في منزل الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، كان اللقاء بالسيدة الأولى قرينته، وداد بابكر، حيث تناول أجواء الانتخابات السودانية، ودور المرأة، وبخاصة أنها تصحب زوجها الرئيس البشير في حملته الانتخابية، حيث اعتبر ظهورها معه مشجعا لمشاركة المرأة، والتي وصلت نسبة تسجيلها إلى 65%.
كان اللقاء بالسيدة الأولى، وداد بابكر، حميميا ودافئا، كمناخ السودان الساخن حاليا، في الحرارة والأجواء. أبدت تفاؤلها بمستقبل السودان ونهوضه وتنميته وتحقيق السلام ووحدة أرضه وشعبه. كان اللقاء، أمس بعد صلاة الظهر، حيث كان يصلي الرئيس البشير في المسجد المقام في حديقة المنزل المميز بألوان الخضرة الجميلة ولون الشمس الذهبي، وفى صالون ألوانه هادئة، استقبلتني السيدة وداد بابكر، لإجراء حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»، وبإجابات مختصرة ولكنها واسعة المعنى والمغزى في مضمونها، أكدت أهمية المرحلة والتفاؤل بالمستقبل. وفيما يلي نص الحوار:
* ماذا عن أجواء الانتخابات في السودان ودور المرأة السودانية في المشاركة؟
– هي أجواء طيبة للغاية، والمشاركة فاعلة من قبل المرأة السودانية، والتي وصلت نسبة تسجيلها في الانتخاب إلى 65%، لأن المجتمع السوداني يعمل معا لتحقيق السلام والتنمية على المستويات كلها، ومشاركة المرأة تعني دورا متكاملا للمجتمع، حتى لا يكون نصفه معطلا، كما أن المرأة السودانية تسهم وبدور كبير في تحقيق الاستقرار والسلام.
* هل أنت مرتاحة لما حققته المرأة السودانية في المجال العلمي والإنساني والدبلوماسي والبرلماني؟
– حقيقة مرتاحة جدا، لأن المرأة السودانية بارزة وموجودة في المجالات كلها، وعلميا هي الأولى دائما لسنوات طويلة على مستوى الشهادة السودانية، وفى المجال الإنساني والعمل التطوعي دورها ظاهر في المنظمات التطوعية وخدمة المجتمع في مختلف أنحاء السودان. والمرأة السودانية سفيرة ووزيرة وبرلمانية، ولها صوتها في المجلس الوطني ومستويات المجالس التشريعية كافة.
* هل يمكن التعرف على نتائج مبادراتكم المتعلقة بتفعيل دور المرأة في السودان، وبخاصة بعد مشاركتكم في اجتماعات دعم المرأة وتمكينها في إطار مؤسسة المرأة العربية؟
– إنني أعمل دوما على نقل أجواء كل ما يدور في تلك الاجتماعات التي أحرص على حضورها والمشاركة فيها، لتكون المرأة السودانية مشاركة وحاضرة على الدوام. والمرأة السودانية متفاعلة مع ما يصدر عن تلك الاجتماعات من واقع وعيها وإدراكها لأهمية تفعيل دور المرأة في المجتمع، والاستفادة من المكتسبات التي تحققها من خلال فاعليتها لخدمة المجتمع وتطويره وتنميته، وفق أسس تتناسب والمتغيرات المتلاحقة التي تفرز دوما سياسات جديدة، تفرض علينا تطوير أجندتنا التي تحقق ما نريد.
* ماذا قدمت «مؤسسة سند الخيرية» لأهل السودان في الجنوب ودارفور؟
– المساعي التي تقوم بها هذه المؤسسة ليست قاصرة على جهة من السودان دون غيرها، وإنما في كل أنحاء السودان، والجنوب ودارفور ليسا استثناء، وقد قدمنا لدارفور كل أنواع الدعم في الأوقات العصيبة، وسوف نسهم بقدر وافر في تلبية متطلبات جنوب السودان، خصوصا في الجوانب التي تؤثر في ربط الشمال والجنوب اجتماعيا وثقافيا وتنمويا. ومن المفترض أن يكون للمرأة دور كبير في جعل الوحدة جاذبة لكل شعب السودان وتراب أرضه الغالي، الذي يجب أن ينفض عن نفسه غبار الخلافات والتدخلات.
