بالرغم من المحاولات والاجتهادات التي درجت ولاية محلية الخرطوم على تفعيلها للقضاء على ظاهرة البيع غير المنظم أو ما يعرف بالبيع المتجول بين الفينة والأخرى لم تصل المحلية إلى مبتغاها بعد، فقد ظلت ظاهرة الباعة المتجولين تراوح مكانها رغم سعي المحلية المتواصل لاجتثاثها والقضاء عليها كلية حيث تقابل جهودها بارتياح من أصحاب المتاجر والمحلات الثابتة بينما تجد الشجب والاستنكار من الباعة المتجولين.
وعلى غير العادة في سائر أيام السنة تنشط التجارة المتجولة في المواسم والأعياد لأجل هذا فقد نشطت مع حلول شهر رمضان الكريم وعادت الفوضى إلى الأسواق واكتظت شوارعها وزادت ضيقا على ضيقها جراء عرض الباعة المتجولين لسلعهم في عرض الطرق الأمر الذي أدى إلى صعوبة عبور الراجلين، فقد وصف بعض المواطنين الذين استنطقتهم الصحافة بالفوضى وعدم النظام الناتج عن غياب أعين الرقيب السلطوي الحاسم والجاد في القضاء عليها بينما يحمد فريق من المستطلعين للظاهرة توفيرها سلعا للمواطنين بأسعار أقل من تلك التي يطلبها أصحاب المحلات الثابتة نسبة لعدم سداد الباعة المتجولين لأي رسوم وعدم تحملهم لتكلفة إيجار أو عوائد أو ضرائب أو حتى رسم كهرباء في وقت يدافع فيه الباعة المتجولين عن موقفهم بل يطلبون السماح لهم بالاستمرار بإلقائهم الائمة على السياسات الاقتصادية الكلية للدولة التي جففت المشاريع الإنتاجية الحقيقية في القطاعين الزراعي والصناعي ،الأمر الذي قاد إلى نزوح سكان الولايات وتوجههم صوب العاصمة بحثا عن لقمة عيش كريم يقيهم مؤونة مد أياديهم وسؤال الآخرين وأبانوا أنهم ليسوا ضد النظام والترتيب وعلى الحكومة إن كانت جادة في خدمتهم وتوفير جهدها في مطاردتهم أن توفر لهم أمكان بيع ثابتة.
وقال المواطن عبد الباقي عبد الله الذي وجدته في قلب لجة ميدان جاكسون فسألته عن رأيه في الباعة المتجولين فأوضح أنها نظريا غير مقبولة وتنم عن عدم التنظيم والترتيب الذي تعاني منه واجهة البلاد العاصمة القومية التي يقصدها الزوار من الداخل والخارج فطبقا لهذه النظرة يجب أن توقف أما عمليا فيى عبد الباقي أنها ظاهرة تعكس الواقع الاقتصادي المتردي الذي يقع تحت قبضته الغالبية العظمى من المواطنين بائعون ومشترون حيث إن البائع لا يلجأ إلى عرض بضاعته وهو غير مطمئن من نهشات مطاردة الجهات الرسمية إلى إذا ما كان ما يجبره على قبول وضع كهذا أقوى منه ويواصل بأن معظم الباعة المتجولين قدموا إلى العاصمة من مناطق الإنتاج الحقيقي في المشاريع الزراعية والرعوية بعد تجفيفها وتراجع عجلة إنتاجها وطالب الحكومة بمعالجة المشكلة من جذورها عوضا عن الانشغال والاهتمام بمكافحة ومحاربة أعراضها وأضاف أنه من جانب آخر يحسب لظاهرة البيع المتجول توفيرها للسلع بأسعار معقولة أو أقل من تلك التي يطلبها أصحاب المحلات الثابتة الأمر الذي يتماشى مع رغبات ومقدرات السواد الأعظم من المواطنين الذين تناقص مستوى دخولهم السنوية أو الشهرية أو اليومية حيث يجدون أنفسهم عاجزين عن الإيفاء بما يطلبه أصحاب المحلات الثابتة من أسعار تفوق مستوى مقدرتهم المالية وختم عبد الباقي بأن المسألة أكبر من توفير عدد من السيارات لمطاردة الباعة المتجولين إنما تحتاج لدراسات اقتصادية واجتماعية عليمة رصينة تمكن من وضع الترياق والبلسم الشافي لهذه الظارهة دون إغفال لأي جانب فيها وإعمالا لمبدأ لا ضرر ولا ضرار.
