* معظمنا فى الشمال يتمنى لو يبقى الجنوب جزءا عزيزا من أرض الوطن، وأنا شخصيا لا أتخيل السودان بلا جنوب، ليس فقط من باب المصلحة التى تقتضى ان يظل الشمال والجنوب وطنا واحدا – وهى مصلحة مشروعة بشرط أن تتحقق باختيار وإرادة الجميع، لا بالقهر وحرق القرى والقوانين التعسفية – ولكن من باب العواطف المشتركة والعشرة الطويلة التى ربطتنى ولا تزال بكثيرين منهم!!
* ولكن لندع العواطف بعيدا ونسأل أنفسنا بتجرد ونكران ذات ونجيب بكل أمانة وشفافية ووضوح.. (ماذا فعلنا لنحقق آمال واحلام مواطنى الجنوب فى العيش الكريم ونزرع الاحساس فى نفوسهم بأنهم إخوة كرام لنا وجزء عزيز من الوطن؟!).
* صحيح ان الاستعمار البريطانى هو من بذر البذرة الاولى للخلاف والصراع بيننا وبين اخوتنا الجنوبيين، ولكن ماذا فعلنا نحن منذ ان خرج الاستعمار قبل أكثر من خمسين عاما لتذويب الخلافات ووضع الحلول الموضوعية للمشكلة وتخفيف أزمة الثقة الكبيرة بيننا، ورفع الغبن عنهم وزرع احساس الانتماء للوطن فى نفوسهم، بل ماذا فعلنا لننشر هذا الاحساس فى نفوسنا نحن والعمل من أجل رفعة وطننا وأنفسنا؟!
* لم نفعل شيئا ولم نفلح فى شئ غير الحروب والدمار والتكالب على السلطة وعزل الآخرين، فيئس الكثيرون وهاجروا وفضلوا رمضاء الغربة وفراق الأهل على نيران الوطن، بل ويسعى الملايين الآن الى الهروب ولو الى اسرائيل، فلماذا نستنكر سعى مواطنى الجنوب لتحقيق الذات والعيش الكريم، بينما لم نقابل تذمرهم وتمردهم سوى بالراجمات وحرق القرى ونقض العهود و(التهميش) وهى كلمة مخففة جدا لما عانوا منه فى بلادنا سواء بقصد أو بغير قصد!!
* مثلما قررنا مصيرنا بأنفسنا ونلنا حلمنا بالاستقلال الذى لم ولن نندم عليه برغم الضيم الذى نعيشه، فلنترك لهم الفرصة كاملة ليقرروا مصيرهم بأنفسهم بدون قيود أو شروط، وإذا كانت النسبة خمسين أو ستين فالقرار قرارهم والحياة حياتهم ونأمل أن تكون أفضل من حياتنا إذا قرروا الانفصال!!
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى، 18 أكتوبر، 2009