* دعكم من السياسة الخربة والصراعات والحرب الأهلية والفقر والحالة الاقتصادية المتردية والضنك الذى تعانى منه الأغلبية، فهنالك الكثيرمن الأمم التى تعاني مما نعاني منه، ولكنها تعوض الحرمان بلحظات فرح تعيشها بانتصار رياضى أو ثقافي أو معنوي أو أمل بالانتصار، أما نحن .. فلا انتصار ولا أمل ولا لحظة فرح، بل أحزان مستمرة !! والله إن شعبنا يستحق وسام الصمود الدولى ــ لو كان هنالك وسام بهذا الاسم ــ على الحزن الأبدي الذي يعاني منه، ، وهو اقتراح أتقدم به للهيئات المحلية والدولية وللحكومة السودانية أن تفكر بجدية فى تخصيص وسام الصمود الطويل الممتاز وتمنحه بشكل نهائي لشعبنا الصامد !!
* متى كانت المرة الأخيرة التي تذوقنا فيها طعم الفرح وعشنا لحظات سعيدة ؟! يوم الاستقلال، ثورة أكتوبر، فوز السودان بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، انتفاضة أبريل أم توقيع اتفاقية السلام؟!
* تخيلوا (خمس مرات) فقط عشنا فيها بعض اللحظات السعيدة فى حقبة زمنية تزيد عن خمسين عاما هي عمر استقلال السودان، أي بواقع مرة واحدة كل عشر سنوات، وإذا افترضنا أن كل فرحة دامت عاما كاملا، فإن خمسة واربعين عاما منذ استقلالنا كانت أحزاننا صافية بلا لحظة فرح واحدة، بلا انتصار ولا أمل في إنتصار واحد يمنحنا احساسا زائفا بالسعادة !! هل يحتمل غيرنا كل هذا الحزن؟!
* هل يحتمل شعب غيرنا أن تكون حياته خاوية من أي شئ يجلب السعادة مدة خمسة واربعين عاما كاملة.. لا إنتصار رياضي أو ثقافي أو فني أو أدبي أو علمي أو حتى في العبث واللهو؟!
* لو أخذنا بعض الدول الأفريقية كمثال، فإنها تعوض الحرمان الذي تعيشه في مجالات عديدة بتفوقها في المجال الرياضي واقتناص لحظات الفرح بانتصاراتها الرياضية العديدة، ولو أخذنا بعض الدول العربية فإنها تتفوق في المجال الفني أوالثقافي وتفرح بانجازاتها وانتصاراتها في هذا الجانب، ولو أخذنا بعض الدول الاسلامية الصغيرة فإنها تتفوق وتفرح بانجازاتها العلمية والأدبية.. وهكذا، أما نحن فلا شئ يعوض حرماننا من الحزن المستديم، والبؤس عندنا كامل العدد والعدة والعتاد .. وليلنا ليس له نهاية :
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى بصبح وما الإصباح منك بأمثل
فيا لك من ليل كأن نجومه أمراس كتان إلى صم جندل
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى،13 أكتوبر، 2009