أسخف وأبيخ كلام سمعته بعد عودتي من الولايات المتحدة، هو ما يتعلق بالنساء: طبعا عينك زاغت مع اللحم الأبيض المتوسط.. بختك يا عم رحت هناك في الصيف ولقيت البضاعة مكشوفة على الحشيش والرصيف.. لونك فتح ويظهر أن نفسك انفتحت هناك!! أسمي مثل هذا الكلام سخفا وبياخة لأن النساء موجودات في كل القارات والقرى، وليس هناك ما يميز بنات أمريكا عن بنات كوستاريكا.. بسبب تأثير هوليوود والأفلام والمسلسلات الأمريكية هناك اعتقاد أن نساء أمريكا “ع الهبشة” وسارحات في الشوارع كاسيات عاريات تحت تأثير المخدرات والكحول وفي انتظار فحل سليل العناتر مثل أبي الجعافر.
بالفعل كان معظم النساء اللواتي مررت بهن في شوارع أربع ولايات طفت بها يرتدين الشورت وفانيلات زي قلتها، ولكنهن لا يعتبرن ذلك تبرجا ولا خلاعة.. كنت في مدينة ستيت كولدج في جنوب ولاية بنسلفانيا خارجا من أحد المتاجر عندما صاحت في وجهي امراة عجوز: كان الله في عونك.. لماذا ترتدي هذا البتاع.. وكان ذلك البتاع هو الجاكيت.. درجة الحرارة كانت مرتفعة ولكنني كنت ارتدي الجاكيت لأن به جيوبا كثيرة أحمل فيها جواز السفر والمحفظة والقصاصات التي لا تفارقني، لأن كتابة المقال الصحفي علمتني تسجيل الملاحظات وتقطيع أوراق الصحف وحشوها في جيوبي.. كانت هي ترتدي شورتا من القطن الخفيف وقميصا بلا أكمام يكشف عن لحم صلاحيته منتهية، ولكنني كنت مدركا أن ملاحظتها حول ما كنت أرتديه في محلها، وأنها بمقاييسها كانت تحسب أنها ترتدي الملابس المناسبة.
بقلب جامد استطيع ان اقول ان معدلات الخلاعة في اللبس في مجمعات التسوق في معظم العواصم العربية أعلى من نظيرتها في المدن الأمريكية (وقد زرت خمسا من كبرياتها).. عندنا بنات يرتدين بنطلونات لا يمكن خلعها إلا بواسطة جراح وتحت بنج كامل، وكشف الخصور والبطون والسرة صار أمرا مألوفا.. في إحدى المؤسسات التي كنت أعمل فيها في منطقة الخليج كانت زميلة عمل هندية ترتدي الساري بانتظام.. وكانت تشبه الممثل الظريف يونس شلبي رحمه الله وخاصة في منطقة البطن (والتي تكون مكشوفة عند ارتداء الساري).. وكانت ثرثارة وحشرية ولا يعجبها العجب ولا الصيام في رمضان او رجب، وتعتقد ان الظروف لم تساعدها لكي تكون ممثلة إغراء في بوليوود (النسخة الهندية من هوليوود)، ولأنني استمتع بشرشحة المتغطرسين فقد شاء لها الله ان تكون من ضحاياي، عندما استهجنت ذات مرة ارتدائي لقميص بني مع بنطلون أزرق (واللخبطة في الألوان شيء عادي عندي بسبب معاناتي من عمى الألوان، وقد كتبت كثيرا عن أن عيالي يحفظون فرشات أسنانهم تحت المخدات حتى لا استخدمها عن طريق الخطأ ثم صرت أتعمد شراء فرشات الأسنان ذات التصاميم الغريبة).. قلت لها: يا …. مثل بطنك المتعرجة ذات التلافيف والمطبات هذه نسميها في السودان جقاجق، ولو كنت مكانك لما كشفت عنها حتى عند الاستحمام! كانت كلمات قاسية ولكنها “جابت نتيجة” لأنها تحولت بعدها الى لبس التشلوار (القميص الطويل) والبنطلون الفضفاض.
وعموما فإنك في كل بلد غربي تدرك أنه حتى النظرة الأولى “عليك” وأمريكا ليست بلد البصبصة، بل فيها من العجائب والغرائب ما يسبب لك الدوخة.. هي مثل الهند.. لا تستطيع ان تزعم انك “رأيتها” حتى لو زرتها عشر مرات.. وأجمل ما فيها ليس نساءها.. وعلى كل فإنني اعتقد ان السمراوات أكثر جمالا من الشقراوات والبيضاوات وفي حدود البصبصة التي مارستها في العالم العربي فإنني أرى المرأة العربية أكثر جمالا من الغربية “خلقة وأخلاق”.
زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com