* يجب أن يكون المؤتمر فرصة للمصالحة وطي الخلافات القديمة على نمط المصالحات التي حدثت في العديد من الدول مثل جنوب افريقيا والمغرب وغيرهما، وإذا كانت جنوب أفريقيا التي شهدت تفرقة عنصرية بشعة وانتهاك حقوق لا مثيل له وسقوط آلاف الضحايا بالرصاص العنصري ودخول الآلاف الى السجون والمعتقلات، توصلت الى صيغة للمصالحة بين اعداء وخصوم الماضي وطوت صراعات الماضى بكل بشاعتها، فهل نعجز نحن عن التوصل الى صيغة مماثلة تجمع ولا تفرق خاصة مع الظرف الحرج الذى نمر به والاوضاع الاقليمية الملتهبة في المنطقة التي تحيط بنا والاعداء الذين يتربصون بنا ؟!
* صحيح أن الكثير من الاخطاء قد ارتكبت، ليس فقط في عهد الانقاذ، ولكن منذ خروج المستعمر ولا يستطيع أحد أو عهد أن يدعي أنه مبرأ من العيوب والأخطاء والتجاوزات، قلت أو كثرت، وبالتالى فإننا يجب أن نتجه بتفكيرنا وأن نعمل الى التوصل الى صيغة تفاهم ومصالحة وليس الى صحيفة اتهام لهذا الشخص أو ذاك العهد، منطلقين من اتفاقية نيفاشا التى جبت ما قبلها ومن اتفاقية ابوجا التى وضعت أساسا لا بأس به لحل أزمة دارفور وإنصاف أهلها وانهاء معاناتهم التى استطالت !!
* هذا هو الفكر الذى يجب أن يرتكز عليه مؤتمر جوبا ، وليس أي فكر آخر يجنح نحو المحاسبة والمحاكمة والتجريم، وإلا كانت العواقب وخيمة والمستقبل في كفت عفريت جامح هائج يعشق الخراب والدمار، والتجارب كثيرة من حولنا لا أحتاج لذكرها هنا !!
* ولكن بنفس القدر يجب أن يفهم المؤتمر الوطنى أن احتكار العمل السياسي ومنع الآخرين من حقوقهم الدستورية والانفراد بالسلطة والثروة سيقود الى نفس النتيجة المأساوية ويودي بالبلاد الى هاوية سحيقة لا يعلم إلا الله وحده كيف ومتى تخرج منها !!
* يجب ان نفهم أن الوقت أضيق كثيرا مما نظن ولم يتبق سوى شهور قليلة ليتحدد مصير البلاد والعباد، فهل نرتقِ الى مستوى المسئولية أم نترك بلادنا نهباً للعفريت الهائج الذى ينتظر على أحر من الجمر ليفتك بنا ؟!
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى، 26 سبتمبر، 2009