توقع الأخطبوط “بول” الجمعة 9-7-2010 فوز إسبانيا على هولندا في المباراة النهائية التي ستجمع المنتخبين يوم الأحد المقبل في بطولة كأس العالم التي تستضيفها جنوب أفريقيا
كذلك توقع بول فوز المنتخب الألماني على منتخب الأوروغواي السبت، ليحتل بذلك المركز الثالث في المونديال الحالي “اذا ما نجحت توقعاته كما نجحت حتى الآن” بحسب ما أفادت وكالة “إفي” الاسبانية للأنباء
وقالت الوكالة إن بول أسرع بلا تردد نحو الصندوق الملصق عليه العلم الاسباني ليأكل مما في داخله من طعام متجاهلا بالمرة الصندوق الملصق عليه العلم الهولندي،على حد تعبيرها.
فما سر هذا الأخطبوط الذي أصبح أشهر من نار على علم في القارات الخمس بعد أن نجح فعلاً في “التنبؤ” بنتائج 6 مباريات خاضها المنتخب الألماني حتى الآن في مونديال كرة القدم بجنوب إفريقيا ؟
كيف تصح توقعات حيوان بحري تصفه الأبحاث العلمية بمحدود الذكاء لنتائج مباريات دولية، في حين لم تصح ترجيحات معظم خبراء اللعبة، خصوصاً الذين وصفوا منتخب ألمانيا بأنه جرار ولن تكون مباراته مع نظيره الاسباني يوم الأربعاء الماضي سوى نزهة في المونديال، فإذا به يخرج مهزوماً كما توقع الأخطبوط قبل المباراة بأكثر من 30 ساعة؟
الحيوان ذو القلوب الثلاثة
دلّت أبحاث وتجارب علمية أن الأخطبوط ينجذب الى الشكل الأفقي أكثر من العمودي، كما ينجذب الى الحدة واللمعان والوهج الصادر عن اللون، من دون أن يتمكن من رؤية اللون نفسه بالضرورة، لأنه لا يرى معظم الألوان. الى جانب أن هذا الحيوان “الأذكى” بين اللافقاريات مع أن الخالق ميزه بأن جعل له 3 قلوب في جوفه بدلاً من واحد، يميل بطبعه الى النظر يميناً، فيتجه الى المكان الذي رآه أولاً، أي حيث الجهة اليمنى، مع أن قدرته على التمييز فائقة، بحسب ما يؤكد دارسوه من العلماء.
هذا بعض ما له علاقة بالموضوع وتؤكده تجارب وأبحاث علمية أهمها لاثنين من العلماء الطليان، قاما في 1992 بأهم أبحاث وتجارب على الأخطبوط، وهما غازيانو فيوريتو وبييترو سكوتو، اضافة الى البروفيسورة والمحاضرة في علم المحيطات بجامعة بانغور في مقاطعة ويلز البريطانية، شيلاغ مالهام. كما هناك جانيت فوات، وهي عالمة باللافقاريات البحرية وناشطة مع متحف الطبيعيات والأحياء في شيكاغو.
وبالاضافة الى محاضرات ودراسات هؤلاء العلماء الأربعة هناك الكثير من الأبحاث تؤكد أن الأخطبوط الذي يعيش بين 5 و6 سنوات على الأكثر قد يكون الأذكى بين اللافقاريات والأكثر قدرة على الاستشعار، لكن قراره في التموضع في مكان معين ناتج عما في ذلك المكان من خطوط أفقية ينبعث منها لمعان أو وهج يبهره ويجذبه الى المكان. أما الخطوط العمودية والألوان الخافتة فيأنفها.
“يتكاثر” عن بعد
ومنذ بدأ المونديال قام بعض القيّمين على حوض مائي اتخذ شكل أكواريوم اسمه “سي لايف” بحديقة للحيوانات البحرية في مدينة أوبرهاوزن الألمانية، باستخدام الأخطبوط بول كوسيلة تسلية ليروا قدرته على “استشعار” نتائج المباريات التي سيخوضها المنتخب الألماني فقط، وقبل يوم من موعدها في جنوب إفريقيا.
