بعد يوم أو يومين من السيول التي اجتاحت شوارع العاصمة الرياض، تناقل الشباب السعودي مقطع فيديو لقارب استقله أحد الشبان، وهو يخترق عباب تلك السيول معلناً تحديه للحصار، ورافضاً التقيد بجميع تحذيرات الدفاع المدني بالبقاء في منزله.
ذلك الشاب يبدو أنه خلق نوعاً من الاستهلاك لمنتج عفى عليه الزمن وشرب في منطقة لا يستخدم فيها وهو “القارب”، إذ دفع ذلك عدد من السعوديين إلى الأسواق التجارية ومحال القوارب لشرائها تحسباً لفاجعة أخرى قد تحل بهم، أسعار القوارب أيضاً قفزت مؤشراتها تبعاً للطلب المتزايد لأحداث الرياض.
لا أثق بالأجواء
وتقول ليلى الدايل لـ”العربية.نت” إنها في يوم الثلاثاء 4 مايو 2010، وهو اليوم الثاني بعد العاصفة الممطرة التي ضربت العاصمة الرياض، ذهبت لأحد المراكز التجارية الكبرى (شرق الرياض) لشراء عدد من القوارب المائية (الهوائية) لأبنائها تحسباً لأي عاصفة ماطرة مشابهة، حيث قالت ليلى الدايل: “بعد أن رأيت أوضاع الطقس في الرياض بهذا السوء وعدم الاستقرار لم أتردد أبداً في أن أذهب مباشرة بعد هدوء العاصفة الأولى إلى أقرب مجمع تجاري للبحث عن قوارب مائية، فتوجهت لمجمع تجاري كبير في شرق الرياض لشراء القوارب، وبعد سؤالي عنها أبلغني البائع بأنها نفدت تماماً بكل أنواعها وأشكالها، الأمر الذي دفعني للتجول في عدة مجمّعات تجارية أخرى أملاً في أن أجد ثلاثة قوارب على أقل تقدير، لكن محاولاتي باءت بالفشل”.
وتضيف بن دايل أنها لم تعد تثق أبداً بالأحوال الجوية لمدينة الرياض تحديداً، بعد العواصف الممطرة التي اجتاحتها مطلع هذا الشهر الميلادي، وأن انعدام تلك الثقة لديها كانت السبب الرئيس في البحث عن القوارب المائية بأي شكل من الاشكال.
وعلى جانب آخر قال فهد بن أحمد الشارخ إنه يرى أنه من المنطق والعقل أن يكون في كل منزل في الرياض قارب مائي تحسباً لمثل هذه الأحداث واحتياطاً لحالات الاحتجاز التي تستمر ساعات طويلة وربما أياماً.
ويقول الشارخ: “خلال الأيام الثلاثة الماضية زرت ما يقارب 10 أسواق تجارية، ولاحظت بشكل واضح أن أسعار القوارب كانت مرتفعة بنسبة لا تقل عن 60%، فكانت القوارب الهوائية المائية تتراوح أسعارها بين 70 ريالاً و450 ريالاً، بينما كانت أسعارها قبل العواصف الماطرة بين 30 ريالاً و200 ريال، الأمر الذي أثار غضبي على عدد من العاملين في تلك الأسواق والمحال التجارية، لكن في نهاية الأمر اقتنعت بالأمر الواقع واشتريت قارباً مائياً متوسطاً بقيمة 320 ريالاً”.
في “النظيم”.. قارب يُبحر
لم يدر في مخيلة أي مخرج سينمائي في العالم أنه سيتمكن يوماً ما من تصوير مشهد لقارب مائي يتجول في شوارع مدينة الرياض وبين أزقتها، فكانت عدسة جوال عبدالعزيز العنزي قد رصدت المشهد الذي يصعب أن يصدقه سكان العاصمة الرياض دون أن يروه.
فقد كان فؤاد الذيابات يوم الأربعاء الماضي 5 مايو في تمام الساعة السابعة مساءً في منزله برفقة عائلته لحظة هطول الأمطار في العاصفة الثانية التي تعرضت لها مدينة الرياض.
وقال الذيابات لـ”العربية.نت”: بدأت الأمطار المصحوبة بالثلوج تهطل بشكل عنيف في تمام الساعة 7:15 مساءً، حيث لم تستمر في الهطول لأكثر من 15 دقيقة، لكنها استطاعت أن تغرق حياً سكنياً بأكمله، حيث تجاوز منسوب المياه في كثير من أجزاء (حي النظيم) الـ150 سنتيمتراً، وتحديداً في شارع (رفاعة بن أوس) الذي أسكن به، فبقينا محتجزين في المنزل 24 ساعة متواصلة، حتى قدم إلينا أحد أفراد الدفاع المدني بقارب مائي وركبت معه أنا واثنان من أبناء الجيران، لكي نذهب إلى مركز الدفاع المدني الذي يبعد عن منازلنا قرابة كيلو ونصف، للإبلاغ عن الأضرار التي تعرضت لها ممتلكاتنا بما فيها السيارات الخاصة بنا، متحدين التحذيرات بمنع الخروج من المنازل”.
ويضيف فؤاد الذيابات أنه لم يخطر في باله أبداً أنه سيتمكن يوماً من الأيام من ركوب قارب مائي والتجول به لمسافة في شوارع مدينة الرياض.
العربية نت