الملاحظة الأولى في الحوار وفي اجاباتها هي احتجاجها على عدم رفع حكم والدها «محمود» إلى المحكمة العليا والاكتفاء بمحكمة الاستئناف، وكانت تذكر قبل هذه النقطة عدم اعتراف والدها بالمحكمة، وتقصد أن الاختصاص لا ينعقد لها، وأن والدها قبل الحكم.
إذن ما ذنب «نميري» اذا كان موقف محمود هو عدم الاعتراف بالمحكمة؟!. فهل عدم الاعتراف يعني ألا تعقد وأن يطلق سراحه؟!. ويمكن اذن لكل أحد متهم أن يعلن عدم الاعتراف بأية محكمة حتى لا يحاكم. ثم لماذا لا يعترف الوالد بمحكمة الموضوع وتعترف الابنة بالمحكمة العليا التي رفض والدها أن يرفع استئناف محكمة الاستئناف اليها؟!
الملاحظة الثانية هي أن «أسماء» دافعت عن موقف والدها من قانون منع الخفاض الفرعوني عام 1946م أيام الاستعمار البريطاني، بقولها إن الخفاض الفرعوني يحارب بالتوعية وليس بالقوانين كما فعل المستعمر البريطاني، وقالت إن بريطانيا تريد اظهار السودانيين بأنهم متخلفون لتبرير وجودهم لحمايتهم.
لكن هل هذا الدفاع عن موقف والدها من القانون الذي يعتبر الحسنة الوحيدة للاستعمار هل يستقيم منطقاً؟! انه الالتفاف حول الحقيقة. وهي الآن هل تقف معترضة أمام سن قانون يمنع الخفاض الفرعوني وتقول لا بد من محاربته بالتوعية؟!
ثم هل كان الاستعمار البريطاني في حاجة الى سن قانون مهم وضروري مثل هذا ليبرر وجوده في البلاد؟! ان التجرد مطلوب.. وكان ينبغي أن تقول إنها تختلف معه في هذا الموقف باعتبار أن الرهان على التوعية دون سن القانون يمكن أن يأخذ زمناً طويلاً تكثر فيه ضحيات الخفاض الفرعوني.. ولأن الجرم عظيم فلا بد من سن قانون رادع.
والغريب أنه في ذات الحوار تحدثت «أسماء» عن بعض خصال والدها الحميدة، فقالت إنه كان يمنع قتل العقارب وقطع النجيلة لأنها روح تتألم وتحس. وقالت «العقرب عندما ظهرت في البيت همت إحداهن بقتلها فنهاها عن ذلك».. وأضافت إنه قال: «لا تتمشوا في النجيلة ولا تنتفوها، وقال لواحدة لا تقطفي النجيلة لأنها روح تتألم». انتهى.
إذن هو كان يشفق على العقرب والنجيلة، لكنه لماذا لم يشفق على الصبيات من الخفاض الفرعوني الذي يعتبر أذى جسيماً ويتسبب في الموت لاحقاً لأنه يجعل موضعه عرضة للنزيف الحاد؟!. كلام عجيب، وهم في وهم.
ثم ذكرت أسماء أن والدها رأي أختها تحمل آلة مبيد الحشرات وتقتل الذباب، فقال لها: «ما الفرق بينك وبين أي شخص يحمل بندقية قاتل محترف؟!» انتهى. ولا تعليق.
الملاحظة الثالثة حاجة عجيبة.. فقد قالت أسماء محمود محمد طه بالواضح: «ساندنا مايو لأنها كانت تقف ضد الطائفية والهوس الديني، ومايو تخلصت من الطائفية في مرحلة من المراحل وكانت في طريقها للتخلص من الهوس الديني، لكنها عندما ركبت نفس مركب الهوس عارضناها حتى ذهب الأستاذ ــ تقصد والدها ــ الى المحكمة وهو يبتسم للموت في معارضته لمايو» انتهى.
هل تدرون ما المقصود بالطائفية؟! إن المقصود الصادق المهدي والإمام الهادي المهدي من قبله، ومحمد عثمان الميرغني والشريف حسين الهندي من قبله، والشريف زين العابدين الهندي وأحزابهم، والأنصار والختمية والسمانية أتباع إسماعيل الولي جد الزعيم إسماعيل الأزهري. أما الهوس الديني فالمقصود به «الحركة الإسلامية السودانية» التي تحكم البلاد منذ 30 يونيو 1989م وإلى الآن. ويجدر ذكره هنا أن أسماء محمود محمد طه كانت قد ذكرت في الحوار تقويض النظام الديمقراطي في 30 يونيو 1989م بواسطة الترابي، واتهمته بأنه ليس من المؤمنين ــ أي كفّرته ــ وقالت لأنه كذب وقال للرئيس سأذهب إلى السجن حبيساً، وأن المؤمن لا يكذب.
«نواصل غداً بإذن الله».[/JUSTIFY]