يشتموننا على صفحاتنا!!

[JUSTIFY]المهندس عبد الله مسار.. وزير الإعلام السابق ورئيس لجنة النقل بالبرلمان قال أمس الأول: (قرارات الدولة زي كلام الجرايد).. والحديث في سياق انتقاده لبطء تنفيذ قرارات الدولة..
ورغم يقيني أن الزملاء الصحفيين يغضبهم مثل هذا التسفيه للسلطة الرابعة.. خاصة أن التصريحات تحت قبة البرلمان (السلطة الثالثة).. وربما يستقيظ اتحاد الصحافيين هذه المرة، ويقرر أن ينتفض لسمعة الصحافة والصحفيين؛ فيطالب النائب البرلماني باعتذار عاجل وواضح.. إلا أنني- رغم كل ذلك- أجد العذر للسيد مسار.. صحيح (نحن نستاهل)..
(كلام الجرايد) الذي يراه النائب البرلماني المحترم مثالاً لقياس درجة (التفاهة!!).. هو في الأصل كلام الحكومة.. لأن (جرائدنا) تفيض كلها بأخبار الحكومة.. وتصريحات الحكومة.. وهموم الحكومة.. وشتائم الحكومة للمعارضة.. وتهاني الحكومة للحكومة.. وانتخابات الحكومة.. واحتفالات الحكومة.. وغالب هذه الأخبار والتصريحات– والحق لله- ينطبق عليها معيار السيد النائب والوزير السابق..
أصدق الحديث هو ما يفلت من رقابة الجنان فيطفر عبر اللسان.. لأنه يكشف الصورة المخفية خلف ابتسامات المجاملة، والخطب المدبلجة (دبلجة المشاعر المزورة).. والوزير تحدث عقله الباطن من وراء ظهر عقله الحاضر.. فكشف رأيه الحقيقي– والرسمي- في الصحافة والصحفيين.
وحتى لا أظلم السيد مسار فهو ليس وحده.. يشاركه في هذا الإحساس جمهور كبير من زملائه النواب، والوزراء، والتنفيذيين، في مختلف المستويات.. وفي الحزب الكبير، وأقرانه الصغار.. هم يرون في الصحافة نقيض ما يقولونه عنها علناً.. وسبق أن وصف وزير مهم الصحفيين بأنهم (شذاذ آفاق!!).. وقبله وصف وزير (راحل) الصحافة السودانية بأنها (بائعة هوى).
في يوم الخميس 21 يوليو 2005 زارت وزير الخارجية الأمريكية– آنذاك- كونداليزا رايس الخرطوم، والتقت الرئيس عمر البشير في قصر الضيافة.. حاولت الصحافية الأميركية “أندريه ميتشل” طرح سؤال، إلا أن أحد أفراد المراسم قاطعها، ودفعها، فتدخل مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية غاضباً، وقال: (لا تلمسوا أبداً صحافيينا).
وفي الحال أصرَّت وزيرة الخارجية الأمريكية على اعتذار رسمي من الحكومة السودانية.. وفعلاً نقل إليها الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية- آنذاك- اعتذار الحكومة الرسمي.
ربما لو تعرض أحد أعضاء الوفد الأمريكي الرسمي لمثل هذه الحادثة لما أصرَّت وزير الخارجية الأمريكية على طلب الاعتذار، ولتجاوزت عن (الهفوة)، لكن الصحافة– عندهم- هي سلطة رابعة لها أنياب وأظافر.. مكتوب عليها (ممنوع الإهانة والتهوين)..
والأهم أن احترام الدول الراشدة للصحافة ليس من باب (الفضل والمنة).. بل لأن الصحافة- هناك- هي التي تفرض احترامها وتوقيرها على الجميع.. تحترمها الحكومة؛ لأنها فعلاً محترمة، وتستحق الاحترام.. فهي سلطة الشعب فوق كل سلطة.. وسبق للصحافة الأمريكية أن أجبرت الرئيس الأمريكي “نيكسون” على الخروج من البيت الأبيض قبل انتهاء ولايته.. لا لسبب سوى أنه (علم) بتجسس حزبه على مقر رئاسة اللجنة القومية؛ لمنافسه الحزب الديموقراطي، ولم يحرك ساكناً.. ثم حاول الكذب، والتستر على (الجريمة!!).
فعلاً.. (نحن نستاهل!!).[/JUSTIFY]
Exit mobile version