حالة نفوق

[ALIGN=CENTER]حالة نفوق [/ALIGN] منذ أن أصبح مسؤولاً كبيراً في مجال عمله بدأ يتدثر بثوب يتجدد يعرفه لحاله.. تارة يكون ذلك الواعظ الهادي وتارة أخرى يكون ذلك الثائر الهادر طائحاً في الكل بلا دليل ولا منهج.. ولأن الذين يرأسهم لا همَّ لهم إلا أن تمر الأمور بهدوء فإنهم عودوا انفسهم على طبيعة ونفسية الرجل المتقلبة.. جاءوا إليه في أول أيام الشهر الكريم طالبين منه أن يدعم شراءهم للمواد التموينية الهامة، التي يحتاجونها لشهر رمضان وقد كان مزاجه في ذلك اليوم متكدراً.. هاج وماج فيهم: «الحكاية شنو.. إنتو جايين هنا شغل ولا جايين كنتين.. ما في ليكم ولا ذرة سكر واحدة.. ما كفاية مرتباتكم البنقطعها من لحمنا الحي.. إنتوا ما عندكم إحساس.. عارفين الشركة دي متأثرة بالأزمة الاقتصادية العالمية وبرضو دايرين سكر.. شوف بالله الناس ديل..»! فيردون عليه بكل أدب وانكسار.. «معليش يا سعادتك.. ما تحرق أعصابك.. هدِّي مزاجك.. انت عندك السكري.. ما في داعي.. إن شاء الله ما نشرب سكر ذاتو.. أهم شيء صحتك يا سعادتك».. يجرجون أرجلهم ويفارقون مكتبه خجلاً.. هم في دواخلهم يكرهونه ولكنهم يحرصون على أهم أحداث آخر الشهر.. الرواتب التي منَّ عليهم بها، وكيف أنه يقطعها من اللحم الحي.. في جلساتهم الجماعية يجعلون منه مادة للسخرية والتشفي والهمز واللمز.. بل يمتد بهم الأمر لمحاكاته.. حيث تخصص أحدهم في محاكاته.. وحدث ذات يوم أن ضبطه المدير وهو يمثِّل ويقدل قدلة المدير والموظفون يقهقهون.. ولأنه كان معطياً ظهره للباب لم يلحظ دخول «سعادتو».. لكنه حسب انقطاع القهقهة وشخوص الأعين ولم ينبت أحدهم ببنت شفة.. الكهرباء سرت في جسده عندما التفت للوراء.. «ما شاء الله.. مدير عديل.. مش من هنا على شؤون العاملين استلم جوابك..».. «يا سعادتك.. أنا معجب بيك عشان كده بتمنى أكون زيك عشان كده بتمثل بيك..». آخر الكلام: كثيراً ما تكون علاقات العمل قائمة على النفاق والرياء.. قليلون جداً الذين يستطيعون جعل هذه العلاقة صادقة وصافية.
سياج – آخر لحظة الاحد 30/08/2009 العدد 1103
fadwamusa8@hotmail.com
Exit mobile version