* كيف ترين ما تم من إنجازات لتمكين المرأة سياسيا، وكذلك دورها في صناعة القرار؟ وهل المجتمع السوداني يتقبل هذا الدور للمرأة؟
– بالتأكيد المجتمع السوداني متقبل ومتفهم لدور المرأة السياسي، والمرأة السودانية عرفت المشاركة السياسية وانخرطت في العمل النظامي منذ أوائل القرن العشرين، وكان لها دور بارز جدا وفاعل، وبخاصة في مجابهة المستعمر بأناشيد الحماسة وتأمين المناضلين وإعداد الطعام لهم. وتاريخ السودان يشهد الكثير من إسهامات المرأة سياسيا ومجتمعيا. وقد حازت المرأة السودانية على نسبة 25% من حصة التمثيل البرلماني، وتواصل دورها حتى تاريخه، أي اليوم، بشكل ملحوظ في صنع القرار.
* هل تدفع المرأة السودانية ثمن الحروب في السودان؟ ومتى تشعر بالأمان وتنعم بالسلام؟ وما الدور الذي يمكن أن تسهم به لدعم الاستقرار؟
– المرأة السودانية هي الأكثر تضررا من الحروب وتأثيراتها الفتاكة ونتائجها المؤلمة، في الدفع بها إلى التشرد والمعاناة والنزوح. والمرأة في إطار أسرتها الصغيرة تنشد الأمان والسكينة والاستقرار، لذا هي الأكثر حرصا على السلام، ونلاحظها دائما الداعية والمناشدة لوقف الحروب، والساعية بجد ومثابرة لنشر ثقافة السلام والعمل لصالح الوفاق والوئام.
* برز دور المرأة السودانية منذ السبعينات في القضاء، إضافة إلى وجود أكبر عدد من القاضيات في السودان، حيث كان أول دولة عربية تعطي هذا الحق للمرأة، وبناء عليه هل أسهمت المرأة القاضية في السودان بشكل بارز في تحقيق العدالة، أم كان هذا الحق مجرد مصادفة أو دورا شرفيا؟ وهل من نماذج؟
– لا، لا، ليس مجرد مصادفة، ولا هو دور شرفي، إنما إسهام أصيل في تحقيق العدالة. وقد اكتسبت المرأة السودانية في مجال القضاء خبرة وقدرا عاليا، وقد اعتلت أرفع المناصب، والمستشارة القانونية لرئيس الجمهورية هي الأخت قاضية المحكمة العليا، فريدة إبراهيم، وسبقتها في هذا الموقع، القانونية بدرية سليمان، وأخريات كثيرات في كثير من المواقع الرفيعة قاضيات ومستشارات قانونيات ومحاميات ذاع صيتهن. وحقيقة أن ارتقاء المرأة السودانية لسلم القضاء العالي، وكل هذه النماذج وغيرها تشكل واقعا مشهودا له في مؤسسات الدولة السودانية، وهذا الواقع نعتبره مفخرة للسودان وللسودانيين، لأننا بحق وصلنا إلى مرحلة التناغم في نسيج المجتمع.
* ما تصوركم لمستقبل السلام في السودان؟ وكيف يتحقق ويتعايش الجميع كما كان على مر العصور؟
– السلام في السودان تحقق، وإذا تركنا الأعداء والمناوئون فسوف يستقر السودان أكثر، لأنه لا توجد مشكلة بين أهل السودان، والمشكلة وتعكير الصفو هو آت من التدخلات الأجنبية. والحقيقة أن الشعب السوداني متسامح ومتعايش منذ الأزل وإلى الأبد.
