القصة الأولى يعرفها أبناء أبيي جيداً ، خاصة الجيل الذي كان يصطاد ويرعى الأغنام ويرعى الأبقار ويمشون في الغابات . فحواها أن الشخص لا بد من وجود كلب له يدربه على الصيد وتتبع الضحايا . كلاب الصيد هذه تتمتع بخاصية الإخلاص والتفاني وهي تقاتل الحيوانات التي تقابلها . في كثير من الأحيان تستطيع الكلاب إحضار أسيادها إلى مكان ضحاياها بالإرشاد وتنال نصيبها من الصيد والحماية . من أجل ذلك فليس سهلاً على الشخص ترك كلبه يموت أمامه سواء هاجمه حيوان متوحش أو إنسان مثلك. إلا أن الثابت أن الكلب عندما يقتله حيوان مفترس يستطيع الإنسان الحصول على جرو آخر يتم تدريبه لخلافة السابق.
القصة الثانية يعرفها جيداً كل هؤلاء الساكنون المناطق المليئةبالبعوض . عندما تمتليء غرفتك بالبعوض فليس مطلوباً من شخص غير ساكن الغرفة طرد البعوض وإلا فعليك تحملها .
هاتان القصتان أعلاهما أهديهما لكل أبناء منطقتي في أبيي أينما كانوا ، وخاصة هؤلاء الموجودين في أبيي.
وأما سبب إهدائي القصتين أعلاه لأبناء أبيي خاصة فيعود إلى سوء حظنا نحن الذين لم نعش حياة آبائنا فنعرف الكثير من تلك الحياة . ورغم ذلك نظل نتمسك بالتعامل بالعاطفة . ليتنا ندرك جيداً من نحن وماذا نريد ، وهذان السؤالان يترتب للإجابة عليهما أن الهدف الذي نريد الوصول إليه لن يحققه لنا شخص آخر إن لم يكن مؤمناً بأنك تعاني ما يعانيه … وتبحث عما يعانيه . وأما ماذا نريد فهذا يتوقف على طلب البحث وليس أمنية ما نريد.
وإن كانت هناك تساؤلات فهي تتعلق هل ان انون مثيانق في نهاية ستينيات القرن الماضي وهو يحمل مدفعه ليموت في ظروف غامضة لا نعرف نهايتها حتى الآن .. هل كانت دماؤه مثل دماء الآخرين الذي يذكر أصحابها اليوم ..
أم أن بقت اوقيك .. وقبله أجاك كيراجاك وبول أقون ولو يواويه ومقيك دينق جوج .. هؤلاء ذهبوا ولن يعودوا إلينا .. أخطأوا التقدير ؟
هل كان الأمير مكواج ابيم يقصد نفسه فقط أم جيله في سنوات الحرب الماضية عندما كان يشير بأصابعه كل مرة يواجه فيه تهديداً بالموت فيقول لمهدديه ساخراً “إننا لسنا أفضل ، ولسنا أغلى روحاً .. ممن ادخلتموه تل الغابة ولم يعودوا إلينا .. وأما الغابة المقصودة فهي غابة السنط جنوب أبيي تلك المشهورة بـ(بابنج شول ملوال” ..
هل جاء زمان أصبح لنا ارواح أغلى ودماء أفضل مما عند هؤلاء الذين سبقونا ولذا علينا الحرص عليها ؟.[/ALIGN] لويل كودو – السوداني-العدد رقم 902 – 2008-05-18