وترى حكومات تلك الدول ان مدة الثلاثة اشهر كافية لاستخدامها كورقة ضغط على الخرطوم لتحسين الاوضاع على الارض وفى المجال الانسانى الامر الذى يساهم ويخول مجلس الأمن بتعليق الإجراءات القضائية
وشملت الخطة التى اتخذتها الحكومة لخوض معركتها مع المحكمة الدولية مسارين الاول على المدى القصير( التعبئة ) عبر الحملات الاعلامية و المسيرات والاحتجاجات بغية الكسب والتاييد الشعبى والمسار الثانى وهو على المدى الطويل المواجهة السياسية بالتقارب مع القوى السياسية وتوحيد الجبهة الداخلية والاتجاه نحوالجامعة العربية والاتحاد الافريقى والمواجهة القانونية عبر مجموعة من كبار المحامين والحقوقين وقد عبر عن ملامح الخطة كل من مستشار رئيس الجمهورية الدكتور غازى صلاح الدين الذى قال انهم دبلوماسيا سيسعون الى سحب الملف بواسطة سفير السودان فى الامم المتحدة وسياسيا سيتحركون لتوحيد الصف الوطنى والايفاء باستحقاقات السلام والعمل لكسب التضامن العربى والاسلامى والافريقى واكتفى وزير العدل عبد الباسط سبدرات الذى يشكل راس الرمح فى هذه القضية بالقول ان لديهم عدة سيناريوهات لايرغب فى الكشف عنها للتعامل مع القرار
ولا تخطئ عين المراقب والمتابع حصافة المؤتمر الوطنى فى ادارته للازمة والعمل على تجاوزها خاصة فى محاولته لجمع الصف الوطنى الذى يعتبر العتبة الاولى للصعود نحو الحل بالاتجاه اولا لللاعبين الاساسين فى الساحة السياسية الحركة الشعبية صاحبة المصلحة فى الحفاظ على اتفاق نيفاشا وحزب الامة القومى الذي لاحت له الفرصة لتعزيز موقفه فى اطار اتفاق التراضى واذا ما نجح – اى المؤتمر الوطنى – فى تجسير الهوة فى تقاطع وجهات النظر حول بعض القضايا العالقة بينه والحركة الشعبية وحزب الامة وبالتحديد ما تدعو له الحركة الشعبية المؤتمر الوطنى الاعتراف بان لدارفور قضية عادلة يجب حلها فى اطار تقاسم السلطة والثروة واحترام القرارات الدولية بايجاد تفاهمات مع الاسرة الدولية واتخاذ خطوات جادة تجاه تعزيز الحريات والتحول الديمفراطى اما شواغل حزب الامة لم يكن بعيدا عن مطلوبات الحركة الشعبية وان كان زعيمه الامام الصادق المهدى يعبر عن تلك الشواغل بعبارات حمالة اوجه ويرمى بتلك العبارات التى ينتقيها بعناية حسب المناسبة فامس الاول كشف الصادق المهدى عقب لقائه الرئيس البشيرعن مبادرة له لحل ازمة دارفور امسك عن تفاصيلها وقال ان ظروفا استجدت فى الساحة السياسية مهدت فرصة لاجماع وطنى واشار الى ان الطرفين اتفقا على العمل سويا لمواجهة الموقف السياسى وقد عبر الصادق عن موقفه وشواغله حول قرار المحكمة الدولية فى حواراجرته معه الزميلة( السودانى ) قبل يوم من لقائه الرئيس البشير حيث قال ( الجماعة ديل) كان يفترض أن يأخذوا الأمر بالقانون حتى ولو من باب تطويل الإجراءات الى أن تحل مشكلة دارفور..لأنها مربط الفرس.. لكن للأسف الشديد صعَّدوا الموضوع بطريقة غلط.. سمعوا كلام من قال لهم إن السودان مادام لم يوقع على قانون المحكمة الدولية الجنائية فالأمر لا يعنيه.. بينما الأمر غير ذلك فالولاية ولاية مجلس الأمن.. ومن حقه تحويل القضية الى أي محكمة كما حدث في سوابق غيرها.. هم دخلوا في مغالطات وتصعيد وحولوا المدعي العام الدولي (أوكامبو) الى عدو..
موضوع هارون وكوشيب كان ممكنا علاجه بالقانون بدل الطرق الانفعالية التي أديرت بها الأزمة.. وكان ممكناً تغيير كل السيناريو بعدها..الأمر كله صار في النهاية حصاد المسار الخطأ الذي سارت فيه الحكومة ويقول هي مغالطات بكل أسف.. المغالطة الأولى القول بأنه ليس هناك تجاوزات في دارفور.. المغالطة الثانية: قولهم إن مشاكل دارفور قديمة..هذا صحيح لكن الذي حدث هو تطور نوعي في الأمر.. المغالطة الثالثة: محاولة الإدعاء بان المحكمة الدولية لا تعنينا لأننا لم نوقع.. هذا غير صحيح..
الإجراء الذي يفهمه الآخرون أن رأس الدولة يمثل الوضع في السودان باستقراره ووعده بالتطور السياسي والدستوري.. يمثل معاني حقيقية.. إذا مُس تتأثر هذه المعاني.. وهناك ضرورة للمساءلة.