* كيف نوقف التدخلات الخارجية؟
– بمزيد من التعاون والعمل معا، لنكون سدا حاجزا لكل متدخل في شؤوننا.
* على المستوى العربي والدولي، هناك مبادرة حركة سوزان مبارك العالمية للمرأة من أجل السلام، التي انطلقت عام 2002 لدعم مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، كيف يمكن تفعيل دور هذه الحركة اليوم في ظل ممارسات إسرائيل المدمرة لكل فرص السلام؟
– نشهد للأخت الفاضلة سوزان مبارك بحيويتها ونشاطها وسعيها الدؤوب وجهدها المقدر والمشكور في سبيل بسط السلام على اتساع الأرض، وقد استطاعت أن تنفذ من خلال تحركاتها على مستوى العالم حدا مهما ومستوى جيدا من النجاح والتجاوب. ودعيني أشيد بهذه الجهود المقدرة للسيدة سوزان مبارك في مطالبتها المستمرة للمرأة بالدفاع عن حقوقها الدستورية والقانونية والشعبية. وأؤكد ثقتي في أن الأخت سوزان مبارك لن تتوانى في بذل كل ما في وسعها حتى تضمن للمرأة في كل بلد حقها، وبالأخص المرأة الفلسطينية التي عانت من ويلات الحرب والاحتلال لأن تعيش في سلام وأمان، وجزاها الله خيرا كثيرا على ما تبذله في هذا السبيل والعمل الإنساني والسياسي المهم.
* لماذا لم نشهد زيارات متبادلة ونشطة بين السيدات الأوليات في كل العواصم العربية للعمل معا وتبادل الآراء والمشاركة في صناعة الأحداث التي تسير من حولنا وأحيانا من خلفنا؟
– الروابط قوية جدا في ملف المرأة العرابية، والاتصالات قائمة ومتواصلة وكذلك الرسائل متبادلة إذا حالت الظروف لتبادل الزيارات، وأرى أن قمة السيدات الأوليات مناسبة مهمة للقاء معا.
* هل تشاركين في المؤتمر القادم لمنظمة المرأة العربية الذي يعقد في تونس في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؟
– سوف أشارك في هذا المؤتمر.
* لكن من الملاحظ أن عدد الدول المنضمة لمنظمة المرأة العربية لم يتجاوز بعد الـ15 دولة..
– منظمة المرأة العربية تقوم بدور مهم ومؤثر في تطوير الأداء والملفات الخاصة بوضع المرأة في العالم العربي، والمنظمة حاليا وبرئاسة السيدة الأولى في تونس، ليلى بن علي، ونحن معها، لدينا سعي حثيث لمشاركة كل الدول العربية، وإضافة بصمة جديدة تعكس الواقع الحقيقي المشرق للمرأة العربية، وإن كان لا يحظى باهتمام في وسائل الإعلام الغربية. وأرى أن العلاقات وطيدة جدا بين كل الدول العربية في هذا الملف الحيوي والمهم، وكذلك بين السيدات الأوليات.
* كيف ترين دور منظمة المرأة العربية؟ وماذا تتوقعين منها؟ وهل يمكن للقمة العربية التي ستعقد في ليبيا قبل نهاية الشهر الحالي أن تؤثر على تطوير منظمة المرأة العربية؟ أو بمعنى آخر: هل يمكن عرض إنجازات السيدات الأوليات على هذه القمة مع المطالبة بدعم أهدافها من قبل القادة العرب؟
– ما أراه أن القادة العرب مهتمون بشأن المرأة العربية وتقوية المنظمة، لأنها جزء من منظومة العمل العربي المشترك، ومؤسسة القمة التابعة للجامعة العربية. وأتوقع أن يرتفع مقدار الاهتمام بمنظمة المرأة العربية من خلال جلسات القمة المقررة في سرت الأيام المقبلة. وأرجو أن تكون نسبة المشاركة كبيرة جدا كي تليق بمكانة العرب، وتصحح الواقع الراهن، وتبرهن أن لدى العرب الكثير من أوراق التقدم والنهوض بالأمم العربية وحل القضايا المزمنة، وإنهاء النزاعات والتفرغ للتنمية.