ومن جانبه يقول أحد الباعة المتجولين القدم من ربوع ولاية الجزيرة الخضراء يدعى الطاهر حسان إن تراجع مستوى الدخل والعائد من الزراعة في مشروع الجزيرة حدا به إلى القدوم إلى الخرطوم بحثا عن مستوى دخل أفضل من الذي كان يتحصل عليه بالجزيرة وأنه لم يجد أيسر وأسرع عائد مادي في أي مشروع من الذي توفره التجارة رغم الظروف السيئة والبيئة المتردية التي يعمل فيها غير أنه يقول إنه مضطر لركوب الصعاب من أجل لقمة العيش الكريم . وقال إن الحكومة هي السبب في ما وصل إليه الباعة المتجولون من حال بائس وهوان عليها ومسؤوليها وطالب الحكومة بالنظر إليهم كرعايا وأن تنظر إلى حالتهم بعين العقل وأن تأخذها بالدراسة والبحث والتنقيب عن الأسباب بعيدا عن سياسة العنف التي تمارسها معهم كأنهم شياطين ليس جزاؤهم سوى الرجم وقال إن من يعمل على البيع والتجارة أفضل من الذي يبحث عن إشباع رغباته وحاجاته بالطرق غير القوةمية كالسرقة والنهب ومعاقرة المحرمات وأقر بأن مظهر البيع المتجول تكون خصما على مظهر العاصمة لكن الباعة ليس لهم سبيل غير التي أمامهم وأضاف أن الظارهة لن تنتهي بالوسائل والطرق التي تتبعها المحلية الآن.
وغير بعيد عن إفادات حسان لخص المرضي محمد القادم إلى الخرطوم من أرض البطانة ظارهة الباعة المتجولين في كون الضالعين فيها كلهم قادمون من مناطق مشاريع زراعية تدحرجت عجلة إنتاجها أو من مناطق حروب ونزاعات أفضت إلى هجرة قاطنيها وعلى هذا الأساس ينبغي على السلطات النظر إلى الظاهرة وليس من زاوية الحرص على جمال الخرطوم، وتساءل أيهما أحق بالصون والحفظ الإنسان الذي يبحث عن لقمة عيش كريم له وأسرته ؟ أم العاصمة التي يراد لها التجميل ؟ وطالب بمعالجة مشاكل الباعة المتجولين والاجتهاد لمعرفة أسبابها لإزالتها فعندها يوقل المرضى لن تجد السلطات من تطارده وإن عجزت عن فعل ذلك فعليها أن تعمل وسعها في تأسيس أسواق وأماكن منظمة للباعة المتجولين.
وعلى صعيد أصحاب المحلات الثابتة يقول أحمد المصطفى عبد الماجد إنهم مواجهون بسداد رسوم وعوائد وضرائب وتعرفة الكهرباء والمياه وخلافه من الخدمات وأنهم يجدون أنفسهم مجبرين على إضافة قيمة تلك الرسوم إلى أسعار السلع التي يعرضونها الأمر الذي يولد فارقا كبيرا بين الأسعار التي يطلبنوها عن وجه حق وبين تلك التي عرضها الباعة المتجولون الذين يجدون أنفسهم في حل من أي رسوم الأمر الذي قاد المستهلكين إلى الاتجاه على إقتناء سلع الباعة المتجولين وترك اللجؤ إلى المحلات الثابتة وهم في ذلك محقون نسبة لتساوي السع في الجودة وتفاوتها في السعر وحتى يحدث توازن يقول عبد الماجد لابد من مراجعة عجلى لأمر الباعة المتجولين
صحيفة الصحافة