ومعظم القيمين على الأكواريوم الضخم ملمين كما يبدو بمعلومات عن الأخطبوطات بأنها أكثر اللافقاريات البحرية قدرة على “الاستشعار” الى درجة أن الواحد منها لا يحتاج الى اتصال جسدي ليحقق التكاثر مع أنثاه، بل يجريه معها بمد أحد مجساته الطويلة عن بعد ليدخله في تجويف يؤدي الى المبايض الأنثوية من دون أن يرى الأنثى بالضرورة.
4 من 6 مباريات أوروبية
وكانت الطريقة هي نفسها التي تم فيها استخدام بول في دورة كأس أوروبا 2008، حيث نجح بتوقع نتائج 4 من أصل 6 مباريات خاضتها ألمانيا. والطريقة هي أن يتم وضع صندوقين من البلاستيك الشفاف في الأكواريوم المائي المتواجد فيه الأخطبوط، واحد عن اليمين والآخر عن اليسار، وملصق على أحدهما علم ألمانيا وعلى الآخر علم الدولة التي سيخوض منتخبها مباراته في اليوم التالي مع نظيره الألماني.
وكانوا يضعون في كل صندوق طعاماً للأخطبوط، هو اجمالاً رخويات لحمية من بعض زحافات البحر وعوّامات الماء، ثم يفتحون له الطريق نحو الصندوقين حين يجوع ويحين وقت علفه، فيقبل بول سريعاً الى الصندوقين ليتناول طعامه، والصندوق الذي يتجه اليه ويأكل منه سيكون صندوق المنتخب الذي سيفوز في مباراة اليوم التالي، لأن علم دولة المنتخب ملصق عليه.
ولأن علم ألمانيا الملصق على الصندوق يتميز بخطوط أفقية ألوانها حادة بعض الشيء، وليس فيه أي خط عمودي، وكان يتم وضعه دائماً الى الجهة اليمنى، فإن بول كان يتجه دائماً اليه ليأكل منه بطبيعة الحال، تماماً كما فعل قبل يوم من مباراة ألمانيا التي فازت فيها على أستراليا ثم مباراتها التي فازت فيها على غانا. ثم توقع فوزها على انجلترا وعلى الأرجنتين. كما توقع هزيمتها مع صربيا أولاً ومع اسبانيا أخيراً، عبر اختياره تناول الطعام من صندوقي هاتين الدولتين لا من الصندوق الألماني.
وفي علم صربيا وكذلك في علم إسبانيا خطوط أفقية كما في العلم الألماني، لكن حدة ألوانهما أقوى وتبث وهجاً ولمعاناً أشد مما تبثه ألوان العلم الألماني الخافتة.
مطالبة غاضبة برميه للأسماك
ويكفي النظر الى صور أعلام الدول التي لعب الألمان مع منتخباتها للتأكد من صحة ما تقوله الأبحاث عن الأخطبوط وتطبيقها على ما فعله بول المعرض الآن لأخطار وتهديدات ارهابية من غاضبين منه في ألمانيا لتوقعه هزيمتها مع صربيا، ثم مع اسبانيا، الى درجة طالبوا بشيه على النار أو رميه الى أسماك القرش للتخلص من شؤمه على الألمان، خصوصاً أنه ليس ألماني الجنسية بل مولود قبل 4 سنوات في مقاطعة ويموث بإنجلترا، أي أنه عجوز ونهايته الطبيعية اقتربت.
والأخطبوط المتوافر منه في البحار بين 200 الى 250 نوعاً، هو حيوان استمد اسمه من شكله، فمعنى اسمه 8 أقدام، أو “أكتوبوس” بلغة اليونان الأغريق القدماء، لأن له 8 أذرع، هي مجسات للاستشعار. ولرقم “أوكتو” استخدامات كثيرة في التاريخ بشكل خاص أشهرها أنه كان يعني الشهر الثامن في التقويم الروماني القديم، وهو عندنا العاشر في العصر الحديث، أي أكتوبر.
العربية نت