*المهزلة التي بلغت قمة (لا معقوليتها) بادعاء أن وردي غنى للإنقاذ..
*ثم رأينا كيف اُختطف منا وردي هذا حتى كدنا نحسبه قيقم أو بخيت أو شنان..
*وللأسف شارك في الجريمة هذه نجله عبد الوهاب دونما احترام لتاريخ والده الذي عنوانه (أبداً لحكم الفرد لا)..
*ولنا عودة – بإذن الله – إلى السخف المذكور ولكنا نجتر اليوم بعض كلمات عن (الراحل)..
*فقد كان يجيد اللغة النوبية بلهجة الـ(أنداندي) – رغم إنه من سكوت المحس – إجادته لها بالـ(فدجة)..
* وكان الأمر هذا مما يثير حيرتي..
* بل إنه كان يدندن في صباه بالنوبية الدنقلاوية وليست المحسية..
* وبعد يوم واحد من رحيله المر عرفت السبب..
* فخلال مداخلة هاتفية إذاعية أشار الشاعر الدبلوماسي الراحل سيد أحمد الحردلو إلى أثر (سَحَرة!) ناوا في غناء وردي..
*وعزا ذلك إلى (جينات) والدته التي قال إن أصولها من هناك..
* أي من ناوا جنوب دنقلا..
* وناوا هذه هي مسقط رأس شاعرنا الحردلو نفسه التي كتب عنها – ضمن ما كتب – رائعته المسماة (قمرية من كُتن مار)..
* ثم هو نفسه – أي الحردلو – قد ورث بعضاً مما ورثه وردي بما أن ناوا اشتهرت بأنها بلاد (السحر)..
* فإن كان سَحَرةُ فرعون قد سحروا أعين الناس – بالباطل – فإن وردي سحر آذان الناس بـ(الحق)..
*ثم (استحق) ألقاباً لم تُضفَ على أحد غيره من المطربين..
* فهو الهرم، وهو الفرعون، وهو الإمبراطور، وهو تهارقا ، وهو فنان إفريقيا الأول..
*واعتداد وردي بنوبيته كان مستصحباً معه اعتداده بسودانويته ليكون بذلك (مفخرة) للسودانيين كافة إزاء ما يُفاخر به الآخرون من حولنا في مجال الطرب..
* وقد أشار مرة بأسى الى تجاهل وسائل الإعلام المصرية له – وقد مكث بالقاهرة سنين عددا – في وقت كانت تحتفي فيه بجواهر وستونة ومنير (المُردد لأغنياته!)..
* وبدافع من اعتداده المشار اليه هذا قال إنه يكفيه فخراً أن يكون فنان إفريقيا كلها (ناقصاً!) مصر على أن يكون فنان مصر دون (بقية) إفريقيا..
* وقال أيضاً – في السياق ذاته – أنه لا يمكن أن يضحي بالخماسي (العالمي) من أجل سواد عيون السُباعي (المصري!)..
* ورحيل وردي المفجع جاء في وقت سميته (موسم الهجرة إلى السماء!)..
*فهو قد (هاجر) عقب (هجرة!) كلٍ من الطيب صالح وزيدان ابراهيم وسيد أحمد خليفة..
*ومن قبل هاجر مصطفى سيد احمد…
* فالمبدعون في بلادي يرحلون…
* ويبقى الحزن مقيماً بيننا ما أقام عسيب (المنغصات!)..
* ونحن – من جانبنا – لم نقل إلا ما يُرضي الله (إنا لفراقك يا وردي لمحزونون)..
* ويكفيك فخراً أنك (كتبت اسمك في لِحى الأشجار)..
* و (نحته في صُم الحجارة)..
* و (زرعته حارة حارة)..
* ثم همست راضياً :
(قلت أرحل!!).[/JUSTIFY]