مختبر الحياة

[ALIGN=CENTER] مختبر الحياة [/ALIGN] تلك البنية لا تخلو من حالة الجنون المتقدم.. أحياناً أحس أنها قطعت الشعرة الرفيعة بين الواقع والخيال.. كثيراً ما تحدثني عن أفكار أندهش لها.. لا لأنها بعيدة المنال ولكن لأنها صعبة التنفيذ بكل الاعتبارات على أرض الواقع.. سألتها يوماً عن عدم اهتمامها بأمر الزواج فقد لاحظت إحجامها عن التفكير في هذا الأمر.. قالت لي «عشان شنو».. فقلت لها «السكينة والمودة والرحمة والبنون والبنات»، فردت عليّ قائلة: «بالعلم يمكن الاستفادة من التقنيات الجينية والهندسة الوراثية لإنجاب أطفال وبالأشكال المطلوبة فما الضرورة للتقيد بهذا الأمر». فنزل ردها عليّ كالطامة فوجدت نفسي في حالة اندهاش تام اقرب إلى الشلل الكلي.. «بسم الله يا بت إنت عايزة تخالفي الفطرة والمعتقد»، فقالت بكل جسارة: «إذاً ما فائدة كل هذه البحوث والتجارب إن لم تطبق على أرض الواقع، فيجب أن تتطوروا معها فسوف يأتي زمن حتى إمداد الجسم بالغذاء لا يحتاج لكل الاجتهادات والزمن المبذول في إعداد الطعام وتحضيره، حيث يمكن اختزال ذلك بدربات وكبسولات من مكونات الطعام الأساسية حسب حاجة الجسم من البروتينات والنشويات والفايتمينات والدهون وغيرها». «فصرت أردد: إنك مجنونة بلا شك.. هل يعقل أن يخلق الله كل هذه الحياة بفطرتها وتعدد أنماطها المتسلسلة لتختزليها ما بين الصيدليات ومراكز الإخصاب.. استغفري وعودي إلى رشدك». وتفرقت بنا السبل والأيام لخمس سنوات لم أرها فيها حيث عملت بوظيفة مرموقة في منظمة معتبرة مهدت لها أمر الإقامة خارج البلاد، وطبعاً لم أجتهد في تتبع أخبارها لاعتقادي أنها تخضع حياتها للتجارب العلمية أكثر من طبيعة الحياة العادية، لكثرة ما تحدثت وبإيمان عميق وراسخ عن المختبرات والمعامل وتأثيرها على الحياة.. وشاءت الأقدار أن ألتقيها في محفل رسمي فوقعت عيني عليها فناديتها كما تعودت «البنية المجنونة» ودائماً ترد عليّ «البنية الكلاسيك»، وسألتني وسألتها عن أخبارها وماذا فعل الزمن بها وبي فلاحظت أنها بدت لي أكثر تعقلاً من قبل، فأخبرتني أنها تزوجت أحد أبناء البلد من المقيمين هناك، فسألتها عن المعامل والجينات فردت بكل فرح «كانت مرحلة».. فعرفت أنها خرجت من إطار الأفكار المجنونة وعادت إلى حظيرة الحياة العادية. آخر الكلام: الحياة ليست تجربة علمية، إنها الحياة كما فطرنا عليها الله وكما فطر عليها أبانا آدم وأمنا حواء.. أجود المعامل والمختبرات المرجعية في العالم هي مختبرات الحياة العادية.
سياج – آخر لحظة الاحد 04/10/2009 العدد 1135
fadwamusa8@hotmail.com
Exit mobile version