أنزلت محكمة جنايات كرري أمدرمان برئاسة مولانا سليمان خالد موسى أمس الأربعاء عقوبة السجن لمدة (4) سنوات على رجل أدانته بقتل جاره أثناء تأديته لصلاة الصبح بجامع هريدي بمنطقة الثورة وأن يدفع المدان الدية الكاملة (30) مليون جنيه لأولياء الدم. وأمرت المحكمة بإبادة السكين أداة الجريمة بعد انقضاء مدة الاستئناف. وتمّت الإدانة بموجب المادة 131/2 فقرة (ط) من القانون الجنائي. وثبت للمحكمة أن المتهم كان يعاني من اضطرابات ضلالية اضطهادية تجعله لا يدرك ماهية أفعاله وعواقبها لحظة ارتكابه الجريمة وفقاً لتقارير المصحة العقلية. وجاء في حيثيات قرار المحكمة أن الوقائع تلخصت في وصول بلاغ لقسم مدينة النيل من الشاكي يفيد فيه أن المتهم جارهم الملاصق قد قام بطعن والده داخل مسجد هريدي بالحارة (10) أثناء أدائه لصلاة الصبح وسبب له الأذى الجسيم وتم إسعافه للمستشفى وحُجز بالعناية المكثفة التي لقي فيها حتفه متأثراً بجراحه، فكانت إجراءات البلاغ تحت المادة (130) من القانون الجنائي.
وقامت المحكمة بمناقشة عناصر مادة الاتهام بناءً على ما قُدم من بينات في قضية الاتهام ووجدت المحكمة بأن الشاكي ذكر بأن المتهم جارهم وتعوّد والده على الخروج للمسجد قبل الآذان الأول لتلاوة أوراده وأن أحد الجيران حضر اليهم وأخبرهم بأن المتهم طعن والدهم الذي تعاون المصلون على إخراجه وكان مطعوناً في جانبه الأيمن وأسعفوه للحوادث التي توفي بها. وأضاف بأن المتهم درج على اتهام المجني عليه دائماً وكان لا يحبه وأنه، أي الشاهد، سأله عن سبب كراهيته له وحدث نقاش بينهما وتم فتح بلاغ وتم استكتابه تعهداً بعدم التعرض للمجني عليه وذلك قبل (3) سنوات من الحادثة. وقدم عدد من شهود الاتهام إفاداتهم بأنهم شاهدوا المتهم يقوم بطعن المجني عليه. وذكر شاهد بأن المجني عليه كان يصلي أمامه وفجأة سمع المتهم ينادي عليه ثم ينهال عليه طعناً ووقتها كان يؤدي في الصلاة. وأضاف الشاهد بأنه رفع كرسياً كان بينه والمرحوم وضرب به المتهم والآخرون أمسكوا منه السكين وأن المتهم كان يقول بأن المجني عليه أرسل اليه الشياطين ويصفه بالجبان.
ورأت المحكمة أن الدفاع فشل في إثبات استفزاز المرحوم للمتهم وقدم بينة طبية سيتم استعراضها لاحقاً ووجدت المحكمة أن تقرير تشريح الجثة أثبت بأن سبب الوفاة الجروح الطعنية المتعددة وتهتك الإمعاء الغليظة والدقيقة والكبد. وثبت للمحكمة توفر علاقة السبيية بين فعل الجاني والنتيجة وأثبت ذلك تقرير الطبيب الشرعي. ورأت المحكمة أن علاقة السبيية ثابتة بالنسبة لنشاط الجاني الإجرامي وقصده الإجرامي يُستشف من سلوكه وتصرفاته وثبت ذلك باعترافه واستخدامه لآلة حادة في موقع شديد الحساسية وعلمه أن الموت نتيجة راجحة لفعله وعليه ثبت للمحكمة، فوق مرحلة الشك المعقول، إدانة المتهم مبدئياً بالقتل العمد.
وبمناقشة المحكمة لأسباب الإباحة وجدت أن المتهم لم يستفد من أي منها وانتقلت لمناقشة موانع المسؤولية الجنائية التي تنقل القتل من العمد الى شبه العمد حيث دفع ممثل الدفاع بأن المتهم ارتكب الجرم تحت تأثير نفسي وعقلي وقدم مستند دفاع (1) تقرير اللجنة الطبية النفسية بالتجاني الماحي واتضح فيه أن المتهم يعاني من اضطراب ذهاني يتمثل في هلاويس بصرية ورأت إيداعه المصحة لمراقبة حالته، وقدم مستند دفاع (2) من مستشفى عبد العال الإدريسي وجاء فيه أن المتهم يعاني من اضطراب شديد في التفكير ولديه اضطرابات ضلالية تجاه المرحوم كما انتابته اضطرابات ضلالية فكرية بأن المرحوم يقوم بإيذاء شقيقاته. وخلص التقرير الى أن المتهم لا يدرك ماهية أفعاله وعواقبها لمعاناته من اضطراب الضلالات الاضطهادية وبالتالي لا يصبح مسؤولاً عن تصرفاته. وعليه قررت المحكمة أن المتهم يستفيد من الدفع وقررت إدانته بالقتل شبه العمد وبسماعها للظروف المخففة والمشددة أصدرت عقوبتها بالسجن والدية.