صحيفة (الوطن) تحاور السيد الصادق المهدي حول تداعيات طلب اوكامبو على الوضع السياسي الراهن

topicimg[ALIGN=JUSTIFY]يمكن للدبلوماسية السودانية أن تؤثر على أمريكا وبريطانيا وفرنسا إذا اقتنعوا بثـلاثة..
مواقفنا في التعامل مع النظام ليس خصماً على قضية دارفور ونحن أول من دعا بحلول لها
علينا أن لا ندخل في مواجهة مع الأُسرة الدولية حتى لا نصبح عراق آخر
التراضي الوطني أرضية لمبادرة جديدة وسننطلق إلى رحاب اوسع
لا نريد للسودان أن يكون مطارداً من قبل الجهاز الدولي العدلي عبر أفراده

حوار: فاطمة غزالي
لا شك في أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس اوكامبو الرامي لإصدار مذكرة توقيفية وتوجيه ثلاث تهم لرئيس الجمهورية المشير عمر أحمد البشير تشمل: «تهمة جرائم حرب، الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية»، اربكت المسيرة السياسية في السودان عقب تطورات سياسية كبيرة اهمها الاتجاه نحو حل الأزمة السوداينة عبر التداول السلمي للسلطة وفقاً لنتائج صناديق الاقتراع، إلا أن ما جاء به اوكامبو جعل البعض يقول إن السودان بدأ يعيش مرحلة تاريخية إما تنزل عليه الرحمة وكانت مرحلة تحمل في طياتها الإستقرار أو الفوضى التي تعيشها عدد من البلاد.
السيد الصادق المهدي أعلن أنه بصدد تقديم مبادرة لتكون بداية الطريق لتجاوز الأزمة.. «الوطن» جلست معه وطرحت عليه العديد من التساؤلات بشأن مبادرته، مستقبل اللجنة التي كونتها رئاسة الجمهورية، ونتائج جهود الدبلوماسية السودانية ومدى تأثيرها على امريكا واروبا داخل مجلس الأمن، عن التقارب القوي بين حزبه والمؤتمر الوطني، هل هو خصماً على قواعده بدارفور؟ واسئلة أخرى فإلى مداخل الحوار لنقرأ ما قاله بين السطور.