هناك تناقض بين حق المساءلة والاستقرار وللخروج من المازق يقول مجلس الأمن من الممكن أن يتفهم هذا الوضع.. ويمكن أن يأخذ قراراً باستثناء الرئيس البشير لحماية السودان من الآثار المدمرة التي يمكن أن تحصل.. إذا حدثت مواجهة مع المجتمع الدولي وأعلنت العقوبات سيدخلنا في مشاكل كثيرة ويعقد الأمور.. يجعل العناصر المسلحة تترك قضية دارفور وتركز على الانتقام.. لابد أن نتحرك مع الدولة والأمم المتحدة في إطار حل المشكلة.. مهما حدث يجب أن لا نسمح للتناقض بين الاستقرار والعدالة أن تضيع الدولة.. يفتح الباب أمام اضطرابات أكثر وأعتقد، إن مجلس الأمن يمكن أن يتفهم الأمر لأن كل ضوابط مجلس الامن مبنية على التوفيق بين العدالة والاستقرار.. نبني الحل على ذلك.. وأهم عنصر يمكن أن يساعدنا هو الوحدة الوطنية..الشرعية بالانتخاب أو الاتفاق..النظام لديه فرصة جيدة لعمل ما كان عليه عمله في السابق.. لكي يبني الإتفاق الوطني لا بد أن يدفع استحقاقات هذا الإتفاق.. المجاملات والكلام الفوقي.. والكلام الذي يقال اليوم وينسى غدا لا يحل الأمر.. لابد من أن يستعدوا لتحويل الأزمة إلى فرصة حل.. ليمكنوا السودان من أن يستفيد من المسألة.. وأنا متأكد أننا يمكن أن نبيع لمجلس الامن هذه الفرصة لدعم السلام العادل والشامل والتحول الديموقراطي ومشكلة دارفور التي تحتاج الى إرادة سياسية.. اذا توفرت الإرادة السياسية.. واذا تخلى حزب المؤتمر الوطني عن التشبث بامتيازاته واحتكاراته.. ثمنا لاتفاق حقيقي مع القوى السياسية.. واعتقد ان القوى السياسية كلها مقتنعة بذلك..
لا يمكن إلغاء حقيقة أن هناك مظالم حصلت.. ولا يمكن أن نعتبر المحكمة الدولية كأنها لم تكن.. لابد من التنسيق بين المساءلة والاستقرار السياسي.. يجب ان نتكلم بعقل.. بدلا عن استخدام لغة (مافي حاجة).. ولغة (أنها قديمة) و (مافي اختصاص).. المجتمع الدولي سيعتبر اننا لا نحترم عقولهم ويقول ..
مجلس الأمن لديه الحق في تعطيل المساءلة للبشير وفق المادة (16)… مجلس الامن معني في المقام الأول بقضية الأمن والسلم الدوليين.. لابد يفكر أن هذا السيناريو لو مضى في مساءلة البشير سيؤثر في الأمن الدولي..لكن الأمر يتطلب منا أن نتظلم بصورة محترمة.. أن نتعاون لنوفق بين الاستقرار والمساءلة.
وعلى الرغم من ان قرار المحكمة افلح فى ايجاد قاسم مشترك حول القضية بين الحكومة واكبر اللاعبين فى الساحة السياسية الحركة الشعبية وحزب الامة بيد انه ما زالت هناك مسافات بين المؤتمر الوطنى والقوى الساسية الاخرى المناوئه له ويحتاج الى مزيد من الجهد لتقريب وجهات النظر خاصة مع المؤتمر الشعبى والحزب الشيوعى الذى عبر عن شواغله كادره سليمان حامد فى مداخلة له فى البرلمان حين دعا الى الاستجابة لمطالب اهل دارفور المتمثلة فى الاقليم الواحد والتقاسم العادل للسلطة والثروة والتعويضات وتقديم مرتكبى الجرائم للعدالة واعادة اللاجئين والنازحين الى ديارهم الاصلية واصفا القضية (بالخطيرة ) مطالبا بالتعاطى معها سياسيا وقانونيا وليس بالهتافات والخطب الرنانة والشتائم .
وما ينبغي لفت النظر إليه كما يقول الكاتب الصحفى عبد الوهاب الافندى هو أن البلاد تمر بفترة عصيبة لا سابق لها وان رفع الشعارات لايكفى ولا بد أولاً من رد الأمر إلى أهله عبر الشورى الحقيقية والانفتاح الاعلامى ..
واعتبرت صحيفة الاندبندنت البريطانية الذائعة الصيت ان العالم الخارجي ينبغي أن يعتمد على تعاون السودان في مساعيه لإحلال السلام في دارفور، مضيفة أن الإقليم يشهد حربا أهلية، وبالتالي فإن إدانة طرف معين من شأنه تشجيع الطرف الآخر على المضي قدما في استخدام العنف أكثر فأكثر لدفع مطالبه نحو الأمام واعتبرت عدة منظمات حقوقية دولية أن مذكرة التوقيف يمكن ان تسهم في استقرار المنطقة وتدفع باتجاه الإصلاح السياسي والتطور الديمقراطي
abuzaidsubi@yahoo.com
أبوزيد صبي كلو :الصحافة [/ALIGN]