* أمن المرأة العربية في تقديرك هل يتحقق مع الاهتمام بالصحة والتعليم، أم من خلال حزمة عمل لسياسات اجتماعية وتشريعية؟
– يتحقق الكثير للمرأة بكل هذه الملفات مجتمعة.
* بماذا تحلمين للمرأة السودانية؟ وهل يمكن للمرأة على مستوى العالم أن تسهم في حفظ الأمن والسلم الدوليين بدلا من لدور الأمم المتحدة أو استكمالا له؟
– الأمم المتحدة مهتمة بالمرأة، وقد لمسنا ذلك من خلال وضعها لخطة الألفية للتنمية. وللمرأة قسط وافر في موضوع مناهضة الفقر، وكذلك الاهتمام بالصحة والتعليم والسكن، وبخاصة في مناطق النزاعات والحروب، حيث كانت المرأة ولا تزال في هذه المناطق ضحية للحروب في العالم، لذا فهي حريصة على حفظ الأمن والسلم الدوليين، وإسهامها بالضرورة مكمل لدور الأمم المتحدة.
* ألا تزال المرأة العربية مغيبة عن صنع القرار السياسي والاجتماعي في العالم العربي؟
– المرأة العربية ناهضة بدورها، ولها إسهامها في صنع الكثير من القرارات التي تتفاوت بين بلد وآخر، وذلك وفق نشاط المرأة في كل بلد، وحسب وعيها وثقافتها وتطلعاته.
* ما أهم المحطات السياسية والاجتماعية في حياتك؟
– أهم المحطات السياسية مشاركتي في الهم السياسي اليومي، الذي يهدف إلى استقرار وطننا السودان، ومساندتي لزوجي، السيد الرئيس عمر حسن البشير، في همه وسعيه المتواصل للنهوض بالسودان في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية كافة، وحل مشكلات ومعاناة المواطنين في كافة أنحاء السودان، واجتماعيا اعتبر أن ما أبذله من خلال «منظمة سند الخيرية» يلبي قناعتي بأن ألعب دورا ناشطا في خدمة المواطنين، ومساندا لجهود الآخرين.
* بمن تعجبين من الشخصيات السياسية والأدبية والفكرية على المستوى العربي، وأيضا داخل السودان؟
– شخصية سياسية عالمية نيلسون مانديلا، وأدبية أديبنا السوداني الراحل الطيب صالح – رحمة الله عليه وكذلك الأديب نجيب محفوظ، وداخل السودان شخصية سياسية الرئيس السوداني عمر حسن البشير.
* هل أصبحت المرأة قادرة على صناعة القرار أم كما يصفونها بأنها محدودة القدرات؟
– من يدعون ذلك مخطئون، لأن المرأة خلقها الله في أحسن تقويم، ولن يستطع أحد أن ينتقص من قدرها، وقد فشلت كل الدعاوى ومحاولات الإيحاء بنقصها. وقد أثبتت الكثير من الدراسات ارتفاع مستوى ذكائها وقوة تحملها، إضافة إلى ما نراه من قدرات فائقة لها على أرض الواقع وفى الميدان.
* كيف ترين البعد الإنساني والحضاري بين النساء من خلال حوار الحضارات؟
– المرأة في كل بقاع العالم تتأثر بما يجري وما يمس الإنسانية من ويلات ونكبات وكوارث، وتأسى لذلك وتسعى دائما لخير الإنسانية وإلى ما ينفع الناس. ومن الحوار بين الحضارات، نرى نتائج أفضل للتفاهم وتصحيح الصورة واستيعاب الآخر.
سوسن أبو حسين
الشرق الأوسط