يحكى أن هناك ملكا طاغية – في رواية أنه (فرعون) ذات نفسو – طلب أن يصنع له ثوبا لم يلبس مثله أحد، ولـ (التعترو) فقد وقع في شباك محتالين، أوهموه بأنهم سيصنعون له ثوب من نسيج فريد لا يستطيع أن يراه سوى الصادقين أصحاب الامانة، ولأن ذمة صاحب العظمة كانت أوسع من ثقب شملة بت كنيش الأوزوني، فقد ظل يحضر لمتابعة سير العمل في الثوب الوهمي ويبدي اعجابه الشديد به، وهكذا استمر الحال، حتى أخبروه بأنهم قد أكملوا صناعة الثوب على أبدع ما يكون (زي ما انت شايف) ..
قرر الملك أن (يتعوجب ويقشر) بثوبه الفريد فخرج في موكب عظيم يطوف على شعبه ليروا ابداع الثوب .. خالت الحكاية على الجميع، فالكل خاف من أن تفضح قولة (يعمينا فيهو) دواخلهم الخربة، حتى جاءت الحقيقة العارية على لسان طفل صغير عندما جذب ذراع أباه وهمس له بأن (الزول ده مالو حايم ميط ؟)
شقي الحال هو البقع في القيد:
استضافتني قناة النيل الأزرق – مشكورة – في احدى حلقات (سهرة الجمعة)، وكان النقاش حسب ما أذكر عن محفزات الكتابة الابداعية .. كان الحوار سلسا ومضت السهرة في (أمانتي الله)، وقرب نهاية الحلقة وجهت الأخت مقدمة البرنامج السؤال للأخوة المشاركين عن المعوقات والصعاب التي تحول دون وجود الملفات الثقافية في الصحافة بصورة يومية، فتحدث الأخ الكريم (زيادة حمور) عن قصور الدعم وعزوف القائمين على أمر الصحف عن اتاحة الفرصة لهذه الملفات بحجة أن جمهورها ضعيف ولا تؤثر ايجابا على مؤشر التوزيع ..
لـ شقاوة حالي ولساني الخفيف، (أنبريت) وتداخلت مع الأخ (زيادة) ليس بصفتي كـ كاتبة صحفية إن صح هذا الزعم، ولكن بلسان قارئ الصحف اليومية العادي، و(أفتيت) بأن الملفات الثقافية لا يطالعها سوى الصفوة ولها (ناسا) الذين يتابعونها، لأن المتلقي العادي – الزي وزيك – يجد صعوبة في هضم لغة الملفات الثقافية الصعبة ونهج الكتابة الأرأيتية والتقعر الذي يستعمله كتّابها، وضربت المثل بـ (بت أم روحي) وتجربتي مع الملف الثقافي لصحيفة (الراي العام) الذي يشرف عليه أستاذي المبجل – ده ما حنك والله – (عيسى الحلو)، ويداوم في الكتابة فيه أستاذي (محجوب كبلو)، وذلك لأنني أعاني ما أعاني في مطاردة فكرة المقالات أو المواد الادبية الموجودة في الملف، ولم يكن ذاك الجهد منّي في محاولة فهم الحاصل، إلا لكي أجيب على السؤال المعضلة:
(يا ربي الناس ديل عارفين روحهم عايزين يقولوا شنو؟)
صورة أفراد قبيلة (بني ثقيف) بـ طريقة كلامهم الملولول ومفرداتهم الغريبة .. (يُخيّل لي) و(في الحتة دي) و(الصيرورة) .. (المذاهنة) (المثاقفة)، أدخلتهم بفضل غرابتها وغموضها في زمرة (المقدسين)، وجعلتنا نحجم عن أن نبدي رأينا صراحة ونفتي بـ (عري) ذلك المنطق من قماشة الثقافة المتجمعة في بؤرة عين انسان الذات المنداحة وراء خط أفق الحقيقة .. فاهمين حاجة ؟ ولا أنا !!
حقيقة، كلنا نعلم أن هناك فرق بيّن بين المثقف ومدعي الثقافة المتثاقف، ولكن يظل من حقنا نحن عامة الشعب المتطلع لينهل من معين الثقافة الصحي صحي .. بي فهم وليس على طريقة معاكم معاكم، أن نكتسب الصبر على الغوص في أعماق بحور الغموض والرمزية، وان نتعلم المقدرة على التمييز بين (الدرر) وبين (الكلام الخارم بارم).
قالوا وقالوا وقلنا ليه !
المحيّرني، عندما قمت بزيارة مقر صحيفة الراي العام بعد طول غياب، اكتشافي أن هناك من شال الكلام وخت الكلام وقوّلني الـ (ما قلتو)، فقد زعم البعض بأنني هاجمت (الثقافة والمثقفين) في شخص أستاذي (عيسى الحلو)، وهذا ما لا يمكن حتى أن يخطر على بالي لكن نرجع نقول (شقي الحال هو البقع في قيد (المثقفاتية) عشان يعملوا بيهو موضوع).
هوي يا المثقفاتية .. انداحوا جاي ولّا جاي .. شوفوا ليكم شغلة غيري وما تبوتقوني في الحتة الضيقة دي أنا ما بقدر عليكم !
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com