أكد الداعية السعودي الشيخ عائض القرني أن في الدين الإسلامي فسحة أمام السائحين الذي يقصدون الجمهورية الفرنسية هذا الصيف لقضاء إجازاتهم في التعامل مع القرار الأخير بحظر النقاب، مؤكداً أن الآية الكريمة (فاتقوا الله ما استطعتم) تعتبر فسحة، مشيراً إلى أنه “لا يجب علينا أن نجابه الناس في بلادهم أو في غير بلادهم، أو أن نحمل أنفسنا على المشقة”. وأضاف: “أجرها – إن شاء الله – ثابت، لأن آثاره السلبية تنعكس عليها وعلى زوجها، فالواجب أن تكون عندنا مرونة في أخذ هذا القرار والتعامل معه، لأن في الدين مسايرة للزمان والمكان والأمور الطارئة”.
وأوضح القرني أن إحدى المنتقبات اتصلت به من فرنسا فأورد لها الفتوى نفسها. مضيفاً “حتى السائح عليه أن يأخذ بهذه الرخصة في كشف الوجه، وهذه الفتوى موجودة وعمل بها، بل إن الشيخ المحدث الألباني له كتاب يرجح فيه القول ذاته”، بحسب ما قال لصحيفة “الحياة” اللندنية، السبت 24-7-2010.
وقال القرني في اتصال هاتفي مع الصحيفة حول جواز كشف الوجه في حال السفر للسياحة أو الدراسة، إنه “يرى في حال طُبّق الحظر على نقاب المسلمة هناك، وحصل إثر ذلك رد فعل أو آثار سلبية أو مضايقات أو ضرر، فإن من الأحسن أن تكشف المرأة المسلمة وجهها وهذا القول جاء به كثير من الفقهاء من أحناف وشافعية ومالكية”.
وطالب الداعية السعودي الحكومة الفرنسية بمراجعة قرارها حظر ارتداء النقاب والبرقع في أراضيها قائلاً: “ليس من المنطق والمعقول أن حكومة فرنسا تقدم على هذا العمل، وقد أنكر هذا العمل أناس محايدون غير مسلمين لأن الدولة العلمانية تنص على حرية الأديان، ومن المفترض أن تحترم الطقوس الدينية والشعائر الدينية للأديان، بما في ذلك المسلمات”.
النجيمي: أتفق مع القرني
وقال القرني لـ”العربية”: هذه الفتوى قديمة وسبق لي أن أفتيت بذلك، لأن فيها قول للفقهاء، مع العلم أني عدت للرأي الراجح في السعودية، وهو تغطية الوجه وهو ما نص عليه كثير من العلماء وفيه أدلة. لكن الرأي الثاني له وجود وله أدلة وقد ألّف فيه الشيخ الألباني كتاباً. وفي حديثي لجريدة الحياة قصدت أنه واتباعاً لقول الله تعالى (واتقوا الله ما استطعتم) أن نساير هذا الأمر، فإذا حصل مضايقة للمرأة المسلمة في الغرب فيجوز لها الكشف عن وجهها. وهنا استنكر قرار فرنسا حظر الحجاب، خاصة وأنها تقول إنها دولة علمانية وتمنح حرية الدين للجميع”.
من جانبه قال د. محمد النجيمي، عضو مجمع الفقه الإسلامي، “إذا كانت المرأة ذهبت إلى الغرب للدراسة والعلاج أو مقيمة أو دفعتها الحاجة للإقامة في بلدان تحظر النقاب هناك، فإني اتفق مع أخي الشيخ القرني بأنه يجوز لها أن تكشف وجهها.
ولكن أختلف معه بأنه لا يجوز للمرأة السعودية المنقبة التي تقلد فتاوى علماء بلادها أن تذهب في سياحة إلى بلد غير مسلم، لأنه لا يجوز لها بالأساس أن تذهب إلى بلد غير مسلم دون حاجة أو ضرورة، فهذا لا يجوز شرعاً. أما المرأة المحجبة التي تكشف عن وجهها وتقلد فتاوى علماء بلادها فالأمر فيه واضح”.
