان والجزائر تآمرا ضد المنتخب المصري ..تأمل ، هكذا كان ولايزال خطاب مصطفى بكري ، أحد دعاة ( القومية العربية ) ..وشكرا للمباراة وأحداثها المؤسفة ، فمن إيجابياتها أنها أسقطت الأشجار اليابسة ، والتي كان يحسبها البعض الغافل خضراء وذات ظلال وثمار ..وكذلك أظهرت لنا المعادن الأصيلة للبعض الأصيل ، الأخ هانئ رسلان أحدهم، وكذلك الأخت أسماء الحسيني ، لهما الود والتقدير وهما يضيئان شموع الحقيقة في صحف الظلام التي ظلمتنا ..!!
** المهم ..مع عودة العقل والرشد إلي الصحف ، يجب أن نتجاوز المآسي تجاوزا لاينسينا أن نستلهم منها الدروس والعبر ، وهي كثيرة ، ولكن أهمها هو : أن عقول الشعوب الأفروعربية بعيدة جدا عن التفكير في قضاياها الإستراتيجية ..إحصائيات الفقر والأمية التي تتراكم فوق بعضها لا تستفز جمعا حتى يغضب..تقارير الفساد التي تلطم الوجوه على مدار العمر العربي ، لاتحرك ساكنا نحو التظاهر..سيول الجهل والمرض التي تغمر المجتمعات لا تجد طريقا الي عقول النخب الشتائمية ،بحيث تؤدي إلي تحريض تلك المجتمعات ضد تلك السيول ..و..!!
** و لا حتى الأنظمة التي أنانيتها وأحاديتها تكتم أنفاس الناس وتراقب حتى أحلامهم ، تدفع تلك العقول الي التفكير في تغيير الحال ..كل هذا لم يعد هما عربيا ، ولا مهما عند الشعوب الأفروعربية .. ولكن المهم جدا – كما تجلى للدنيا والعالمين – هو : مباريات كرة القدم ..ثم تخدير العقول بنتائج تلك المباريات .. هكذا يريدون للعقول الأفروعربية ، يريدونها مخدرة ونائمة ( نوم أهل الكهف ) ..والعقول التي تخدرها أهداف كرة القدم ، غير مؤهلة للبحث عن أهداف آخرى .. أي : لن تبحث عن أهدافها الإستراتيجية الضائعة والمهضومة والمنتهكة من قبل ولاة أمر ( إعلام التخدير ) ..أو هكذا الدرس المؤلم الذي قدمته تلك المباراة للناس في الحياة ..!!
** على كل حال .. انتهت المباراة، ويجب أن تنتهي آثارها من صحفنا .. باختصار كده : فضوها سيرة يا عرب .. هذا ، أو : نحن في السودان يجب أن ( نفضها سيرة ) .. فهناك ماهوأهم من ( ضربونا ، بهدلونا ، طاردونا ، دشدشونا و…و..غيرها من الثكلي ) .. ولا أنا غلطان ..؟
إليكم – الصحافة الثلاثاء 24/11/2009 العدد 5897
tahersati@hotmail.com