مدرستنا .. حلوة خالص

[ALIGN=CENTER]مدرستنا .. حلوة خالص[/ALIGN] تداولت وسائل الاعلام ومن بينها صحيفة (حكايات) تقرير يناقش ظاهرة كراهية الابناء للمدارس، والطرق المثلى لتغير تلك الكراهية وجعل واجب الذهاب للمدرسة حلو وعلى قلوبهم زي العسل .. ياخ طاخ !
باقي لي شفع الزمن ده لو ساطوا ليهم المدارس بي موية السكّرما حا يرضوا يشربوها ..
في زمنّا .. لم نكن نحتاج لأن يوقظنا أحد في الصباح للاستعداد والذهاب للمدرسة، ولم نكن نمارس (النعنعة) والدلع الذي يمارسه أبناؤنا الأن، فقد كنا نراقب شروق الشمس مراقبة المشوق المستهام، لننهض من مراقدنا ونندفع بسرعة (صفر) لقضاء واجباتنا المنزلية – أوع بالكم .. منزلية مش مدرسية !!
فقد كنّا مكلفين بقش الحيشان وتطبيق الأغطية وفرش الملايات من كرفسة النوم، ثم علينا التعريج على المطبخ لغسل عدّة العشاء البايتة ومكدّبة وكبابي شاي الصباح .. كل هذا قبل أن ننزع جلبابنا (المزركش) وندرع جلباب المدرسة، ونحمل حقائبنا وننطلق بنفس سرعة (صفر) للمدرسة، خوفا من التأخير والوصول بعد بداية الطابور، حتى لا يبدأ يومنا الدراسي من صباح الرحمن بـ (محطتين) على الظهر بالخرطوش الأسود، كانن كافيات لمرصعتنا طوال الحصتين الأوائل قبل الفطور.. وربما سقطت تلك الشحطات بزاوية حادة، فتتورم وتبقى أثار السوط حتى مواعيد العودة للبيت وهنا نستفيد منها في الابتزاز العاطفي لأمي بـ :
شفتي .. أها دقوني عشان وصلتا بعد الجرس .. ده كلو عشان حميتيني أخلي خمّ الوسخ بعد ما أرجع !
فقد كنت أعاني من عادة سيئة كثيرا ما نلت من ورائها التقريع، وهي أنني أقوم بالقش ثم أركن الوسخ في ركن الحائط لتأتي الرياح فتحمله وتعيده سيرته الأولى ..
لا أدري ما الذي جدّ على المخدة .. الكيس وللا الروسية ؟ فغيّر أولادنا وجعلهم يشعرون أن (العلم شر لابد منه) ويعتنقوا مذهب (أهربوا من العلم ولو إلى الصين) ..
عندما يبدأ العام الدراسي أشيل الهم أكثر من أبنائي، وأشعر في كل صباح وكأن ثقلا في وزن جبال التاكا قد وضع على ظهري، وما زاك إلا من معاناتي في ايقاظهم للذهاب للمدرسة، فكلما توجهت لسرير أحدهم ودعكت ظهره في حنان وناديته (قوم وقت المدرسة جا)، انفجر محتجّا، وطلب مني أن أوقظ أخوانه أولا بحجة:
كل يوم تصحيني أنا أول زول .. أشمعنى يعني ؟
فأنطلق لشقيقه فيجيبني بـ بكية (أنا يوم داك مش صحيت قبالهم ؟)
وهكذا اعيد الموال ..
بصراحة .. كل الابناء صاروا لا يحبون الذهاب للمدرسة .. والسبب يحتاج لوقفة حقيقية من التربويين وأولي الأمر والمعلمين، لدراسة العوامل التي أدت لـ طفشان عيالنا وكراهيتهم للمدرسة كراهية التحريم .. هل السبب هو أزدحام الفصول بالطلاب حتى صارت أشبه بعلب الكبريت ؟.. أم هو تدهور مستوى تأهيل المعلمين ونقص الكادر المؤهل ؟ .. أم لعلها المقررات المكثفة والحشو العجيب ؟ أشارطكم .. لو الجماعة البضعوا المقررات دي قعدوا وأمتحنوا فيها .. ما حا يقفّلوها !
لا أعتقد أن السبب مرتبط بالكسل أو النشاط، ولا بالبلادة أو الشطارة فـ الشطّار ذاتم قاعدين نلزوهم لز علي المدارس !!
اتخيل لي زمان كانت أساليب التدريس فيها خيال وامتاع أكثر، فقد كنا نستمتع بالرحلات الخيالية لـ ديار الصدّيق في القولد، وننفعل ونتفاعل بشدة ونتسابق للوصول للكنز المدفون في شوارع الحي عن طريق الخريطة أو دونها ..
أذكر أن أستاذتنا كانت قد قامت بدفن مجموعة من أكياس الحلاوة في أرجاء الحي، ثم صنعت لموقع كل كيس حلاوة خريطة، ثم قسّمتنا لمجموعات واعطتنا الخرط للانطلاق، ولكن ما حدث ان احدى زميلاتنا كانت قد رأت الاستاذة في الصباح الباكر وهي تقوم بدفن أحد الاكياس، ولذلك ما أن غادرت مع مجموعتها حتى أسرت لهم:
بللا خريطة بللا لمّة .. أجدعوها .. ورح النوريكم ست (بخيتة) دفنت الكيس وين !!
طبعا أخذوا الكيس الذي لم يكن لهم، وبالتالي جاطت الحكاية وتنازعنا الأكياس حتى لحقت بنا الاستاذة فكان نصيب صاحبتنا علقة نضيفة جراء اعتدائها على مال الحلاوة العام !!
أما الزيارات الميدانية فكان لها سحرها الخاص .. زرنا الشفخانة .. وزرنا طاحونة وطابونة .. ده فرن العيش يا بني حنكوش .. وزرنا الكنتين وهنا كان لنا قصة لطيفة فقد كانت الزيارة لدكان يقع بالقرب من منزل احدى الزميلات، وعادة ما يقدم لنا من نقوم بزيارته هدايا رمزية، لذلك أهدى لنا صاحب الدكان مجموعة من أكياس الحلاوة، فكان أن سأل جارته زميلتنا بعد عودتها من المدرسة:
(الحلاوة عجبتكم ؟) فأجابته:
هو انحنا ضقناها ؟ الاستاذات اكلوها كلها .. ما خلوا لينا منها ولا حلاواية !!
ولسوء حظها أن سمعتها زميلة أخرى كانت قادمة لتشتري من الدكان، فنقلت القوالة بـ (صمّتا) للاستاذات .. طبعا متوقعين عملوا في المسكينة شنو ؟!!

ممكن نواصل في تحليل ظاهرة طفشان العيال من المدارس ويمكن لا .. علي كيف منووو ؟!!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version