خالد حسن كسلا : نهب «نيالا» عبر جسر التمرد!

[JUSTIFY]قبل اندلاع التمرد في إقليم دارفور ليكون بديل ضغط مستمر على الخرطوم لحرب الجنوب بعد التوقيع على اتفاق مشاكوس الاطاري، كانت مشكلة دارفور الأمنية متمثلة في أنشطة النهب المسلح والفتن القبلية التي تكون أحياناً داخل القبيلة الواحدة من حين إلى آخر.
ومدن دارفور الكبرى كان من الصعب أن تصل إليها عصابات النهب المسلح رغم قلة حجم القوات الحكومية، لكن مرحلة التمرد هناك الذي اندلع لأهداف أجنبية لأن اتفاقية السلام الشامل كانت تغني عنه تماماً، وهي الأخرى قد رعتها القوى الأجنبية صاحبة أهداف التمرد في دارفور، مرحلة التمرد هناك في دارفور من عام 2003م الى 2014م كانت جسراً طويلاً لعصابات التمرد من الأطراف الخالية من وجود شرطي وعسكري الى أعماق المدن المحاطة بحاميات العسكريين ومرتكزات الشرطة. إذن هذا التطور في عمليات النهب المسلح هو ما قدمه التمرد لأهل دارفور. إن «الموضوعيين» الذين تمردوا عن غفلة ثم عادوا بعد عودة الوعي عبر اتفاقيتي ابوجا والدوحة، وجدوا أن حالة الحرب لا يتضرر منها إلا المواطن ولا يستفيد منها إلا النظام الحاكم لأنها تجعل المواطن يتعاطف معه. ومن قبل فإن أبناء القبائل الجنوبية بأعداد كبيرة قد تعاطفوا مع حكومة الخرطوم وأصبح شمال السودان قبلة أمن وأمان لهم.. وحسبت القوى الأجنبية لهذا.. وعملت ألف حساب للقضاء على مفعول وثمار قوانين المناطق المقفولة في السابق. وبعد الاستقلال تحول الأمر بالنسبة للجنوبيين الى «قانون المناطق المفتوحة».. هكذا بحالة عكسية مما كان أيام «قانون المناطق المقفولة».
الآن في دارفور فإن المواطنين لا يجدون من المتمردين إلا الأذى.. ولا يجدون من حكومة «الاتفاقيات» في الخرطوم إلا ما يعالج قضاياهم من خلال تنفيذ هذه الاتفاقيات.
إن فكرة الحرب خدعة أجنبية انطلت على جزء عظيم من القوى السياسية السودانية وغير السياسية. فقد انخدعت قوى اليسار تماماً بها وظنت أن من خلالها ستحظى بموطئ قدم في الساحة، ما دام أنها تبقى عنصر ضغط قاسياً على الحكومة الإسلامية. وطبعاً الغباء السياسي لدى اليسار لا يمكن أن يوصله إلى حقيقة أن بديل هذه الحكومة الإسلامية بالضرورة هو حكومة إسلامية بجلد آخر مختلف.. حتى التمرد الدارفوري إذا وصل الى الحكم بأي طريق فلن يملك قرار تغيير القوانين الإسلامية خوفاً على وجوده. وهو يعلم ذلك جيداً. إن الحزب الشيوعي في فترة حكم علماني لم يقبل حكمه حتى السكارى. والآن كلما تستمر هذه الحرب في دارفور وغيرها وتحسمها الحكومة دون اتفاقيات يجد فيها بعض المعارضين بالداخل دفئاً، وتعود الأوضاع إلى المربع الأول.. مربع النهب المسلح. إنه سيبقى مربع الأزمة الأمنية الأول الذي يعود اليه بعض المسلحين حينما تنكسر شوكة التمرد.. وبعد أن انكسرت شوكة التمرد في شرق الجبل، وهي المنطقة البعيدة من المدن، فقد عادت الأزمة الأمنية هناك إلى المربع الأول.. حيث قام مسلحون بارتكاب جريمة نهب مسلح يوم الخميس الماضي في عمق نيالا وبالقرب من فرع بنك السودان هناك الذي سبق أن تعرض هو أيضاً لعملية نهب مسلح. إنها ليست عمليات تحرير أو تغيير.. بل نهب مسلح. ضد ممتلكات المواطنين. فكيف عبرت عصابات النهب المسلح كل ذاك الطريق الطويل الى عمق المدينة؟!. هل هي خلايا نائمة بداخلها؟! ان آثار التمرد تبقى مختلفة ومتنوعة على الساحة ومنها تطوير آليات وتحركات ومناطق أنشطة النهب المسلح. ولذلك اذا راحت الحكومة لتفاوض أية حركات متمردة أخرى فلا بد أن تضع ضمن محاور التفاوض محور آثار التمرد وأهمها تطوير آليات النهب المسلح. إن آليات النهب منذ ستينيات القرن الماضي كانت عبارة عن بقايا حروب خاضتها جماعات داخل تشاد، وأيضاً حرب القذافي القذرة مثله ضد تشاد البريئة.. لكنها الآن دخلت مرحلة تطور، حيث انتقلت عناصر النهب من ظهور الدواب الى ظهور سيارات اللاندكروزر ذات الدفع الرباعي التي يستعان بها في الحروب. فقد وجدت اليابان التي تصنعها سوقاً لتسويقها بكثرة لتعرضها للحرق والتدمير في السودان وغير السودان.. وفي السودان حتى في أعماق المدن الآمنة المحاطة بالقوات الحكومية.. أيامك يا النهب!![/JUSTIFY]
Exit mobile version