** ومركز السودان هذا لايختلف كثيرا عن المراكز التي ظل السودان يحتكرها في التقارير السابقة ، أي لم نبارح محطة الدول التي تتصدر قوائم الشفافية الدولية منذ كذا سنة ، فقط تتفوق على دولتنا السودانية – كل عام – الصومال وأفغانستان والعراق وغيرها من اللادول التي تحكم بواسطة حركات مسلحة وقطاع الطرق أوجيوش الاحتلال .. وربما لوكانت لتلك اللادول مؤسسات حكم تشريعية وتنفيذية وقضائية – كما حال دولتنا السودانية ذات مؤسسات الحكم المكتملة – لما سبقتنا في صدارة قائمة الفساد ..أي : هم يختلفون عنا بأنهم لادول ، بينما نحن دولة ، ومع ذلك لم نفارق محطتهم عاما في تقرير منظمة الشفافية الدولية ، وكأن دولتنا أيضا ليست بدولة ذات أجهزة تشريعية وتنفيذية وقضائية ، مهمتها – بجانب مهام أخرى – مكافحة الفساد أيضا ..تلك الأجهزة التي تشكل معالم الدولة السودانية ، لوكانت تكافح الفساد ، لما زاحمت الدولة السودانية تلك اللادول في صدارة الفساد كل عام ، أو يشير معنى تقرير منظمة الشفافية الدولية منذ ..( كذا سنة ) ..!!
** ومن العجائب ، أن تقارير المنظمة معترف بها في دوائر الاقتصاد العالمي ، ولكنها لاتجد اعترافا في دوائر الاقتصاد السوداني ، وكأن اقتصادنا يخص دولة تقطع في الجزء الجنوبي الغربي لكوكب زحل ، وليست بأفريقيا التي تنتمي جغرافيا لكوكب الأرض الذي يشكل دول العالم ..ولاة أمر إقتصادنا لايعترفون بتقارير الشفافية الدولية ، بل بعضهم يتمادي في دفن حقائق التقارير تحت رمال التنطع والمزايدة ، ويصفها – بكل بساطة – بأنها تقارير ذات أجندة تستهدف الحكومة الرشيدة ونهجها القويم و مكتسبات الأمة وعقيدتها وخيرات المشروع الحضاري التي عمت البلاد ،أو هكذا يتنطعون أمام تقارير المنظمة كل عام ..لم تحدثهم أنفسهم بعد بقراءة تلك التقارير بعمق وحياد، ثم تحليلها بحرص وحياد ، ثم تلخيص الأسباب والمعالجات .. لم يحدثهم نهجهم بفعل كهذا ، ولن يحدثهم ، بحيث نظرية المؤامرة التي يغلفون بها كل السوءات هي..( النهج الساري ) .. !!
** عفوا ، ليست تلك النظرية فقط ، بل التنطع أيضا ، وكان حديث وزير العدل آخر نموذج ، حيث قال نصا قبل نصف شهر : «نحن نعتمد على الوازع الديني في محاربة الفساد» .. تأمل هذا الحديث العلمي والعملي لوزير أعلى سلطة مناط بها مكافحة الفساد…وازع ديني .. طيب الماعندو وازع ديني ينهب بلا إحم أو قانون ..ولا كيف ..؟..المهم ، هكذا يتكئون على جدار التنطع ويضربون بتقارير منظمة الشفافية الدولية و( المراجع العام السوداني ) عرض الحائط ..حسنا ، فلنسئ الظن في المنظمة ، خائنة وعميلة وصهيونية وبت ستين كلب ، فماذا عن المراجع العام السوداني ( غير الدولي ) …؟..تقريره الأخير لايختلف عن تقرير المنظمة إلا في الشكل واللغة ، ولكن لاخلاف في المعنى الذي يشير بوضوح إلي نمو الفساد وإزدهاره في مؤسسات الدولة الاتحادية والولائية ..كلاهما – تقرير المراجع وتقرير المنظمة – يؤكدان ارتفاع نسبة الفساد ، فلنقل إن تلك المنظمة تستهدف أركان العقيدة و ثوابت الوطن وبرامج المشروع وقيم الأمة و( باقي الأسطوانة دي ) ، فماذا عن هذا المراجع ..؟؟
إليكم – الصحافة الاثنين 23/11/2009 العدد 5896
tahersati@hotmail.com