من ذلك الاجتماع انصرف السموأل خلف الله وزير الثقافة إلى مكتبه السابق في دار أروقة للثقافة والفنون.. عاد الشيخ السموأل إلى محراب الثقافة الذي ظل وفيا له منذ تكليفه في النصف الأول من الثمانينيات بمنصب السكرتير الثقافي في اتحاد الطلاب السودانيين في مصر.. كلما سمعت بتدشين كتاب اكتشفت أن السموأل يقف من وراء الفكرة.
لم يتركوا الرجل في سعة العمل بعيدا عن دواوين الحكومة.. نثرت الحكومة كنانتها ولم تجد أفضل من السموأل القريش لتكليفه بهيكلة الإذاعة والتلفزيون في هيئة واحدة.. قبل أن يصل السموأل إلى مكتبه كان المبنى يشهد عددا من الوقفات الاحتجاجية بسبب تأخر المستحقات المالية.. لم يتعجل الرجل في إصدار القرارات وبدأ بدراسة الملفات.. الأمر الأكثر إلحاحا بالنسبة له كان صرف حقوق العاملين المتراكمة بطرف الحكومة.
صباح أمس كان من المفترض أن يحضر السموأل خلف الله اجتماعا في مجلس الوزراء.. صباح اليوم كان من المتوقع أن يجتمع بوزير الإعلام.. نحو الثالثة ظهرا حملت وكالة (سونا) قرارا بإعفاء السموأل خلف الله القريش من منصب مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون.. بعد أن سمع القريش بالنبأ لم يفعل شيئا غير أن أغلق هواتفه ثم انصرف.. الذين كانوا يتظاهرون ضد الإدارة السابقة في حوش الإذاعة والتلفزيون شق عليهم الخبر المفاجيء.
لم اتعود في هذه الزاوية ذكر محاسن السياسيين بسبب قلتها وكثرة الساعين لهذا الشرف.. ولكن معرفتنا بالأستاذ السموأل تجعلنا نحزن لإقالته.. السموأل مثال للمثقف الواعي بقضية الثقافة.. لم يكن متعصبا في طرح معتقداته الثقافية والسياسية.. كان دائماً قريبا من الناس.. تجده على منبر المسجد إماما راتبا.. في الأمسيات يغشى منتديات الثقافة ومجالس الأنس.. يتبسط بين العامة وبتواضع بين المتخصصين.
بصراحة.. غياب السموأل عن وزارة الثقافة في موسم الترضيات الجهوية كان خطأ فادحا.. الإطاحة به الآن من منصب مدير الإذاعة والتلفزيون مهما كانت المبررات سيظل خسارة لا يمكن تعويضها.. السموأل مثقف منفتح نحو الآخر في عهد يحل فيه اتحاد الكتاب بجرة قلم.[/JUSTIFY]