جملة من المبررات والعوامل دفعت الكثيرين من المغتربين الى التفكير بالعودة النهائية بالأخص المغتربين بدول الخليج. منها مقتضيات الضرورة الوطنية في الدول المعنية التي تتبنى برامج ضخمة لإحلال العمالة الوطنية مكان العمالة الأجنبية للإستغناء عنها على المدى البعيد أو تقليص حجمها على المدى القصير، وهذا يفسر إحدى جزئياته بتدني الطلب على الأيدي العاملة الأجنبية، الى جانب إزدواجية سوق العمل العالمي بدول الخليج حيث يعمل الوطنيون الى جانب الأجانب في سوق عمل واحدة، مع اختلاف شروط الخدمة، وإضطرار أرباب العمل استخدام العمالة الأقل تكلفة مما دفع المنافسة الى وضع سيئ.
والأوضاع المعيشية للسودانيين بالخارج تتمثل في التدني النسبي في مستوى الدخول وارتفاع تكاليف المعيشة وبالأخص للذين يقيمون مع أسرهم وتداعيات الأزمة الاقتصادية وفقدان ملايين من المواطنين عملهم حسب منظمة العمل الدولية التي توقعت أعدادهم بحوالى (05) مليون عامل. كل هذه العوامل دفعت العديد من السودانيين في المهجر للتفكير بالعودة الى السودان. إلا أن العائدين يحتاجون الى اهتمام متزايد يوماً بعد يوم لتلبية حاجاتهم وطموحاتهم وتوظيف مدخراتهم للإسهام في النشاط العام. وهذا لن يتأتى إلا من خلال قيام كل الجهات ذات الصلة بما ينوط بها تنفيذه رغم أن الدولة أولت إهتماماً بشريحة المغتربين باستصدار قانون في العام 8991 الذي ينظم العلاقة في مجال رعاية المغتربين ومواجهة الأزمات الطارئة لعودة أعداد كبيرة من المغتربين في فترة وجيزة على سبيل المثال عودة أعداد كبيرة من الجماهيرية الليبية حيث قامت الدولة ممثلة في الأجهزة والوزارات ذات العلاقة بتشكيل لجنة لإعداد برنامج متكامل لتحسين أوضاع العائدين كل في مجال إختصاصه، وأصدرت القرار رقم (95) لمنح إعفاءات جمركية للأمتعة الشخصية للعائدين وإعفاء كامل للعفش الشخصي، تجهيز مخططات تفصيلية على مستوى الولايات وبشكل سريع يضمن حق العائدين ومنع التضارب في سوق الأراضي الذي كان سبباً في عدم قدرة العائدين من شراء أراضٍ مخططة حفاظاً على حقوقهم وتوفير الوثائق اللازمة لتأكيد الملكية، وتشجيع استثمارات المغتربين أفراداً وجماعات في المشاريع السكنية بالتنسيق مع جهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج والجهات ذات العلاقة بعد تقديم دراسات الجدوى اللازمة.
واستشعاراً بأهمية قضية العائدين وأسرهم من المهجر وتهيئة مناخ جاذب وملائم لهم عقدت الادارة العامة للهجرة بجهاز المغتربين ملتقى تنويرياً لانشاء صندوق لدعم العودة الطوعية للمهاجرين وأسرهم طالب خلاله المتحدثون بضرورة تحديد مصادر لتمويل الصندوق ودعا د. كرار التهامي الأمين العام بجهاز تنظيم السودانيين العاملين بالخارج بضرورة تحديد الجوانب القانونية ومصادر الدخل المعتمد من الجهات المختصة مع الأخذ في الاعتبار أن «5» ملايين سوداني يرغبون في العودة إلى السودان، مشيراً إلى ضرورة وجود مؤسسة تعني بالجوانب الانسانية والإعسار لهؤلاء، وأشار إلى الأوضاع التي يعاني منها المغتربون في ظل التغيرات الاقتصادية وتزايد معدلات الجرائم التي يرتكبها بعضهم خارج الوطن بسبب أوضاعهم مما يؤدي إلى تشويه صورة السوداني الذي عرف بالأمانة والنزاهة والأخلاق أينما وجد.
وقال إن السودانيين في بعض الدول العربية مثل ليبيا ولبنان يمتهنون مهناً هامشية وأن أغلبهم من فئة غير المتعلمين ويكونون عرضة للإنحلال وارتكاب الجرائم وقال إن «05%» فقط من السودانيين يتمتعون بوظائف في دول الخليج بينما يعاني البقية من العطالة والاعمال الهامشية. وأضاف بأن الدولة تكفلت باعادة «01» آلاف سوداني من الجماهيرية وهذه تعد خطوة غير مسبوقة على مستوى العالم. وهذا في إطار خلق أوضاع جيدة لهم في وطنهم. وزاد بأن إدارة الهجرة والمنظمات والجاليات بصدد وضع دراسة لصندوق دعم العائدين لأرض الوطن. بشكل طوعي. وقال إن أهداف الصندوق إعفاء «08%» من المغتربين من الضرائب لتشجيع المهاجرين للعودة الطوعية ومساعدتهم في كسر حاجز الخوف من تراكم الضرائب. وأوصى كمال علي مدني مدير الصندوق القومي للمعاشات أن تسهم الدولة بنسبة «64%» لتمويل الصندوق المقترح و«15%» من منظمات المجتمع المدني وتخصيص بند من الزكاة للصرف على العائدين. ومساهمة البنوك في مشروع الدعم فيما أبدى عبيد فضل المولى مدير الخطوط الجوية السودانية استعداد الشركة في المساهمة بشكل فاعل في دعم العودة الطوعية.
صحيفة الراي العام
تقرير: نبيل صالح