ورد القرني على النجيمي بقوله: “أحترم رأي النجيمي، لكن لا أعلم نصاً يمنع المرء من السياحة في الأرض. أما ما تفضل به الشيخ النجيمي من عدم جواز الإقامة بين ظهراني المشركين الذي صح عن الرسول صلى عليه وسلم فالمقصود به إذا أقام مسلم في بلد غير إسلامي ولا يقيم فيه شعائره التعبدية وليس له أي مصلحة فذلك أمر فيه مسألة. وسئلت عن مضايقة تحدث للمرأة بسبب النقاب، وأنا فعلاً أطالب بأن تكون السياحة في بلادنا أو في البلاد الإسلامية مثل تركيا. وسبق أن سألتني امرأة مسلمة منقبة تعيش في فرنسا تتعرض للمضايقات بسبب النقاب فأفتيت لها بكشف وجهها”.
وأكد القرني لدى سؤاله فيما إذا كان يستثني السياحة من فتواه: “أقول للمرأة التي في مطار الرياض أو جدة بأنها إذا كانت ذاهبة لفرنسا وتعلم أنها مضطرة لخلع نقابها، فلا تسافري، وأنا جوابي كان في حالة محددة حيث أنها وصلت إلى فرنسا وانتهى الأمر. أي أن فتواي كانت في حالة محددة”.
وبالنسبة لخلع الحجاب يقول النجيمي: “إنه لا يجوز للمرأة المسلمة الذهاب إلى بلد تجبر فيه على نزع الحجاب، أما إذا كانت مقيمة وإذا كانت مثلاً لا تستطيع أن تذهب للجامعة إلا إذا نزعت الحجاب، فهذه ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات”.
عزوف كبير
من جهته كشف رئيس مجلس إدارة مجموعة الطيار للسفر والسياحة، ناصر الطيار، عن وجود “عزوف كبير تجاه تمضية الصيف في فرنسا، خصوصاً من قبل الأسرة المحافظة التي اختارت بريطانيا والنمسا اللتين شهدتا إقبالاً كبيراً هذا العام بما نسبته 120%”، عازياً ذلك إلى التسهيلات المقدمة من السفارة البريطانية للحصول على التأشيرة كونها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي مع انخفاض في سعر الجنيه الإسترليني. وأكد أن “هناك خلطاً لدى السعوديين في تحديد ما هو ممنوع أيقصد به النقاب أم الحجاب، وبما أن السائح يبحث عن المتعة لذا فإنهم يفضلون عدم الذهاب حفاظاً على راحة بالهم”.
يُذكر أن السلطات الفرنسية قد بدأت في تنفيذ القرار بتطبيق منع النقاب ومحاصرة المنتقّبات وتغريمهن، في وقت تؤكد فيه الإحصائيات أن فرنسا تعد الوجهة الأولى عالمياً للخليجيين بعدد يفوق 85 ألف عائلة سنوياً بزيادة سنوية تقدر بـ7% سنوياً.
ولا يعرف ما إذا كان العزوف الخليجي المتوقع سيجعل فرنسا تعيد النظر في القرار خصوصاً إذا لم تعد الخيار الأول لأثرياء الخليج الذين قد يفضلون أماكن بديلة ما سيؤثر على عائدات السياحة الفرنسية.
وفي 23 أبريل المنصرم نقلت وكالة الأنباء الفرنسية ضمن تقرير لها أن الحكومة الفرنسية تؤكد أنها ستطبق حظراً مقترحاً على ارتداء النقاب على السائحات مثل المقيمات رغم تزايد الشكوك حول مشروعية الحظر. وأن وزيرة الدولة لشؤون الأسرة نادين مورانو قالت إنه سيكون لزاماً على القادمات لزيارة فرنسا “احترام القانون” بكشف وجوههن، وهو ما دفع المنتقدين لإثارة الشكوك بشأن ما إذا كانت نساء العائلات الخليجية الثرية سيجبرن على كشف وجوههن أثناء التسوق في شارع الشانزليزيه”.
وقالت مورانو في تصريحات لإذاعة فرانس انفو: “عندما تصل الى دولة ينبغي ان تحترم قوانين تلك الدولة.. إذا ذهبت (أنا) إلى دول معينة فإنني أضطر ايضاً إلى احترام القانون”.
وكانت فرنسا بدأت في تطبيق أولى ومضات هذا القرار بداية عام 2010، حينما أعلنت حظراً جزئياً للنقاب داخل المؤسسات التعليمية.
ومع المنع، أقر القانون الفرنسي فرض غرامة قدرها 150 يورو لمن تضعه في الأماكن العامة من البلاد التي يعيش فيها 5 ملايين مسلم، بينما يقتصر عدد النساء اللواتي يضعن النقاب على 500 امرأة تقريباً.
العربية نت