فبأي الآء العُشرة والمودة تكذّبون ؟

[ALIGN=CENTER]فبأي الآء العُشرة والمودة تكذّبون ؟![/ALIGN] يحلو لمنظّري الزواج المفاضلة بين زواج عاطفة يتوج قصص الحب الرومانسية، وبين زواج تقليدي يتبع الإختيار بالمنطق العقلاني ويراعي شروط الرضا والقبول بين الطرفين .. فهناك من يدعم النوع الأول ويعتقد بأن زاد المحبة هو (البنزين) السوبر الذي يضمن استمرار مسيرة سيارة الحياة الزوجية في دقداق وحفر ومطبات طريق الزوجية الصعب، وهناك من يدعم النوع الثاني المبني على أسس علم المنطق الحسابي، والذي يصلح لتضريب المسألة بحسابات السُترة والصُلحة، بعيدا عن تهويمات الرومانسية التي لا تؤكّل عيش، وبعيدا عن الأحلام الوردية والتوقعات التي غالبا ما تخيب باستيقاظ (الحبيبان) عند ملامسة أرض واقع المعاشرة والمعايشة والمصاقرة اليومية، خاصة عندما يبدأ شريك الحياة باستخراج (وشوشه) الخفية، من (وش النوم) مرورا بـ (وش الساعة اتنين ونص) وهذا الوجه خاص بساعات زروة الزهج، وصولا لـ (وش الكلب) الذي يدسّه الشريك – زوج أو زوجة – لساعة (الكعابة والشكل).
تقول أمثالنا (الجديد شديد) و(الغربال الجديد ليهو شدّة)، وهذا ما ينطبق على مستجدي الزواج عندما تجرفهم الأماني العذبة في بداية الحياة الزوجية، وتدفعهم للمبالغة في سكب محلبية الحنان والاندياح العاطفي مع شريكة الحياة، ثم بمرور الأيام والسنين يتحول ألق الجديد لـ بهتان لون العادي والروتين، وتُفقد المعاشرة الجِدة والشِدة، كما الحال في ردة فعل العريس على تعثر العروس بالحجر أمام اللكوندة ..
للحقيقة، تذهب الدهشة والانفعال بمرور السنين بين الزوجين، ليحل محلهم حنان المودة والعشرة التي لا تهون إلا على (الجافين)، ويتحول التعبير عن الحب بالكلمات لـ الالتزام بالأفعال .. إلتزام الزوج بالكد من أجل استقرار وسلامة وضمان مستقبل الزوجة والابناء، وإلتزام الزوجة بحسن التبعّل وصون كرامة زوجها وابنائها عن كل ما يشين أو يكسر الضهر ويطاطئ الجبين ..
قد يتزمر شريك الحياة ويقذف في وجه شريكه بتهمة (بقيت ما زي زمان)، ويتجاهل أن شريكه هذا (بقى أحسن من زمان) عندما تحول من مرحلة التنظير إلى مرحلة التدبير .. فقد جاء رجل إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشتكي زوجته ويريد تطليقها ، وعندما سأله لماذا ؟ قال : بأنه لا يحبها ، فقال له عمر : ثكلتك أمك وهل كل البيوت تبنى على الحب ؟ أين المودة وأين المُدامة ؟
لا تبنى البيوت على الحب والغرام ولا يعتمد استمرار الحياة الزوجية الصعبة على الهيام، ولكن أهم شروط الزواج أن يتحقق به الاستقرار والسكن النفسي كما جاء في محكم التنزيل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) .. هذه المقاصد السامية للزواج لا تنفي حوجة الطرفين لـ الكلمة الحلوة والتشجيع واظهار المودة والعرفان بالجميل .. مرة .. مرة، خوفا من أن ينطبق على الشريك مثل (الحمار شكّروهو برك) ..
لشدة ما تعودت النساء على جفاف عواطف الازواج، صارت من تسمع كلمة حلوة من فم زوجها تنتابها الهواجس بأن الزول ده ناوي يعمل ليهو عملة .. لذلك لفتتني بشدة قصيدة الشاعر المرهف (المعز عمر بخيت) التي نظمها في زوجته وأم عياله وقال في مطلعها:
– جيم – دالٌ – ياءٌ – تاءْ لا ريب في حروفها ولا رياء .. نقية كما الضياء ندية كروح ماء وعش طائر حنون..براءة وداعة ونشوة هتون تجود بالهوى فتورق الغصون
لا الكأس دونها ارتوى ولا السقاة يحزنون فبأي آلاء حسنها تكذبون
بـ (جيم) جيدها النضيرواستكانة الجفون أم (دال) دنّها المبارك المصون أم (ياء) يسرها الذي لا عسر بعده يكون أم (تاء) تاجها المضيء في سمائنا وأجمل العيون
فبأي آلاء حسنها تكذبون
– ويستمر الزوج العاشق حتى يقول:
فراشة سمت بأسطح الحريق واللهب .. تجود بالحياة لوحة مضيئة فضاؤها وهب مدائن السحاب سوسناً وحلة وقلب .. وإن تراءى طيفها ولاح واقترب تنفس الشعاع ومضة وهاجر التعب فبأي آلاء حسنها يكذّب الذهب؟
تخريمة جوة الموضوع
اخواتي الحريم .. انا بقترح لو ثبت لينا بالدليل القاطع ان أخينا (المعز) لم ينظم قصيدته الرائعة تلك في أم العيال من باب (الكشكرة) وترقيد الشعر، أن نرشحه لنيل جائزة الدولة التقديرية لـ (الرجال البعزو نسوانهم) وده من باب تحفيّز الباقين !

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version