أرجو أن أستضيف في زاويتي اليوم الأخ حمد النيل أحمد يوسف علقم الذي يكتب بحرقة عن حزبٍ كان والده يزأر من خلال منابره متحدِّثاً في الجمعية التأسيسية بلسان وطني متجرد وكان اسمه يتردد على مسامعنا ونحن أطفال صغار لا ندرك شيئاً مما يقول رغم إعجابنا بالرجل الذي خاض غمار السياسة وعركها وعركته حين كان السودان يتلمس طريقه في المسار الديمقراطي الذي أصر أعداء الديمقراطية على أن يعطِّلوه مما نحصد ثماره الآن علقماً يا حمد النيل علقم!
دعوني أشد على يدي الشيخ حسن أبو سبيب ود. علي السيد وهما يخوضان معركة الانعتاق من سلوك القطيع الذي يتنافى مع قيم ديننا الذي ينهى عن التبعية ويحذر منها وينذر من ينتهجها مسلكاً بأنها ستورده النار وبئس القرار (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ). (وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (لا يكن أحدكم أمعة).
ها هو أبو سبيب يصرخ ويقول من (الآخر) بعد قرار تجميد عضويته (الميرغني سبب مشاكل الاتحادي الأصل) فقد أدلى الرجل بذلك التصريح في حوار مع صحيفة (التغيير) أُجري مؤخراً، أقول إن حملتنا على حزب الميرغني نابعة من قناعة راسخة أنه ما من سبيل إلى إصلاح سياسي وحكم راشد ما لم تنصلح أحزابنا السياسية وتمارس الديمقراطية داخل أسوارها قبل أن تخرج بها إلى الشارع وتخاطب بها الجماهير.
الأخ / الطيب مصطفى
أعذرني أن أكون معك على درجة من الصراحة فيما يتعلق بالموضوع الذي أثرته اليوم في صحيفتكم المقروءة (الصيحة) تحت عنوان “عجائب” الأسئلة المشروعة التي طرحتها تدور في ذهن كل من يؤمن بالديمقراطية أو الشورى إن أردت لكني أسألك بالله أن تكون مع قرائك بنفس درجة الصراحة التي أود أن اكتب بها، هل تراك تسأل عن الشرعية والدستور في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وأن تحمل معول الهدم الذي درجت عليه الإنقاذ لهدم كل موروثات هذا الشعب من قيم الديمقراطية والشورى والتسامح وإحداث الانقسامات في الأحزاب وفي كل مكونات المجتمع السوداني من نقابات وجمعيات وقبائل وأقاليم و..و..الخ، أم إنك تكتب مشفقاً على إرساء القيم التي كانت تسود وسط هذا المجتمع الراقي المتسامح الكيِّس قبل الإنقاذ؟ إذا كنت تكتب من منطلق الفرضية الثانية مشفقاً فإني أنصحك أن لا تجهد نفسك مع حزب الميرغني الذي خُطِّط له بعناية أن يكون شيئاً واحداً مع طائفة الختمية وأن يكون منتسبو هذا الحزب العملاق على نفس درجة الولاء الطائفي لشيخ الطريقة الختمية، ويكفي أن يغيب الوالد ويكون الابن هو الوريث الشرعي للحزب في غياب أبيه من غير أي تفويض مما يُسمَّى بمؤسسات الحزب إن وجدت فإن غابت عنا ممارسات الديمقراطية الليبرالية فماذا بقي من هذا الكيان؟
محمد عثمان الميرغني تآمر مع الصادق المهدي في قضية إخلاء الميناء وقت الديمقراطية الثالثة ضد المرحوم محمد يوسف أبو حريرة والتيار العارم وسط هذا الشعب أيامها في تأييد المرحوم أبو حريرة.
ذهبنا إليه بعد ذلك مرات عديدة لإقناعه بإرساء مبدأ الشورى وقيام مؤتمر للحزب وتعهدنا له بعد أن لاحظنا ممانعته بأن يعقد المؤتمر أن نؤيد ترشيحه لرئاسة الحزب فرفض، وتعهدنا له بعدم ترشيح أي شخص ضده حتى يفوز بالتزكية فرفض إلى يومنا هذا قيام أي مؤتمر، وكان أكبر كيان جمعه معه هو مؤتمر المرجعيات في القاهرة ولن أشنف آذان القراء بعنترياته التي نطق بها في ذلك المؤتمر وخلاصتها (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) صدق الله العظيم
فيا أخي الطيب: هذا الميرغني يعتقد أن له حقاً إلهياً في قيادة الحزب، ولن نناقشه في هذا الحق إذا رجع إلى حزب والده (الشعب الديمقراطي) قبل الاندماج الذي تم مع الحزب الوطني الاتحادي وقتها. ورحم الله أسلافنا الذين ساهموا في تلك الخطوة غير الموفقة التي أدت لما يُعرف باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي تحول الآن لطائفة دينية. ووجدت حكومة الإنقاذ ضالتها وهو التأييد المطلق لخط الإنقاذ وضالتها في إكساب الانتخابات صفة القبول من أكبر الأحزاب السودانية، وآمل مخلصاً أن تتمكن من الحصول على نسخة من دستور الحزب الذي يأتي ذكره فقط عند الفصل والتجميد طبعًا. لن أكون ساذجاً وأسأل مسجل الأحزاب عن رأيه فيما تم من أحداث. مسجل الأحزاب همه الوحيد إخراج ما يتم توضيبه في مطابخ المؤتمر الوطني من إيجاد أحزاب للزينة ولترسيخ الفرقة والانشقاق كما حدث في قضية الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل وبقية الأحزاب مثل حزب الأمة والبعث وأنصار السنة وخلافها. والله يا أخ الطيب هؤلاء القوم يصنعون الكذبة ويصدقونها ويُعملون آلاتهم الإعلامية لتصديقها بواسطة هذا الشعب الذي طُمست معالم تاريخه.
ولكم خالص الشكر والتقدير
أخوكم / حمد النيل أحمد يوسف علقم
عضو آخر مؤتمر لأي كيان في الحزب الاتحادي الديمقراطي
(مؤتمر الطلاب الاتحاديين) الذي انعقد عام 1965م بنادي الخريجين بأم درمان.