* ويدعونى هذا الحدث المأساوي الى إعادة فتح ملفين فى غاية الأهمية، الأول هو وجود القوات الخاصة والمليشيات المسلحة بين المدنيين، حيث اوردت بعض الصحف أن الهجوم على الشهيد وزملائه قامت به مجموعة تنتمي لقوات القائد فاولينو ماتيب وتقيم بين المواطنين، وهو أمر اعتقدنا انه قد حسم بانضمام قواته لجيش الحركة الشعبية تنفيذا لنصوص اتفاقية السلام التى تحصر العمل العسكرى فى الجيش السوداني وجيش الحركة الشعبية والجيش المشترك الذى يتكون من قوات محدودة من الجيشين تقيم فى اماكن محدودة ولها مهام محدودة، فمن اين جاءت المجموعة المسلحة التى نفذت جريمتها البشعة؟ ولأي جهة تنتمي؟ وما الذى يجعلها تقيم وتتجول بين المدنيين وهى تحمل السلاح بدون رقيب او حسيب؟!
* لقد سئم الناس من سماع التبريرات والاعذار والوعود المستمرة كلما وقع حادث فقدنا فيه أعزاء علينا، وكلنا نذكر تصريحات الحكومة بعد حادثة حي المهندسين الشهيرة بأم درمان ووعودها بأن هذه الحوادث لن تتكرر ولن تترك المسلحين يهددون حياة المواطنين، ولكن ها هي الحادثة تتكرر فتثير الفزع وتقتل ضابطا برتية رفيعة وتصيب عددا من زملائه، فإلى متى يستمر اطلاق الوعود بدون أن تجد طريقها الى التنفيذ؟!
* الملف الثاني هو أوضاع الشرطة.. فالشرطة التي تتحمل الكثير من أعباء الأمن وتقدم الشهداء في ساحات السلم والحرب تتعرض لأبشع أنواع الظلم والتمييز فيما يتعلق بامكانياتها وتأهيلها واستحقاقاتها، وكلنا نعرف ذلك ونسكت عنه للأسف الشديد!!
* كلنا نعرف الظروف السيئة التى تعمل فيها الشرطة سواء ضعف الامكانيات او ضعف التدريب أو ضعف المرتبات مقارنة بما هو مطلوب منها من أعمال تهد الجبال!!
* نعرف أن الوضع سيء جداً في بعض المراكز والاقسام لدرجة أنه لا توجد ورقة فلسكاب واحدة لكتابة التحريات، وإما وقع العبء على الشرطي أو على الشاكي، ونعرف أن معظم جنود الشرطة لا يحصلون على اي نوع من التأهيل بعد استلام الوظيفة.. ونعرف أن مرتب الشرطي الذي قضى عشرين سنة في الخدمة ووصل أعلى درجات السلم الوظيفي لا يزيد عن ثلاثمائة جنيه.. نعرف كل ذلك ونسكت عليه ثم نطالب الشرطة بأن تجيد أداء عملها ونشن عليها اعنف انواع الهجوم إذا أخطأ أحد أفرادها، بل إن أحد زملائى بالصحيفة وهو الاستاذ (الزومة) يستنكر ويستكثر فى عموده على أحد منسوبي الشرطة تولي منصب وزاري فى حكومة ولائية بجنوب السودان لانه فقط عريف شرطة، هل هنالك ظلم أكثر من هذا؟!
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى ، 31 أكتوبر، 2009