* السودان الآن في مفترق طرق عقب طلب المدعي العام للمحكمة الدولية لويس اوكامبو بتوجيه تهم للرئيس المشير عمر أحمد البشير ماذا تقول؟
– أقول رأيي ببساطة شديدة إن للسودان خيارين خيار التصعيد والمواجهة وهذا نتائجه ستكون انقسام داخلي حاد، ومواجهة مع الأسرة الدولية، وتترتب عليه مخاطر كبيرة جداً.. أما الخيار الثاني هو توحيد الجبهة الداخلية ودفع استحقاقات التوحد، وحل أزمة دارفور بصورة عادلة، والتعامل مع تطورات المدعي العام بهدوء ونفس بارد دون تصعيد، برأيي كل الدلائل تقول الخط الثاني هو المطلوب، صحيح نجد أفراد هنا وهناك يسيرون في خط التصعيد والمواجهة، ولكن اعتقد أن القوى السياسية في السودان في الغالب كلها حاكمة ومعارضة متجه نحو التركيز في ما يوحد الجبهة الداخلية، وما يعمل على حل أزمة دارفور.
* ولكن من خلال بيان حزب المؤتمر الشعبي الذي أصدر قبل يومين وتحدث فيه بصراحة عن أن الحصانة لا ترفع مبدأ العادلة، وموقف حزب الإتحادي الديمقراطي الموحد الذي تحدث فيه عن ضرورة تكوين حكومة ديمقراطية أَلا تعتقد انها اشارات لتباين مواقف القوى السياسية تجاه توحيد الجبهة الداخلية وسيكون حزب الأمة وحده قائداً لهذا الإتجاه؟
– لسنا الوحيدون في الساحة نسير في هذا الإتجاه هنالك قوى سياسية أخرى تسير في نفس الاتجاه، ومنها الحركة الشعبية كما في رأيي أن هنالك مشكلة تواجه الأسرة الدولية وهي التوفيق ما بين العدالة والإستقرار، وهذه المعادلة نحن الآن نبحث عنها، ومن يعتقد ضرورة المضي في موقف المحكمة الجنائية وكأن العوامل الأخرى ليست ذات اهمية اعتقد أن هذا الموقف غير واقعي ويخلق من المضار كثيراً وفي تقديري أن الجميع سيتجه نحو التوفيق ما بين العدالة والإستقرار، ومجلس الأمن الآن هو الجهة التي تعمل لإيجاد هذه المعادلة، لأن مسؤوليته هي الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين مع مراعاة المسائل السياسية والأمنية.. فالموقف في ظاهره يذهب للمواجهة، ولكن الحقيقة لابد من إيجاد معادلة توفيق بين الاستقرار والعدالة.
* هل تعتقد أن بياني الشعبي والإتحادي يشيرا إلى أن الأمة القومي وحده يقف بجانب النظام؟
– نحن أولاً لا نقف بجانب النظام وليس لدينا مخاوف على البشير أو أي فرد في النظام، ولكن مخاوفنا هي على إستقرار السودان، واعتقد أن كل الأطراف تدرك اهمية التوفيق بين العدالة والاستقرار، ولو قمنا باحصاء نجد أن الأغلبية السودانية الشعبية الآن هي من رأينا، صحيح هنالك من يريد المضي في رفض المساءلة، وخط آخر يريد الاستجابة للمحكمة الدولية كما هو، ولكن الأغلبية من رأينا الذي يقول لابد من التوفيق بين العدالة والاستقرار.
* اللجنة التي كونتها رئاسة الجمهورية برئاسة الفريق سلفاكير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب هل تعتقد انها ستنجح في تحقيق اهدافها؟
– هذه اللجنة تعد جزءاً من خطوات التهدئة بدلاً من التعامل بالإدانة المضادة والتصعيد، كما ان تكوينها يؤكد المضي تجاه التعامل مع القرار في إطار قانوني مهني وموضوعي، بالاضافة إلى أنها جزء من التهدئة وتساعد فيها.
* اعلانكم عن مبادرة وطنية لحل الأزمة هل التراضي يشكل ارضية هذه المبادرة لاحتواء التطورات السياسية عقب مذكرة المدعي العام اوكامبو؟
– نعم.. المبادرة تنطلق من التراضي الوطني، ولكن ستذهب إلى آفاق اوسع وبعد ان كان التراضي يسير بسرعة 50% نحتاجه الآن ليمشي بسرعة 200% أي ينبغي ان نتعامل مع الظروف بمنطقها الجديد.
* المبادرة هل اتجهت نحو الحركات المسلحة، كما أن هنالك حديث عن توجيه إتهامات لقيادات بالحركات المسلحة؟
– المبادرة ستجري اتصالات مع كافة الأطراف كما انه من المؤكد ان هنالك اسماء سترد – افراد في الحكومة والحركات – وأسماء أفراد منسوبين لقبائل وهذا ما يجعلنا نتعامل مع الكافة، وايضاً نتساءل هل نحن بحاجة إلى شغل سوداني أم شغل يجعل السودان مطارد وملاحق من قبل جهاز دولي لافراد سودانيين اما نبحث عن طرق أخرى فهذا لابد ان نفعله ونحن لا نتحدث عن مطاردة أفرد بقدر ما نتحدث عن التوازن بين الإستقرار والعدالة، وإذا علمنا بمفهوم المطاردة فإن النتيجة في نهاية الأمر ستعطي الأولوية للملاحقة بدلاً من أعطاء أولوية لحل مشاكل السودان، وهذا الإتجاه ضار.
* لو اتجه موقف المحكمة لقبول طلب المدعي العام هل هذا يعني إن السودان سيصبح عراق آخر؟
– في هذا أقول لكل حدث حديث، ولكن لابد أن نجنب السودان ما أصاب العراق، وعلينا أن نعمل سوياً لتجاوز هذا النفق المظلم بالدبلوماسية والطرق القانونية لأن الموجهات لمثل هذا النوع من القرارات التي تصدر من المؤسسات الدولية سيؤدي إلى مصير العراق.
* بعض المواقبين للساحة السياسية السودانية يرون أن موقف حزب الأمة يتجه نحو النظام في المقابل يفقد بمواقفه قواعده بدارفور؟
– حزب الأمة لم يقف مع مواقف النظام والعكس هو أننا هزمنا إتفاقية ابوجا وطرحنا بديلاً لها «وهذا الاتجاه ماشي» وفي تقدير هذا انجاز، وقلنا انها ليست بقرة مقدسة اي اتفاقية ابوجا، وهذا يؤكد أن موقفنا مختلف من موقف المؤتمر الوطني، كما اكدنا ضرورة ان يلتقي اهل دارفور للعمل من اجل دارفور وانقاذها، وتحدثنا عن مخرج يتجاوز ابوجا، وان أهل السودان بما فيهم الدارفوريين سيلتفون نحو التحول والعمل الجاد لحل أزمة دارفور.
ونحن في حزب الأمة نؤكد أننا دائماً ظللنا مستشعرين لخطورة الموقف بدارفور، كما أن القرار 1593 كان مؤسس على المؤتمر الصحفي الذي عقده الحزب في يونيو 2004م وكل من يقول إننا بعدنا عن دارفور او لم نعطيها أولوية في التعاطي فهو واهم ومعادي، لأننا أول من أثار مسألة التعويض والتجاوزات والتصدي لابوجا وهزيمتها، السعي لخلق حوار خارج إطارها ليأتي الحل مرضياً لكل الدارفوريين.
ولو تحدثنا عن موقفنا من طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية تجدي ان موقفنا مختلف عن موقف المؤتمر الوطني، أي موقفنا يتجه نحو مصلحة السودان، وهذا برأيي يجد الدعم من الشعب السوداني العام والدعم الدولي أيضاً لأن هنالك استقطاب حاد بين دول الشمال امريكا واوربا ودول الجنوب العالم العربي والإسلامي والافريقي بشأن طلب اوكامبو، وهذا يعني ان هنالك مواقف مضادة بين دول الشمال والجنوب، ونحن وحدنا رأينا «ماشي» في توحيد الساحة الداخلية والدولية في أهمية أحداث التوازن بين الاستقرار والعدالة.
* برأيك هل ستنجح الدبلوماسية السودانية في تحيد أو اقناع كل من امريكا وبريطانيا وفرنسا داخل مجلس الأمن لتكون مواقفها لصالح الحكومة السودانية؟
– نعم كل هؤلاء يمكن ان تؤثر فيهم الدبلوماسية السودانية اذا تأكد لهم اولاً حجم المخاطر التي يترتب عليها التطبيق الحرفي لقرار المدعي العام، ثانياً اذا ثبت لهم ان هنالك تطوراً في السودان يجعل الشعب السوداني جبهة عريضة وواحدة ثالثاً اذا اقتنعوا بان ازمة دارفور في اتجاه الحل، وهؤلاء بالطبع يتأثر موقفهم داخل مجلس الأمن بما في الساحة السودانية من التطورات المذكورة.[/ALIGN] الوطن – حوار: فاطمة غزالي

Exit mobile version